تظهر الفرحة على وجهي وأنا أرى الاهتمام الكبير الذي توليه مملكة البحرين للاستثمار في الشباب، لاسيما أن شريحة الشباب هي التي تمثل النسبة العظمى من سكان البحرين، وهم بإذن الله من سيحملون لواء القيادة في المستقبل القريب.

اهتمام ملحوظ مقدم من قبل جميع قطاعات المجتمع البحريني، فأينما تلتفت ترى برامج مقدمة للشباب لاحتوائهم وتزويد مهاراتهم ودعهمهم، فما بين الأنشطة الصيفية سواء عبر المراكز التدريبية أو من خلال مدينة الشباب، بالإضافة إلى المراكز الشبابية التي تشرف عليها وزارة الشباب والمنتشرة في كل أرجاء البحرين، مروراً بالحراك الرياضي الشبابي الذي تميز بشكل كبير بسبب الدعم اللامحدود من قبل سمو الشيخ ناصر بن حمد وسمو الشيخ خالد بن حمد، بالإضافة إلى الاهتمام الكبير بدعم مهارات الشباب ومشاريعهم الاقتصادية وما يقوم به صندوق العمل "تمكين" من دعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والسياسات الحكومية الرامية إلى دعم الشباب في جميع المجالات، وصولاً عند دور المنظمات الأهلية التي تساهم بشكل فعال في دمج الشباب في المجتمع وتزويدهم بمختلف المهارات والمعارف الضرورية لتهيئتهم للانخراط في سوق العمل، بالإضافة إلى تنمية مهاراتهم الشخصية لكي يكونوا مساهمين فعالين في تنمية وطنهم، نستطيع أن نجزم بأن هناك "إجماع على تهيئة الشباب والاستثمار فيهم".

الاستثمار في الشباب واجب وطني، وهي مسؤولية الجميع دونما استثناء، فالوالدان مسؤولان عن تنشأة أبنائهما تنشئة صالحة، بالإضافة إلى أن وزارة التربية مسؤولة عن توصيل المعلومات التي تهيء النشء للانخراط في المجتمع وتشكل لهم الأطر العلمية والعملية اللازمة ليكونوا مواطنين صالحين، بالإضافة إلى أهمية وجود برنامج عمل حكومي متكامل يهدف إلى صياغة استراتيجيات للشباب، بالإضافة كذلك إلى دور القطاع الاقتصادي والأهلي في دعم جميع المبادرات المتعلقة بتنمية قدرات الشباب.

في رأيي المتواضع أن برمجة عقول الشباب والاستثمار فيهم من الأمور المهمة جداً والقابلة للتطبيق في المجتمع البحريني الذي يولي أهمية كبيرة للشباب، على الرغم من أنها بحاجة إلى آليات محددة وبعض من الوقت إلا أنها "ممكنة"، ولربما التصاقي المستمر بالشباب سواء في الجامعات أو من خلال عملي كمدربة، يجعلني أؤمن بأن الشباب البحريني يمتاز بالحماس وحب المعرفة، والنهم إلى "العطاء"، وأنه مستعد لتحمل المسؤولية متى ما منحت له الفرصة، فالشاب البحريني لا يرضى ولا يقبل إلا التميز والتفوق، ولكنني لاحظت بالرغم من كل المميزات التي ذكرتها سابقاً بأن الشباب مستعد وينتظر التوجيه!! ولكن للأسف تغيب عنه الاستراتيجية، ويجهل الطريق، لانعدام الرؤية.

تحدثني "ماريه" وهي إحدى الشابات البحرينيات التي تخرجت مؤخراً بتفوق من المرحلة الثانوية وتقول لي "أريد أن أخدم وطني بعلمي، ولكني أجهل استراتيجية سوق العمل للأعوام المقبلة، مما ينعكس على عدم قدرتي على اختيار التخصص المناسب للدراسة، تقول: لا أريد علماً لا يخدم الوطن، ولا أريد أن أكون رقماً في صفوف العاطلين عن العمل وأشكل حملاً عليه"

كلام "ماريه" أثار في بالي تساؤلات عديدة متعلقة بمجال الاستثمار في الشباب، هل هناك استراتيجية معلنة للشباب؟ كيف يستطيع الشاب أن يكون جزءاً من هذه الاستراتيجية؟ كيف للشاب أن يقدم مقترحاته بالنسبة لهذه الاستراتيجية؟ ما هو المطلوب من الشباب البحريني خلال 5 سنوات المقبلة؟ ما هي استراتيجية سوق العمل بالنسبة للشباب خلال الخمس سنوات القادمة؟ وما هي استراتيجية دعم المشاريع الصغيرة بالنسبة للشباب بالنسبة للخمس سنوات المقبلة؟؟ والسؤال الأهم الذي يدور في بالي وفي بال العديد من أولياء الأمور هو كيف أربي أبنائي وأبرمجهم على توجهات مستقبلية معينة وأنا أجهل الاستراتيجية؟؟

متى ما كانت الرؤية واضحة، ومعلنة، ومحددة، سينطلق الشباب البحريني وسيحققون أفضل الإنجازات على كافة المستويات، ولكن ما يوقفهم الآن هم أنهم ينتظرون من يدلهم على الدرب وعلى الهدف، وهذا ما يجعل الكثير منهم يدورون في حلقات مفرغة.