رفضوا كون السوشيال ميديا باباً للإفتاء..

استشارات عامة لا تعطي حلولاً واقعية لتفرّد كل حالة عن الأخرى


أكد محامون أن الاستشارات القانونية التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي كان لها تأثير سلبي على عمل المكاتب والاستشارات المتخصّصة، ولفتوا إلى أن تلك الاستشارات لا تعطي نتائج أو حلولاً واقعية لاختلاف كل واقعة عن الأخرى ولا يتحمّل صاحبها مسؤولية الخطأ.



وأوضح رئيس جمعية المحامين المحامي حسن بديوي، أن الاستشارات القانونية التي تُبث عبر وسائل التواصل يُمكن أن تُفيد السائل في بعض المعلومات العامة، وتتميّز بمجانية الحصول على المعلومة، إلا أنها تظلّ خارج نطاق الإجابة العلمية والمادة العلمية، ووصفها بالازدواجية؛ حيث تقدِّم معلومة وتروِّج للمحامي في نفس الوقت.

ولفت بديوي إلى طبيعة الاستشارة القانونية باعتبارها تأتي ضمن إطار السرّية بين المحامي والعميل، وتُحمّل المحامي للمسؤولية المهنية في حال أخطأ بإعطاء معلومة غير صحيحة، مشيراً إلى أن كلّ قضية تحتاج من المحامي لبحث معمّق ودراسة واطلاع على الأوراق والمستندات، وسماع كافة الأطراف وحضور الجلسات للرّد على دفوع الخصوم، بينما تأتي إجابات السوشيال ميديا سطحية.

وشدّد رئيس جمعية المحامين على دور المسؤولية في التصريح بالمعلومة أو الاستشارة، مبيّناً أن الجمعية أكدت على أخلاقيات المهنة بأن تكون الاستشارة مبنيّة على أصول علمية وقانونية وخبرة وأحكام المحاكم ومبادئ محكمة التمييز ودراسة؛ وأن يكون المحامي الذي أدلى بها مسؤولاً عنها ويُعاقب بجزاءات إذا تضمّنت خطأ جسيماً، وقال: «لا يجوز أن يكون السوشيال باباً للإفتاء».

من جانبه، خفض المحامي مراد الأحمد من التأثير الحاصل بسبب تلك الاستشارات القانونية على استشارات المكاتب، ووضعها ضمن نسبة 10%، وأرجع السّبب في ذلك إلى نسبة المحامين المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي مُقارنة مع إجمالي المحامين العاملين، وقال إن عدد هؤلاء يتراوح ما بين 40-50 محامياً من أصل 1200 زميل مشتغل ومجاز أمام محكمة التمييز.

وأكد الأحمد على التزام الغالبية العظمي بتعليمات جمعية المحامين بضرورة الحرص على أخلاقيات المهنة ومكانتها، منبّهاً إلى ارتفاع نسبة الخطأ في تلك الاستشارات العامة وعدم قدرتها على إجابة المتقاضين بكافة تفاصيل دعاواهم، وقال إن التأثير المرئي أصبح كبيراً على الموكّلين حتى إن كثيراً منهم يظنّون الخبرة العالية في محامي السوشيال ميديا بغير واقع ملموس في المحاكم، فيظهر المحامي المتحدث في السوشيال ميديا على أنه متميّز ولديه الخبرة الكافية لحلّ كافة الإشكاليات على خلاف الحقيقة.

وفي رأيه، أكد المحامي أحمد الدوسري على قصور استشارات السوشيال ميديا، في إعطاء طالبها كافة تفاصيل ما يحتاجه لرفع الدعوى والحصول على حكم لصالحه، لكنه أشار إلى انخفاض الاستشارات المكتبية بنسبة كبيرة تتجاوز 50%، وقال إن بعض المحامين لجؤوا لتخفيض أسعار الاستشارات، حيث يتمّ احتساب الكلفة بالزمن المُستقطَع من وقت المكتب وحجم المعلومات التي يحصُل عليها الموكل.

ولفت الدوسري إلى ظاهرة جديدة لبعض الموكلين الذي يلجأ لمكتب المحاماة للحصول على استشارة قانونية، ثم يقوم برفع الدعوى بنفسه أمام المحكمة، إلا أن ذلك يأتي عادة بنتائج عكسية، لأن المحامي في بداية الاطّلاع على الملف يقوم بإعطاء استشارات مبدئية، ويتدرّج الأمر بعد ذلك أثناء جلسات المحاكم، بينما الموكّل لن يتمكّن من الرّد على دفوع الخصوم أو إيصال المحكمة لقناعة قانونية مثلما يفعل المتخصّصون من أهل المهنة.

وفي السياق ذاته، نوّهت عضو مجلس إدارة جمعية المحامين المحامية فداء عبدالله إلى بيان الجمعية بشأن مُخالفات بعض المحامين وتلقّي مجلس الإدارة لعدد من الشكاوى المتعلّقة بإساءة استعمال مواقع التواصل الاجتماعي والإعلان المباشر والترويج للخدمات التي تقدِّمها بعض مكاتب المحاماة.

وقالت، إن الجمعية أكدت على ضرورة التزام المحامين بما نص عليه القانون وتجنُّب القيام بكل عمل ينال من شرف مهنة المحاماة أو تقاليدها أو الحطّ من قدرها، وضرورة الالتزام بمبدأ المنافسة المتكافئة والابتعاد عن التسويق المُباشر لخدمات مكاتب المحاماة.

وأشارت إلى أن المحامين يبذلون جهوداً كبيرة في الاستشارات القانونية بالمكاتب، حيث يطّلع المحامي على كافة التفاصيل الدقيقة للقضية وأبعادها، ويردّ على جميع أسئلة الموكّل، وقالت: «جاءني موكل يحمل ورقتين بهما مجموعة كبيرة من الأسئلة يريد الإجابة عليها، وهو ما لا تتيحه استشارات السوشيال ميديا».