طوفان الأقصى كان كفيلاً بأن يكشف المعايير غير الواضحة وغير المفهومة للبعض، والتي جعلت المتلقي أو المستقبل في حيرة من أمره!! فأيهما يصدق؛ ما تعلّم وفطن عليه أو ما تراه عيناه.. فأي المعايير هي الصح؟!!

فهذا الخلل أو الازدواجية لا تنطبق على مستوى أفراد وحسب، وإنما يمكن أن تكون على مستوى منظمات، شركات، مؤسسات وحتى دول، وكي لا أطيل عليكم سوف أدخل لكم في صلب الموضوع مباشرة.

فأشهر موقع تجاري إلكتروني صيني، والمعروف عنه بساحق أموال وعقول النساء، أعلن بالأمس القريب دعمه لفئة «القوس قزحيين» الأمر الذي دفع بأهل نكران الباطل إلى أن يقاطعوه وبشدة. واليوم يعلن تضامنه مع القضية الفلسطينية صراحة، ويلغي تعاقداته مع المؤثرين الإسرائيليين على برامج التواصل الاجتماعي لنجد أن من قاطعه بالأمس عاد ليتعامل معه اليوم وبشدة معللين أنه يجب عدم المقارنة بين سبب المقاطعة وسبب العودة.

وبعض الأمثلة الإضافية التي تفسر ازدواجية المعايير، أن أحد رجال الأمن والذي ينتمي إلى إحدى الدول الأوروبية والمعروف عنها بالمستوى العالي من حرية المنطق والفكر والتصرف والكلام والتعبير، طلب من أحد مواطنيها الأصليين أن يقتلع العلم الفلسطيني من على سطح بيته، معللاً أن منظر العلم يمكن أن يستفز الجيران والمارة!!!

ودولة أخرى لديها كل ما تملك من قوانين لحماية حقوق الحيوانات وتدين كل من يقترف أي جُرمٍ ولو صغير بهم، في المقابل كانت من أولى الدول التي وقعت في مجلس الأمن أن لإسرائيل الحق في أن تدافع عن نفسها بكافة السُبل الإجرامية.

ومثال مُفجع آخر، أنه اعتدنا على تصريحات رئيس حزب ميليشياتي يندد ويهدد بأن الطريق إلى القدس ليس ببعيد وأن حزبه يملك الصواريخ التي ستصل قلب تل أبيب.. ولكن الواقع يقول إنه منذ طوفان الأقصى لم نسمع له تصريحاً واحداً عبر الشاشات!!!!

والأمثلة كثر.

أهي ازدواجية في المعايير حقاً أم إنها المعنى اللطيف لمصطلح «الخلل في المعايير» أم إنها المصطلح الأكثر لطافة لمبدأ تحقيق المصالح بأية معايير!!