خلُصت دراسة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي لوجود تبايُن بين الجنسين بنسبة 78% للذكور مقابل 22% للإناث في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات. هذا التبايُن ليس فقط عنصر تحدٍ للقوى العاملة، لكنه يعكس قضية شديدة الحساسية تتخطى أي مواقع العمل لتنسحب آثارها السلبية على المجتمع برمته.

لاشك في حصول الإناث بمعظم المجتمعات على دعم وتشجيع للانخراط بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة وتطوير مهاراتهم الرقمية في سن مبكرة مقارنة بالماضي، إنما يبقى الأهم هو دعم الإناث خلال انتقالهن من التعليم العالي إلى وظائف دائمة بمجال التكنولوجيا. ففي ظل انتشار الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته بحياتنا اليومية مع غياب قوة عاملة تكنولوجية تعكس بدقة تركيبة المجتمع، فإن القرارات المستندة للذكاء الاصطناعي هي واقعاً مقيّدة بالتحيّز المجتمعي والثقافي المحدود لمصمّميها. وقد سبق أن لاحظ العلماء تأثير ذلك في قرارات الذكاء الاصطناعي كالتحيّز في أتمتة تطبيقات بطاقات الائتمان والرهن العقاري وما شابه. وحسب موقع TechTalks فقد أجرى معهد تورينغ أبحاثاً أوضحت أن الإناث يتخلّفن وراء الذكور ذوي المهارات المتصلة بالصناعة كعلوم الكمبيوتر والحوسبة وقواعد البيانات وإعداد البيانات والاستكشاف والبيانات الضخمة والتعلم الآلي والإحصاءات وماشاكل. ويُعزى ذلك لا لنقص المهارات إنما ثقة الإناث في إبراز هذه القدرات أثناء التوظيف وفي مواقع العمل. فمثلاً، بقطاع التكنولوجيا، تتمتع الإناث بمستويات أعلى من التعليم الرسمي مقارنة بنظرائهن الذكور، لكن المؤشرات تدلل على وجود نقص بالثقة في مشاركة المعرفة الأكاديمية. فقد وجد معهد تورينغ أن 20% فقط من بيانات المملكة المتحدة وباحثي الذكاء الاصطناعي على الباحث العلمي من Google هم من الإناث، ومن ضمن 45 باحثاً مع أكثر من 10,000 اقتباس كان هناك خمس إناث فقط. تشجيع الإناث لا يقتصر فقط على خلق التنوع داخل الصناعة لتحقيق قدر أكبر من التوازن بين الجنسين، بل تمتد إلى الفوائد المجتمعية. فمع رقمنة العديد من القطاعات التقليدية، يتطلب الذكاء الاصطناعي توفير الكفاءة وتكافؤ الفرص والشمولية أيضاً. فمن خلال توسيع مجموعة المواهب يُمكن تجنب القرارات المبنيّة على البيانات المتحيّزة لتقود لإنشاء مجتمعات تُعزز المشاركة والأصوات المتنوعة. التحيّز في الذكاء الاصطناعي يبدأ بالصياغة الأولية للمشكلات لتصميم الخوارزميات، وهي متصلة دون شك بخبرات المصممين والمطوّرين مما ينعكس على ماهيّة البيانات وجودتها وأساليب معالجتها ومن ثم على التأثير المجتمعي، فتجربة المستخدم «UX» للإناث لن تكون حدسيّة في ظل نقص المدخلات الكافية في مرحلة التصميم، حيث سيكون بمثابة تمييز اقتصادي يؤدي لتوزيع الموارد المجتمعية بشكل غير عادل فيؤثر على التعليم والتوظيف والرعاية الصحية والأمن والسلامة، فتفقد الإناث إمكانات اتخاذ القرار عند تمكينها من ذلك. وبما أن حياتنا أصبحت مدفوعة رقمياً، فيتعيّن ضمان تمتع الإناث بمزايا التكنولوجيا للأجيال القادمة لتجنب تأثرها السلبي.