طرح المهندس الدكتور عبدالرحمن الحميدان النجدي تساؤلاً في حسابه على موقع تويتر، وقال فيه «ينجح الوطن أكثر.. إذا ما تميز في مجال معين.. وتخصص فيه وأعطاه جل اهتماماته لتنميته وتطويره وتوسع فيه جملة وتفصيلاً.. وجعله قبلة شعوب المنطقة والعالم.. يؤدي لها خدمات وأعمال ناجحة وراقية ومثمرة بتفوق.. فماذا يصلح للبحرين؟ هل مركز مال أو جامعات أو علاج أو زراعة لؤلؤ أو سياحة عائلية..أم ماذا؟».

وهي بالطبع تساؤلات وطنية تحاول إيجاد أفضل السبل لكي ترتقي بمملكتنا الغالية، ولكني أجد نفسي مدفوعاً لمشاركة دكتورنا العزيز في هذا التساؤل، بأن الدول لا تنجح أو تصلح بأداة فردية وحيدة، وإنما بتضافر جميع هذه الأدوات وتنوع إسهاماتها في خلق المعادلة والتركيبة الصحيحة لتحقيق التفاعل الفيزيائي والكيميائي المرجو.

فلا يمكن للتعليم بمفرده أن يكون هو عامل النجاح للدول، على الرغم من أنه أحد ركائز بناء الأمم وحضارتها، فلا يعد العلم مفيداً إلا بإحداث نتائج منه عن طريق العمل، وهذا ما حدث في دول اهتمت بالتعليم مثل ماليزيا وسنغافورة ثم انطلقت بعد ذلك لخلق الصناعات والاستثمارت مستندة في ذلك على العلم باعتباره بنية تحتية.

ولا يمكن للصحة دون العلم أن تخلق استثمارات في دولة، فكيف يستقيم الأمر بإنشاء مؤسسات صحية تعتمد على أطباء وعلماء أجانب سيأتي عليهم يوم ويرحلون إلى بلدانهم ويتركونا قبل أن ننتج علماء يثرون البحث العلمي في مجالات الطب والدواء وأبحاث حماية صحة الإنسان الذي هو محور استدامة الأوطان.

ولا نستطيع إقامة مركز مالي أو تجاري بدون عقول متعلمة ومتمتعة بصحة بدنية سليمة، ولا بواسطة ما نتملكه من ثروات نفطية أو معدنية أخرى، فكثيرة هي الدول التي تمتلك هذه الثروات لكنها تغرق في بحور الجهل وانعدام التخطيط المبني على العلم، ولعل أبرز مثال على ذلك هو اليابان التي لا تمتلك أي ثروات طبيعية، إلا عقول البشر المتعلم فيها. ولن تكون الدولة سياحية وقبلة للبشر إلا إذا تمتعت بمقومات السياحة سواء آثار أو فنادق وشواطئ وخدمات سياحية تنافسية وحسن ضيافة وشعب متعلم يعرف قيمة السياحة وأثرها على مدخوله، ومؤسسات حكومية وخاصة تتكاتف لجعل البلد محبوباً لدى السائح.

خلاصة القول إن أي من تلك الأمور السابق ذكرها، لن تنفرد بتنمية الدولة وتطوير اقتصادها، وربما يكون لأحدها النسبة الأكبر، لكن الدول لا تستديم باستثمار واحد ولا تنجح إلا بتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الفردي على أي مصدر ليكون عصب الدخل. وللحديث بقية.

* قبطان - رئيس تحرير جريدة الديلي تربيون الإنجليزية