عندما يأتي من يقول إنه «لا نية لدى الحكومة أن تفعل كذا أو كذا» فاعلم أنه لا يعرف ما يقول، وليس لديه ما ينفع، وأنه «يخبص»، ذلك أن مثل هذا القول يدخل في باب قراءة النوايا، وليس من عاقل يمكن أن يأخذ به خصوصاً، وأن القائل هنا لا ينتمي إلى الحكومة ولا يعرف ماذا تعمل ولا كيف تعمل ولا معلومات لديه عن خططها، وبالتالي لا يمكنه أن يعرف نواياها.

مثل هذا القول يصدر يومياً عبر العديد من وسائل الإعلام والتواصل، بمناسبة ومن دون مناسبة، من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة وفي ثورة» وكأنهم يصرون على فضح أنفسهم والتأكيد على أنه ليس لديهم ما يقولونه وأنهم «يخبصون».

عن قراءة النوايا قرأت ذات مرة لكاتب خليجي ما ملخصه أن «صدور الناس تخفي في بواطنها نوايا وأسراراً وخفايا لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى فكيف بمن يقرأ نوايا الآخرين حسب مزاجه وتوقعاته؟» وأن «النوايا من الأمور الغَيبية التي لا يعلمها إلا علام الغيوب» وعبر عن دهشته من تنصيب البعض أنفسهم حكاماً على نوايا الناس، ولفت إلى قول ابن القيم «والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله، فكيف يتسلط على نيّات الخلق»؟

هذا الأمر يختلف بالطبع عن قول الجهات المعنية بالأمن في الحكومات بأنها ألقت القبض على مجموعة كانت «تنوي» القيام بعمل تخريبي، فهذه الجهات لا تستخدم هذا التعبير إلا بعد أن يتوفر لديها ما يكفي من أدلة وبراهين على أنه كان يتم التحضير بالفعل لعمل كهذا، بمعنى أنه لو لم يتوفر لديها ما يثبت صحة اعتقادها لما أقدمت على مثل هذا القول، أي إنها لا تعتمد أسلوب قراءة النوايا لأنها تعرف أن النوايا غير المقترنة بأفعال لا قيمة لها في القانون.

قراءة النوايا في كل حين تعبير عن الضعف والجهل وإعلان عن جهل القائل وأنه «يخبص تخبيصاً».