الجديد الذي خرج به أمين عام «حزب الله» اللبناني على العالم أخيراً هو تفسيره لكل أمر على أنه «جزء من معركة الأمة مع التطبيع»، فما حصل لذاك السياسي أو المحرض أو المسيء للحكم الذي تم إلقاء القبض عليه في هذه البلاد أو تلك حصل لأن التطبيع مع إسرائيل يستوجب ذلك وأن ما قاله أو فعله أو دعا إليه «يؤثر» على إسرائيل وعلى علاقة البلاد التي هو فيها معها حتى لو أنه لم يذكر شيئاً عن التطبيع ولم يتحدث بسوء عن العلاقات الجديدة في المنطقة! ففي نظر حسن نصر الله وحزبه أن كل ما يتعرض له المتجاوز على الحكومة في بلاده هو بسبب أنها اعتقدت أن ما قاله أو فعله أو دعا إليه ربما يسيء إلى إسرائيل أو يضايقها أو يزعلها!

بضاعة جديدة تسعى هذه الميليشيا إلى الترويج لها وبيعها على العامة ترمي إلى إشاعة أن الدول التي اختارت السلام مع إسرائيل أملاً في إيجاد حل للقضية الفلسطينية وجعل الفلسطينيين يعيشون في هذه الدنيا كما ينبغي لهم أن يعيشوا وكما يعيش الآخرون ويتمتعون بها تحولت اليوم إلى مدافع شرس عن مصالح إسرائيل وأنها وصلت حداً لا تستطيع معه السكوت عن أي قول أو فعل قد يضايق صديقها الجديد، وهذا أمر أقل ما يقال عنه إنه مضحك ومثير للسخرية لأن هذه الدول أعلنت وملتزمة في كل حين بالقضية الفلسطينية ولا تزال تعتبرها وستستمر في إيمانها بأنها القضية المركزية التي من دون إيجاد حل لها لا يمكن أن يحل السلام ولا تذوق المنطقة طعم الاستقرار.

معاقبة أي متجاوز للقانون في هذه البلاد أو غيرها سببه أنه خالف القانون وتجاوز حدوده وحريته التي تنتهي عند حرية الآخرين ولا يمكن منطقاً وعقلاً أن يكون له علاقة بإسرائيل، فهذه الدول لم تأتِ بإسرائيل وتنساها وهي ليست مسؤولة عنها ولا معنية بها إلا في الحدود التي تستوجبها العلاقات الدولية ويستوجبها القانون.