ليس هناك أي حد يمكن أن نضعه أمام بحور الأفكار والمبادرات التي تغزو أفكارنا بين الحين والآخر، والتي لا ترتبط بزمن معين أو بمساحات محددة من الحياة، فطبيعة الإنسان المُحب للخير الذي يعيش بسلامه الداخلي، وطاقته الخلاقة المُتصلة بالكون الجميل، يُحب أن يُبادر ليكون ضمن قافلة المُبدعين الذين يُقدمون للمجتمع أجمل المشروعات والمُبادرات التي تُعطي للآخرين طاقة إيجابية بنّاءة في عمل الخير ومساعدة الآخرين.

وهذا ما تسعى إليه المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية التي تسير وفق استراتيجية مُبدعة في تأسيس المشروعات وإطلاق المُبادرات المجتمعية التي ترسم للمجتمع ملامح مفتوحة في عمل الخير وإشراك الأفراد في تبنّي الأفكار الإنسانية الرائدة.

لقد حرصت المؤسسة ومنذ سنوات طويلة على أن تكون المؤسسة الرائدة في العمل الخيري والإنساني، وعلى أن توسع مجالات عملها الإنساني والاجتماعي، وأن تُشرك المجتمع في برامجها المختلفة، لذا فقد واصلت العطاء الإنساني والاجتماعي هذا العام بإطلاقها مُبادرة جديدة للمجتمع بعنوان «مسابقة حكايتي» والتي تسلط الأضواء على قصص النجاح والكفاح المجتمعي لأفراد تحدوا الصعاب وكافحوا من أجل الوصول إلى نجاحاتهم وأثرهم الخالد في المجتمع.

وتهدف المسابقة إلى إبراز قدوات مجتمعية ناجحة في مجال الكفاح ومواجهة تحديات الحياة، وإلى نشر ثقافة العطاء والأثر الإيجابي في المجتمع، وإلى تشجيع الأفراد على كتابة قصص نجاحاتهم وتوثيقها لتعليمها للأجيال المُتعاقبة.

ولعل المبادرة المجتمعية للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية تخرج في سياق جديد هذا العام من خلال تبني الحكايات الفريدة والناجحة في الحياة لمختلف الأعمار، وهو مبدأ اجتماعي تربوي أصيل يُجسّد مدى حرص المؤسسة على أن تكون رمزاً للعطاء الاجتماعي وتقف جنباً إلى جنب مع المجتمع ومع مختلف مؤسساته لتؤدي دورها التربوي الواعد في إبراز قدوات لها الشأن المجتمعي الكبير في المجتمع، وهذا ما يؤكد عليه ويشجع على إبرازه وتقديره سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب الذي يحرص دائماً على أن يكون الداعم الأول لمبادرات المؤسسة في المجتمع، وما مشروع حملة «فينا خير» إلا أحد النماذج الرائدة ضمن سلسلة المبادرات الجميلة التي شجّع عليها سموه، فحكاية سموه مع المؤسسة وإنجازاته المتعددة حكاية جميلة في العطاء.

إن «مسابقة حكايتي» هي دعوة مجتمعية مفتوحة للمجتمع لكي يوثق أي تجربة حياتية مرت بسنوات الكفاح والتحدي وحققت إنجازات العطاء والتميز في وطننا العزيز، فهناك بلاشك حكايات لم يشهدها المجتمع ولم يتم توثيقها إعلامياً، نحتاج لتكون اليوم بين أيدينا لكي نبرزها، ونسجل أحداثها في سجلات العطاء التي ستحرص المؤسسة لتكون مرجعاً وطنياً وتربوياً واجتماعياً وإعلامياً للأجيال.

مسابقة تفتح الأبواب واسعاً لكي ينقل البعض عن الآخر تجربة كفاحه الحياتي، عجز صاحب التجربة أن يسطر مواقفه، ليكون صاحبه دليلاً وشاهداً على تفوقه الذي يجب أن يبرز للمجتمع.

إن المؤسسة الملكية لم تضع حداً ما لأي تطور أو إبداع في مسيرتها بدعم وثقة من أمينها العام سعادة د. مصطفى السيد الذي يقود الركب مع رفاقه من المُبدعين في المؤسسة لتنفيذ الرؤى الملكية السامية لتكون المؤسسة شريكاً أساسياً للنجاح في المجتمع.

لذا فإن مسيرة «حكايتي» ستتوّج كعادة المؤسسة سنوياً بتنظيم المنتدى السنوي (السابع) الذي سيحمل شعار «حكايتي» باستعراض القصص الملهمة في العطاء والتحدي وإبراز الحكايات الفائزة في المسابقة، وهو منتدى تحرص المؤسسة على أن يكون منتدى مجتمعياً شاملاً بحضور مختلف مؤسسات المجتمع الحكومية والخاصة وطلبة المدارس والمُختصين وأصحاب الرأي والإعلاميين، فهو منتدى أسميناه بمنتدى «الرأي المجتمعي» حيث تحرص المؤسسة على إشراك المجتمع في صنع برامجها ولكي يكون المجتمع قريباً من برامجها الإنسانية الاجتماعية المختلفة، فهي الشراكة المجتمعية التي ننشدها.

شكراً لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه الرئيس الفخري للمؤسسة الذي أسس «صدقة جارية» للخير في حياة مديدة بإذن الله تعالى في رعاية العمل الإنساني، لمؤسسة أضحت اليوم «ميدان خير وبناء» يتوارثه الأجيال لقادة الخير والإبداع في المجتمع، فكل من يعمل في المؤسسة يشعر بأنه في بيت «العطاء الإنساني والمجتمعي».

ومضة أمل

لا يقف الإبداع عند حد معين، ولكن في الوقت ذاته يحتاج قامات متجددة ومُخلصة ومُنجزة مُحبة للخير والتحدي، تعطي بلا مقابل، وتبتسم في أصعب الظروف، وتحرص على أن ترسم لوحاتها الجميلة في كل لحظة من عمر أعمالها.