أثارت الحرب الروسية - الأوكرانية سؤالاً محورياً بات يشغل بال المخططين الاستراتيجيين، وكبار المفكرين والساسة في الغرب، من ضمن أسئلة عديدة أخرى، يدور حول مآلات النظام الدولي الذي سيطرت عليها الولايات المتحدة الأمريكية، منذ سقوط الاتحاد السوفياتي في 1991.
ومن بين الذين تحدثوا عن ذلك بوضوح وصراحة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: فالعالم – في نظره- مقبل على مرحلة تراجع للهيمنة الغربية الكاملة على العالم، والتي استمرت منذ القرن الـ18 وحتى اليوم. وإذا كانت القوى الأوروبية التقليدية «خاصة فرنسا وبريطانيا» قد انتهت عملياً، كقوى استعمارية منذ أكثر من نصف قرن على الأقل، فإن الولايات المتحدة الأمريكية التي تربعت على سيادة العالم منفردة لأكثر من ثلاثة عقود، فإنها اليوم، تواجه بداية تراجع في قدرتها الهيمنية الكاملة، بالرغم من أنها وضعت العراقيل في طريق بروز أي قوى منافسة لها. فكان عليها أن تختطف القرار الأممي، فصبغت القانون الدولي بصبغة أمريكية، وأصبحت الشرعية الدولية مجرد صدى لصوتها ولمصلحتها. إلا أنها، وبعد الإخفاق في العراق وأفغانستان وفي سائر الملفات الدولية الرئيسية، اضطرت إلى ابتلاع تهديداتها لروسيا وإيران ولكوريا الشمالية، وإلى القبول بالتفاهمات المؤقتة على شاكلة الاتفاق النووي مع إيران الذي وافقت عليه، ثم خرجت منه، وها هي تهم بالعودة إليه.
وقد انعكست تلك الإخفاقات السياسية والعسكرية الخارجية على المشهد الأمريكي الداخلي، وأمست الطبقة السياسية محاصرة، أكثر من أي وقت مضى، بجملة من الأسئلة المحرجة حول حروبها وغزواتها وانسحاباتها، وتخبطاتها في القضايا الدولية، والتي جعلتها شبه عاجزة عن سد الفراغ الذي تركه سقوط الاتحاد السوفياتي، بالاعتماد المتزايد على القوة العسكرية في السياسة الخارجية والفشل في وضع أسس عادلة ومستقرة لنظام دولي محكوم برؤية يقبل بها العالم.
ولذلك نشهد حالياً تراجعاً في هيمنتها وفي تأثيرها السِّحري، رغم ازدياد حضورها العسكري، بسبب عدم امتلاك أية رؤية لقيادة العالم. ففي الوقت الذي تتحرك فيه الأساطيل الأمريكية في كل مكان تقريباً، يتراجع السِّحر الأمريكي في أرجاء العالم، ويزداد حجم العداء لها، لأن هيمنتها المتراجعة ليست مبنية على ثقافة مثل ثقافة الأنوار الأوروبية أو ثقافة الأممية الإسلامية أو تنويعات الثقافة الكونفوشيوسية وإنما على القوة وإثارة النزاعات لإخفاء المشكلات الحقيقية التي خلقها نظام الجشع الرأسمالي والاستقطاب السياسي الداخلي. ولذلك لن تكون قادرة على ضمان استمرار الهيمنة التي بدأ العالم يتجاوزها ويتحداها..
إن أمريكا سوف تبقى قوة عظمى ولاشك، ولكنها لن تكون منفردة بهذه القوة. تلك حقيقة بات يدركها عدد متزايد من المفكرين في الغرب. وهي أن التاريخ بدأ يتحرك في أماكن أخرى: في روسيا والصين والهند والبرازيل، وفي أوروبا الموحدة التي بدأت تتحسس طريقها نحو الاستقلال عن الهيمنة الأمريكية. إنه فصل جديد من دورة التاريخ.
{{ article.visit_count }}
ومن بين الذين تحدثوا عن ذلك بوضوح وصراحة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: فالعالم – في نظره- مقبل على مرحلة تراجع للهيمنة الغربية الكاملة على العالم، والتي استمرت منذ القرن الـ18 وحتى اليوم. وإذا كانت القوى الأوروبية التقليدية «خاصة فرنسا وبريطانيا» قد انتهت عملياً، كقوى استعمارية منذ أكثر من نصف قرن على الأقل، فإن الولايات المتحدة الأمريكية التي تربعت على سيادة العالم منفردة لأكثر من ثلاثة عقود، فإنها اليوم، تواجه بداية تراجع في قدرتها الهيمنية الكاملة، بالرغم من أنها وضعت العراقيل في طريق بروز أي قوى منافسة لها. فكان عليها أن تختطف القرار الأممي، فصبغت القانون الدولي بصبغة أمريكية، وأصبحت الشرعية الدولية مجرد صدى لصوتها ولمصلحتها. إلا أنها، وبعد الإخفاق في العراق وأفغانستان وفي سائر الملفات الدولية الرئيسية، اضطرت إلى ابتلاع تهديداتها لروسيا وإيران ولكوريا الشمالية، وإلى القبول بالتفاهمات المؤقتة على شاكلة الاتفاق النووي مع إيران الذي وافقت عليه، ثم خرجت منه، وها هي تهم بالعودة إليه.
وقد انعكست تلك الإخفاقات السياسية والعسكرية الخارجية على المشهد الأمريكي الداخلي، وأمست الطبقة السياسية محاصرة، أكثر من أي وقت مضى، بجملة من الأسئلة المحرجة حول حروبها وغزواتها وانسحاباتها، وتخبطاتها في القضايا الدولية، والتي جعلتها شبه عاجزة عن سد الفراغ الذي تركه سقوط الاتحاد السوفياتي، بالاعتماد المتزايد على القوة العسكرية في السياسة الخارجية والفشل في وضع أسس عادلة ومستقرة لنظام دولي محكوم برؤية يقبل بها العالم.
ولذلك نشهد حالياً تراجعاً في هيمنتها وفي تأثيرها السِّحري، رغم ازدياد حضورها العسكري، بسبب عدم امتلاك أية رؤية لقيادة العالم. ففي الوقت الذي تتحرك فيه الأساطيل الأمريكية في كل مكان تقريباً، يتراجع السِّحر الأمريكي في أرجاء العالم، ويزداد حجم العداء لها، لأن هيمنتها المتراجعة ليست مبنية على ثقافة مثل ثقافة الأنوار الأوروبية أو ثقافة الأممية الإسلامية أو تنويعات الثقافة الكونفوشيوسية وإنما على القوة وإثارة النزاعات لإخفاء المشكلات الحقيقية التي خلقها نظام الجشع الرأسمالي والاستقطاب السياسي الداخلي. ولذلك لن تكون قادرة على ضمان استمرار الهيمنة التي بدأ العالم يتجاوزها ويتحداها..
إن أمريكا سوف تبقى قوة عظمى ولاشك، ولكنها لن تكون منفردة بهذه القوة. تلك حقيقة بات يدركها عدد متزايد من المفكرين في الغرب. وهي أن التاريخ بدأ يتحرك في أماكن أخرى: في روسيا والصين والهند والبرازيل، وفي أوروبا الموحدة التي بدأت تتحسس طريقها نحو الاستقلال عن الهيمنة الأمريكية. إنه فصل جديد من دورة التاريخ.