إلى الذي فكر في قرار فصل ثلاثين بحرينياً من الشركة؛ هل تعلم أن الشركة برمتها وجودها ضرورة استراتيجية هامة للبحرين، وبسببها نغض الطرف عن خسائرها كشركة تجارية ونتغاضى عن كلفة تشغيلها المالية العالية؟ وذلك أن كل دولة بحاجة لشركة طيران وطنية لا تضعها تحت هيمنة شركات الطيران الأجنبية وتضعها كموقع استراتيجي متصل بالعالم، لهذا تتحمّل الدول خسائر شركات الطيران.

لذا فإن كان قرارك بفصل هذه المجموعة قراراً يتعلّق بتقليص النفقات أو قراراً يتعلّق بأداء هذه المجموعة المهني، فإن ذلك القرار يخصّ شركة تجارية مستقبلها رهن بالربح والخسارة، إنما ذلك ليس الواقع وأنت تعرف ذلك. بدليل أن قرارك برعاية سباق «الفورمولا1» وهو قرار «استراتيجي» نقبله كذلك، وقد تكلفت من أجله الشركة 14.3 مليون دينار بخمس مناقصات لرعاية السباق، وهي مناقصات طرحتها الشركة في ديسمبر 2022، وفازت بها طيران الخليج في مجلس المناقصات يناير 2023، لأنه قرار له بُعد استراتيجي رغم كلفته العالية.

دعم سباق «الفورمولا1» ليس قراراً ربحياً كما هو قرار وجود الشركة أصلاً، فقرار رعاية السباق قرار استراتيجي كونه نقطة جذب سياحية وترويجية للدولة، وقبلنا ذلك، ومن أجل هذه الأهداف الاستراتيجية الكبيرة لا ننظر لتلك المبالغ على أنها خسائر ضائعة، لذا فإنه من المؤسف أن تعرف أن كلفة رواتب هذه المجموعة التي فصلتها قد تصل في أعلى افتراض لها مليون دينار سنوياً فقط، وهو مبلغ قد لا يغطي نفقات البوفيه في المنصة الرئيسة!! ومع ذلك اتخذته ونفذته بطريقة دراماتيكية غريبة، إن صَحَّ ما جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده النواب مع المجموعة التي فُصِلت «قرار الفصل قدّمه رجل أمن وممرضة معها كرسي متحرك ينتقل من مكتب إلى مكتب يُبلغ الموظف أو الموظفة، حتى إذا لم تحمله قدماه من صدمة الخبر سيوضع على الكرسي ويُرسل خارج الشركة»!! «أموت وأعرف مَن المخرج؟».

فهل كان لقرارك أي بُعد استراتيجي؟ مع الأسف لا.

إنك خلقت بلبلة وسخطاً لم يكن لهما داعٍ أبداً في ظروف اقتصادية وأمنية صعبة تحتاج فيها البحرين لاستقرار اجتماعي من أجل ضمان المرور بأقل الخسائر «الاستراتيجية» في هذه الفترة.

توفير مليون دينار لن ينقذ الشركة لكنه سيضرّ أمن الدولة وموقف الرأي العام من الحكومة، وسينسف جهوداً كبيرة تبذلها الحكومة في مواقع أُخرى تحاول من خلالها عمل المستحيل من أجل أن تمر البحرين من عنق الزجاجة، وقد تحتاج إلى اتخاذ إجراءات أكثر قسوة فلا تزيد مهمتها صعوبة وتعقد لها الأمور أكثر.

المتضرّر من هذا القرار ليس المجموعة المفصولة فقط، بل المتضرر هم الجميع، الحكومة، والدولة معها.

يؤسفنا كذلك أن نقول إن ما حدث بعد ذلك من توريط لوزير العمل في قصة «رجعناهم.. لا لم نرجعهم.. القصة انتهت.. لا لم تنتهِ»، كأن المعالجة أُعميت بدلاً من أن تُكحل.

ختاماً، كلُّنا إخوة وفي مركب واحد ونجاتنا هدف للجميع، كان اجتهاداً خاطئاً نتمنى أن يُصحَّح بهدوء وبعودة المفصولين والاعتذار لهم عن الطريقة التي تمت بها عملية الفصل حتى لا توجد خاسر من بيننا.. فالتراجع عن الخطأ من شيم الكبار.