يتبين من الكوارث الطبيعية التي حدثت في كل من المغرب وليبيا ومن قبل في سوريا وتركيا أن أهم الأخطار التي سيواجهها العالم في القرن الواحد والعشرين هي كوارث ناتجة كما يقول علماء الفلك عن التغيرات المناخية وما ارتفاع درجة الحرارة حتى في الدول ذات الطقس البارد في الصيف مثل الدول الأوروبية إلا دليل على ذلك ولقد أصبحت التغيرات المناخية وآثارها المحتملة هي الشغل الشاغل لدى دول العالم خلال السنوات الأخيرة تعقد المؤتمرات العالمية من أجلها، لاسيما بعد أن غدت واقعاً ملموساً يعاني منه كل إنسان في هذا العالم، فلا تعوقها حدود جغرافية أو سياسية، ولا تقل خطراً عن الحروب والنزاعات المسلحة. إن تغير المناخ يُعد أخطر نتائج العبث الإنساني بالبيئة فالأنشطة البشرية المتنامية وما نتج عنها من تدمير للبيئة أحدثت خلل التغير المناخي والتأثيرات السلبية التي نجمت عن هذا الخلل، من تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي، وارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجي، إلى الجفاف، وندرة المياه، وحرائق الغابات، والأعاصير.

وعلى الرغم من أن هناك أسباباً طبيعية في تغير المناخ لا دخل للإنسان بها، مثل التغيرات في الدورة الشمسية والتغيرات في دورة المياه في المحيط، إلا أن الإنسان هو المتهم الأول في حدوث خلل التغير المناخي، وتشمل أمثلة ذلك انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان، والتي تنتج، على سبيل المثال، عن استخدام البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني، وقد أشارت «IPCC» إلى أن الأنشطة الصناعية رفعت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من 280 جزءاً في المليون إلى 400 جزء في المليون خلال الخمسين عاماً الماضية.

وما حدث في درنه الليبية التي اختفى منها ما يقارب من نصف مساحتها تحت البحر وما تسببت به من وفاة الآلاف من البشر إلا إنذار مبكر أن على جميع الدول دون استثناء عليها أن تأخذ بالإعداد لخطط الطوارئ لمواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية والتدريب عليها وأصبح من الأهمية إنشاء المراصد الفلكية لمثل هذه الظواهر الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير للتنبؤ بها قبل حدوثها وإجراء البحوث العلمية في مثل هذا المجال والاهتمام بالقضايا التي تهم البشر وعدم الانشغال بالقضايا السياسية كما حدث في ليبيا حيث بها حكومتان والانقسامات والصراعات السياسية فيما بينها التي ساهمت بشكل مباشر تأخذ الاهتمام الأكبر على حساب حياة شعبهم.

وعلى مدار نصف القرن الماضي، أدى التغير المناخي إلى تفاقم التفاوت بين دول العالم، إذ عرقل النمو في الدول الأكثر فقراً، بينما ساهم بدرجة كبيرة في زيادة معدلات الرفاهية لدى بعض الدول الأكثر ثراء.. وكشفت دراسة حديثة عن أن الفجوة بين الدول الأشد فقراً وتلك الأكثر ثراء تزيد الآن بنسبة 25% عما كانت ستصبح عليه لو لم تشهد الأرض ظاهرة التغير المناخي، وما ينتج عنها من ارتفاع لدرجة حرارة الكوكب.