أتساءل أحياناً لماذا لا نرى حلولاً وسطَ في بعض القضايا التي يتداولها الناس منذ فترة وتشهد زخماً من المناقشات والمداولات. فبعض القضايا تبدو حلولها خارج حدود اللونين الأبيض والأسود وتستوعب ألوان الطيف كلها إذا صحت قراءتي للمشهد العام. مثال على ذلك؛ مسألة الزيادة السنوية للمتقاعدين التي لا يخلو مجلس أو وسيلة تواصل محلية من الحديث فيها وعنها منذ أن تم إيقافها. والسؤال هو؛ ألا يوجد مجال أن تعود الزيادة والتي كانت ٣% مرة أخرى ولكن بنسبة أقل؟ فبدلاً من الخيارين الحاليين وهما إيقافها تماماً أو عودتها كاملة، نلجأ إلى حل وسط يراعي وضع الصندوق التقاعدي المتأزم وأيضاً يضع في الحسبان معاناة فئة كبيرة من المتقاعدين الذين لسعهم ارتفاع الأسعار ومازال يثقل كاهل الكثير منهم مسؤولية الإنفاق على الأبناء حتى بعد أن كبروا. هل ممكن أن تعود الزيادة بنسبة ٢% أو حتى ١.٥%؟ أو هل ممكن أن تعود النسبة السابقة بشرط أن تكون مقننة وتذهب للفئة الأكثر احتياجاً؟

أيضاً؛ موضوع توطين الوظائف - خاصة الإدارية ذات المدخول الجيد - قد ننظر إليه بنظرة وسط لا تزعج صاحب العمل وفي نفس الوقت تسمح بدخول المواطن بشكل أسرع. فبدلاً من الإبتعاد عن تبني سياسة توطين بعض الوظائف كلياً ندقق أكثر ونبدأ في إدخال المواطن في الإدارة العليا في الشركات والمؤسسات بحيث نضمن أن كل مؤسسة وشركة فيها مواطنون في الإدارة بغض النظر عن التخصص بحد ذاته. مثلاً؛ نلزم الشركات بأن يكون لديها مواطنون بنسبة معينة في الإدارة العليا وبهذا ندفع المؤسسة لضرورة البحث عن المواطن وتأهيله ليكون من ضمن الطاقم التنفيذي. وقد يحتاج هذا الأمر مزيداً من المتابعة والتمحيص والتدقيق مع كل شركة لكن أعتقد أن المردود سيكون مقبولاً على المدى المتوسط والبعيد. لأن المشكلة ليست فقط في دخول الخريج الجديد إلى سوق العمل بل التحدي أيضاً في صعود المواطن للسلم الوظيفي في المؤسسة أو الشركة التي انضم إليها. فما الفائدة إذا دخل المواطن مؤسسة ما ولكن مع كل تغير يطال أفراد الإدارة العليا نجد التغير يذهب لغير البحريني.

هذه مجرد أمثلة وأعتقد أن العديد من القضايا والملفات التي يتم تداولها بالإمكان إيجاد حلول وسط لها بحيث يستفيد كل الأطراف.