لدى بعض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي- ولا أحب أن أقول عنهم بالمشاهير أو بالمؤثرين- دائرة تسمى بـ«دائرة الضوء»، وهي تعتمد على عدد المتابعين والمتفاعلين معهم، حيث تكبر هذه الدائرة ويزداد توهجها مع زيادة عدد المتابعين.

ومع التقدم في العمر أو تكرار الطرح يفقد هؤلاء حجم الاهتمام وتسليط الضوء من قبل المجتمع، فيلجؤون إلى أسلوب واحد يشترك فيه هؤلاء الفارغون من المحتوى وهو «الحريجة» الترند، ومعنى ذلك هو أن يقوم أو تقوم هذه الشخصية بإحداث حدث يلفت الانتباه ويجذب أكبر عدد من المتابعين، فتجد هذا يذل طفلاً وهذي تخرج مفاتنها وذاك يختلق قصة من عدم ولكل شخص منهم طريقة لإحداث ضجة ولفت الانتباه مهما كان الثمن.

عند هؤلاء الترند في المقام الأول ولا يهم إن كلف الأمر هدف ثقافة مجتمع أو تشويهاً لسمعة بلد أو إهانة كرامة إنسان فكل ذلك لا يهم، المهم هو العودة للقمة، القمة المزيفة التي يعيشونها والتي هي في الأصل سقوط في الحضيض.

إحدى الشخصيات الجدلية على مستوى الخليج وبعد أن فقدت الحضور الإعلامي والانتباه ربطت اسمها مع أكثر الشخصيات شهرة على مستوى العالم «كريستيانو رونالدو»، فادعت وجود اتصال بينها وبينه، فقط لتجد ذلك الترند، ضاربة بعرض الحائط أن سلوكها المشين سيكون مثالاً عند الكثير ممن يبحثون عن فرصة للشهرة، وكمْ من هؤلاء سيتخذ الكذب والحيلة وسيلة لإثارة الفضول وصناعة محتوى فارغ.

تصرفات ولهفة البعض خلف الشهرة لا يقتصر أثرها على سلوكيات الأفراد والمجتمع بل يتجاوز مراحل أكبر وأعظم ليهدم عمل سنوات لمؤسسات ودول. فمجرد شائعة وكذبة يتفاخر بها بعض الجهلة عن قصد أو دون قصد تكون كافية لتشويه سمعة عمل سنوات طويلة، سنوات تعمل بلادنا بمختلف مؤسساتها المالية والاقتصادية لتصنع ذلك الاسم المميز على مستوى المنطقة، لتخرج كذبة تضرب جهد كل هذه السنوات والعمل من أجل الترند!

قبل أن نطالب الجهات المختصة بالدولة أن تضع ضوابط وإجراءات رادعة لكل من تصدر منه أفعالٌ وتصرفات تمس سلامة المجتمع والدولة يجب علينا كمجتمع أن نعترف بحقيقة أن نحن من شجع هؤلاء على هذه الأفعال والتصرفات، فلولا اهتمامنا ومتابعتنا لكل ترند يتصدر من هؤلاء لما تشجع أحد للبحث عن سبب لإشعال فتنة أو حريجة.