نشرت صحيفة «الوطن» في عدد أمس ملفاً اهتم بالحديث عن ظاهرة «التنمر» وتزايد وتيرتها، بسبب تعدد الوسائط التي يمكن ممارسة هذا الفعل المريض عبرها، وبالأخص وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن أكثر ما يقلق أولياء الأمور هو تعرض أبنائهم لـ«التنمر»، وخاصة إن حصل هذا الأمر في المدارس وضمن احتكاكهم بزملائهم وأقرانهم.

«التنمر في المدارس» عملية مزعجة، لأنك ببساطة لا تعرف ما يمر به أبناؤك بالضبط، وقد تحصل هذه الأمور بعيدا عن أعين الهيئة الإدارية والتعليمية، وإن لم يقم الطالب المعرض للتنمر بالتبليغ عما تعرض له، وقرر السكوت، فإن المسألة قد تصبح أخطر وقد تتفاقم وتصل إلى مستويات أكثر خطورة، تتضمن اتخاذ الطالب قرارا بالدفاع عن نفسه وبالتالي تدخل طرق وأساليب مرفوضة هنا، أو يقرر الاستكانة مجبرا فيتحول حينها ضحية لمستوى أكبر من التنمر.

أعرف تماما أن المدارس تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على الطلبة، سواء أكانت مدارس حكومية أم خاصة، وذلك لأن الأبناء «أمانة» لدى المدرسة منذ دخولهم حرمها حتى خروجهم منها، وأولياء الأمور لديهم يقين وقناعة بأن أبناءهم في أمان، لأن المؤسسات التعليمية في العالم بأسره ترفع شعار «التربية» أولا قبل التعليم.

بالتالي فإن ذهاب ابنك للدراسة يعني أنه ذاهب إلى مكان يفترض أنه «مقدس» من ناحية الحفاظ عليه وتعليمه الأخلاق والسلوكات الإيجابية، وبعد ذلك ينهل من العلم الذي يفيده في حياته.

هناك حالات للتنمر في المدارس، هذا واقع لا مناص منه، لكن الفارق هنا في الإجراءات التي تتخذ من قبل المدارس حال وقوفهم على الحالات التي تتعرض للتنمر، وكيف تتعامل مع هذه الحالات.

هنا يوجد خط رفيع فاصل بين التعامل الصحيح مع المشكلة وبين تركها لتتفاقم، والوضع الأخير مرتبط بـ«نسبة الاهتمام» بالمشكلة، وهل تُرى على أنها حالة يجب التعامل معها بجدية أو «حادثة» يمكن إنهاؤها باتخاذ إجراء إداري، أو تنبيه ولي أمر المتنمر حتى يساهم في حل المشكلة وضبط سلوكات ابنه.

الخطورة هنا لو حصلت حالات بأن يتم التعامل معها وكأنها حالات عادية، والأخطر ألا يتم تبليغ ولي أمر الضحية المتعرضة للتنمر، وهنا تكبر المشكلة ويصعب احتواؤها مستقبلا، لأن التأثير النفسي سيكون بلغ مستوى متقدما لدى المتعرض للتنمر، والأدهى أن المتنمر سيظن أنه لا يوجد رادع لما يفعله، وأن فعله عادي جدا، وسيواصل سلوكه الخاطئ، وقد يتمادى ليتحول إلى شخص خطير ومؤذٍ إما بالفعل أو القول.

هذه ظاهرة يجب التعامل معها بجدية، وهناك حالات كان «تساهل» المدارس في التعامل معها سببا في إخراج أولياء الأمور أبناءهم منها، وفي انتشار الأحاديث في المجتمع عن «الإهمال» لديها بما يضعف ثقة الناس فيها.

من تعرض أبناؤه للتنمر سيفهم أبعاد كل كلمة كتبت هنا، ومن لم يحصل على تعامل صحيح من قبل الجهات المسؤولة قد يزيد ما كتبناه بشكل عام بتجارب شخصية قد تستجلب إجراءات جادة لفرض تحمل المسؤولية تجاه أبناء الناس.

خلاصة القول، هذه الظاهرة «خطيرة جدا» ولا ينبغي السكوت عنها أو إخفاؤها أو تهوينها، لأي سبب كان؛ فأبناء الناس أمانة.