تتطلب عملية حل مشاكلنا الاجتماعية الكبرى رأس المال الخاص، إذ تقدر الأمم المتحدة أن هناك حاجة إلى 3.9 تريليون دولار سنوياً من الآن وحتى عام 2030 من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أن العمل الخيري والتمويل الحكومي لا يكفيان وحدهما لتلبية هذه الاحتياجات وسيتطلب الأمر 2.5 تريليون دولار إضافية سنوياً لسد الفجوة.

الوقت الحالي هو وقت حاسم بالنسبة لمجال الاستثمار الاجتماعي: نظراً إلى أن المزيد من المستثمرين يهتمون باستكشاف الاستثمار الاجتماعي، ولقد حان الوقت الآن لكي يكون المستثمرون الجدد والحاليون مفكرين وهادفين ويقظين في تحديد ما يقصدونه بمصطلح (الأثر الاجتماعي).

وحول مفهوم الاستثمار الاجتماعي أنقل عن الدكتور عبد الوهاب الزهراني بأنه الاستثمار ذو الأثر وهي استثمارات يتم إجراؤها بهدف توليد تأثير اجتماعي وبيئي إيجابي وقابل للقياس إلى جانب عائد مادي. يمكن إجراء استثمارات التأثير في كل من الأسواق الناشئة والمتطورة، واستهداف مجموعة من العائدات بأقل من سعر السوق إلى سعر السوق، وهذا يتوقف على الأهداف الاستراتيجية للمستثمرين. ويوفر سوق الاستثمار الاجتماعي المتنامي رأس المال لمواجهة أكثر تحديات العالم إلحاحا في قطاعات مثل الزراعة المستدامة والطاقة المتجددة والتمويل الأصغر والخدمات الأساسية بأسعار معقولة ويمكن المساهمة في القضايا الاجتماعية بما في ذلك الإسكان والرعاية الصحية والتعليم.

ومؤخرا أصدرت مؤسسة السبيعي الخيرية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة دراسة (الاستثمار الاجتماعي في القطاع غير الربحي) للباحثة الدكتورة أماني الشهري، وهي دراسة متميزة وحديثة تناولت أبعاداً عدة متعلقة بالاستثمار الاجتماعي وأنصح جميع المهتمين في هذا الموضوع بالاطلاع عليها والاستفادة منها، وقد عرضت الدراسة العديد من النماذج لمشروعات واقعية وناجحة في هذا المجال. وقد خلصت الباحثة إلى عدد من التوصيات لعلي أذكر أحدها وهي في ظني أهمها فقد أوصت الباحثة بتهيئة البيئة التشريعية وذلك بتحديث الأنظمة ذات العلاقة ووضع استثناءات فيها لمؤسسات القطاع غير الربحي بما يسهم في تحفيز المؤسسات ورجال الأعمال، لإحداث أثر إيجابي في المجتمع يسهم في رفع مستوى القطاع غير الربحي في التنمية الاجتماعية.

في نفس هذا الشأن اطلعت مؤخراً على وثيقة رائعة لمخرجات ورشة عمل (أصحاب المصلحة للاستثمار الاجتماعي) والتي نفذها المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي في الرياض، حيث تهدف إلى تطوير وإعداد وتمكين العاملين في مجال الاستثمار الاجتماعي وقد شارك فيها ممثلين من القطاعات الثلاث الحكومي والخاص وغير الربحي، مثل هذه الفعاليات تساهم وبشكل نوعي في تحديد الأولويات والتوجهات في مجال الاستثمار الاجتماعي والاستفادة من أبرز التجارب العالمية في هذا الشأن.