القطاع الثالث بوجه عام مصطلح مرادف للقطاع غير الربحي، وهو القطاع الذي يكمل قطاع الأعمال «الخاص» والقطاع الحكومي «العام»، وقد شهد القطاع الثالث في منطقتنا العربية تحولات ونقلات نوعية بأن جعلته ركنًا من أركان التنمية مشاركًا القطاعين العام والخاص. وهو كذلك مجموع المنظمات التي لا تهدف للربح، المرخصة قانونيًا والمنشأة لتحقيق أثر مجتمعي إيجابي. وللقطاع الثالث عدة مسميات عالمية أبرزها: القطاع غير الربحي – القطاع المستقل – القطاع الخيري – القطاع التنموي – القطاع التطوعي – القطاع غير الحكومي – المجتمع المدني – القطاع الأهلي – قطاع الاقتصاد الاجتماعي – جمعيات النفع العام – القطاع المعفى من الضرائب. ويعرف كذلك حسب تعريف مكتب القطاع الثالث في المملكة المتحدة على أنه: «المنظمات غير الحكومية، التي تحركها القيمة، وتعيد استثمار فوائضها بشكل أساسي لتحقيق أهداف اجتماعية أو بيئية أو ثقافية أخرى، ويشمل القطاع: المنظمات التطوعية والمجتمعية، والجمعيات الخيرية، والمؤسسات الاجتماعية، والتعاونيات المشتركة، ويعادل القطاع الثالث في هذا المفهوم الاقتصاد الاجتماعي».

وللقطاع الثالث أهمية عظيمة إذ أنه يساهم في دفع حركة التنمية في مختلف المجالات، فكما بينت سابقا يعد القطاع الثالث مكملًا لمهام ومسؤوليات القطاع العام الحكومي ومتكاملا مع القطاع الخاص الربحي في جميع عمليات التنمية. ومن أبرز نقاط القوة في القطاع الثالث هي قدرة القطاع على الوصول إلى المتطوعين، وقد وضع دليل منظمة العمل الدولية آلية لقياس العمل التطوعي عبر مشروع جامعة جون هوبكنز المقارن للمؤسسات غير الربحية بجمع البيانات لتسليط الضوء على النطاق الهائل من القوى العاملة في هذا القطاع لإثارة الاهتمام الواسع بهذا في النظام الإحصائي الدولي كما ذُكِر ذلك في تقرير القطاع الثالث الصادر عن مركز جون هوبكنز لدراسات المجتمع المدني والذي ترجمه المركز الدولي للأبحاث والدراسات «مداد».

ومن الإحصاءات الهامة والملفتة في هذا الباب هي نسبة المتطوعين في القطاع الثالث - الذين يتطوعون بما يعادل دواما كاملا - من القوى العاملة في القطاع الثالث في هذه الدول: بلجيكا 37% - أمريكا 49% - نيوزيلاندا 50% - فرنسا 41% - البرتغال 49%.

والقطاع الثالث له مساهمة في الناتج المحلي للدول، وله عدة منهجيات في قياس ذلك، ولعل من التجارب والنماذج العالمية في هذا المجال النموذج البلجيكي حيث قدرت مساهمة القطاع الثالث في الاقتصاد بنحو 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي بناء على تقارير وإحصاءات العام 2017م، ونموذج آخر هو مساهمة القطاع في المملكة المتحدة في الاقتصاد حيث بلغ قرابة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي حسب إحصاءات العام 2019م. وللقطاع مساهمة كبيرة من حيث التوظيف حيث في بلجيكا مثلا ما يقرب من 19% من إجمالي القوى العاملة هم في القطاع الثالث وفي الولايات المتحدة الأمريكية وصلت النسبة إلى 17% وفي نويزيلاندا 12.3% وفي فرنسا 11.3% وفي البرتغال 9.6%.