من المتعارف عليه في قيادة الدول وحسن إدارتها هو حنكة القائد وقدرته على تلمس احتياجات المواطنين وخلق قنوات تواصل مباشرة وغير مباشرة بينه كمسؤول أول، وبين أصحاب المصلحة من هذه المسؤولية.

فلا جدل بأن كل قرار يصدر من السلطة التنفيذية للدولة يعود أثره على شريحة واسعة من المواطنين، وتتعاظم تلك الشرائح بحسب كل قضية والقرارات التي تصدر بشأنها، وكذلك أثرها غير المباشر على أطراف أخرى في المجتمع مثل تعطل خريج وأثر ذلك على أسرته بالكامل، وعلى ردود أفعاله مع الأصدقاء والجيران والمؤسسات الحكومية والاقتصادية وغيرها.

وكلما استطاع المسؤول الأول الغوص في مشكلات الناس والاطلاع عليها وتلمسها بأنامله، كان قادراً على إنتاج قرار يتسم بالواقعية والتأثير الشامل والناجع في حل المشكلة من جذورها، ولذلك وجب على المسؤول أن يتابع ويرصد بنفسه ليتخذ القرار الأصوب.

وهذا ما نراه اليوم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، الذي يغوص بنفسه في ملفات المواطن اليومية ويستشعر ما يحتاجه الناس ويستلزم إصدار القرار السريع والحكيم بما يقضي على المشكلة من جذورها، ولعل قضية المناهج التعليمية هي أقرب وأبرز مثال على هذا النهج الحكيم من سموه.

فالمشكلة برزت خلال 48 ساعة بشكاوى فردية، ثم تلتها شخصيات مجتمعية ومنظمات مجتمع مدني، وكانت نهايتها في جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي، حين طالب بعض النواب -فقط- بإصدار بيان بشأن ما حدث، وللحقيقة فلم يكن لديهم طموح يتجاوز هذا البيان، لكن لم تمضِ ساعتان على هذا الطلب ليتفاجأ الجميع بقرار سموه السريع والقاطع بمراجعة المناهج التي تم تغييرها.

ولو حسبنا سرعة القرار بعد آخر تفاعل حول القضية، لاستطعنا القول بأن سمو ولي العهد رئيس الوزراء، كان متابعاً لأحداث جلسة النواب بنفسه، ويبدو أنه يحرص على متابعة ما يتطرق إليه نواب الشعب من قضايا الناس أولاً بأول، وذلك لأن القرار لم يأخذ وقتاً لنقله إلى سموه وإصدار تقرير بشأنه من الجهة المختصة بذلك ورصد احتمالات إصدار القرار، وهذا كله يؤكد على مبدأ «الغوص» الذي تحدثت عنه.

نعم لدينا قيادة تنفيذية فريدة تغوص في مشكلات الوطن وتصل إلى أيادي المواطنين المرفوعة لتطمئنهم باتصال حسّي مباشر لا يحتاج لوقت طويل انتظاراً للحل، وأتوقع مزيداً من القرارات التي ستحدث تحولات كبيرة في معضلة البطالة التي تؤرق كل بيت في البحرين تقريباً، لأن لدينا غواصاً في بحر الوطن، يحبه ويحفظ لأبنائه كرامتهم.

* قبطان - رئيس تحرير جريدة ديلي تربيون الإنجليزية