التَّوحديُّون، يعتبرون اليوم من أكثر الفئات التي تعرضت وتتعرض للإهمال المستمر. وفوق كل هذا الإهمال والظلم، فإن هذا المصير ينسحب تماماً على الأشخاص الذين يتولون رعايتهم، وهم الأبوان وبشكل مباشر. فلا فرق بين مصير التوحديين، وبين مصير أسرهم وذويهم. فالمجهول ينتظرهم جميعاً.

إن اضطرابات طيف التوحد، وهي «الحالات التي يواجه فيها الأشخاص صعوبة في تطوير العلاقات الاجتماعية العادية، أو استخدام اللغة بشكل طبيعي، أو يعجزون عن استخدامها بشكل مطلق، ويُظهرون سلوكيات مقيَّدة أو تكرارية»، هذه الفئة وبصورة خاصة، تحتاج لرعاية خاصة ومستمرة، سواء من داخل الأسرة أو من خارجها، وعلى وجه التحديد، المراحل التي تشكل هوية الطفل التوحدي، كالتعليم ومتعلقاته، وبقية التفاصيل الأخرى التي أوردها أهل الاختصاص وهي كثيرة جداً.

في البحرين، كفل الدستور واتفاقية الأمم المتحدة التي وقعت عليها مملكة البحرين وصدرت بقانون في الصحف الرسمية في العام 2011 كافة حقوقهم. لكن، ومنذ ذلك الحين، مازالت هذه الفئة تنتظر حقوقها ومصيرها من خلال إنشاء مراكز تأهيل حكومية مختصة لاحتضان أطفال التوحد بشكل رسمي، إذ يعرف الجميع بأن غالبية مراكز التأهيل الخاصة، تشتغل بشكل تجاري بحت، بل أخذت في الآونة الأخيرة من رفع رسوم خدماتها بشكل جنوني، مما يعني مزيداً من الضغط على جيوب عوائل هذه الفئة، خاصة حين تكون هذه العوائل من ذوي الدخل المحدود!

إن مراكز التأهيل الخاصة والمختصة برعاية أطفال التوحد، بات كل همها استهداف الأموال، والربح الفاحش، والضغط على جيوب ذويهم، حتى من دون النظر إلى الأوضاع المادية القاسية التي تعيشها هذه الأسر، إضافة لغفلتها عن الجانب الإنساني من الموضوع. وفي حال لا توجد هناك معونات مباشرة لهم، كما لا توجد مراكز تأهيل حكومية لاحتوائهم وتدريبهم وتعليمهم، وأيضاً لا توجد رقابة على عمل ونشاط هذه المراكز الخاصة، فإن الوضع سيزداد سوءاً، خاصة وأن أعداد أطفال التوحد في نماء وازدياد مخيف خلال السنوات الأخيرة داخل البحرين.

نتمنى من وزارة التربية والتعليم تبنيها هذا الملف الحساس والإنساني، واحتضان هذه الفئة التي كفل حقوقها دستور مملكة البحرين في العيش الكريم والتعليم والرعاية المجانية. كما نطالب الجهات المختصة قطع أيدي بعض مراكز التأهيل التي تستهدف كل عام وبشكل جشع للغاية ميزانية الأسر التي يعاني أطفالها من هذا الاضطراب، مما تسبب هذا الأمر، من تكدس مئات الحالات في منازلهم، بسبب عدم قدرة ذويهم من الاستمرار في دفع الجزية التعليمية لمراكز لا هم لها سوى شحن الأموال لا غير.