يتم الحديث دائماً عن عقوق الأبناء، ويظل عقوق «الآباء» أحد أمراض المجتمع المخفية لعدم رغبة المجتمع بالاعتراف بها، فعند سماع كلمة «عقوق» ينصرف الذهن مباشرة إلى عقوق الأبناء للآباء والأمهات، إلا أن كثيراً من الناس لا يعلمون أن هناك نوعاً آخر من العقوق في العلاقة بين الآباء والأبناء، وهو عقوق الآباء للأبناء، وللأبناء على الآباء كثير من الحقوق إذا ما وفوا بها كانوا بارين بأبنائهم وإذا أخلوا بها كانوا عاقين لهم أيضاً، وحقوق الأبناء على الآباء أكثر في عددها من الحقوق التي للآباء على الأبناء، فإذا كانت حقوق الآباء على الأبناء تبدأ من وقت إدراك الأبناء وتمييزهم بين البر والعقوق، وإذا كانت مؤاخذة الشرع للأبناء تبدأ من وقت بلوغهم الحلم، وهو وقت طويل بعد ولادتهم، فإن حقوق الأبناء على الآباء تبدأ قبل وجودهم إلى الحياة، حيث تبدأ حقوق الأبناء على الآباء من بداية التفكير في الزواج وبناء الأسرة.

ويتمثل عقوق الوالدين تجاه الأبناء في عدم الوفاء بالحقوق الشرعية في الرعاية والتربية والتنشئة، وتختلف وتتطور أشكال العقوق بتطور حركة وواقع الحياة وتغير معطيات الحياة وأشكال الواجبات والحقوق المستحقة بين الوالدين والأبناء وطبيعة الحال يختلف الأثر الناتج عن العقوق بطبيعة وشكل هذا العقوق، ولكن بشكل عام يمكننا حصر عدد من النتائج العامة متكررة الحدوث لعقوق الوالدين للأبناء، في تفكك البناء الأسري والاجتماعي للمجتمع ونمو معدلات الانحراف والجريمة، وضعف الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع.

ومن ثم، فإن على الآباء أن يحرصوا على بر أبنائهم إن أرادوا أن يبرهم أبناؤهم، ولا يُتوقع بر من أبناء تُركوا بلا تربية ولا تعليم ولا توجيه ولا مراقبة. فيا أيها الآباء بروا أبناءكم يبروكم، فإن عققتموهم فلا تستعجبوا عقوقهم، فكما تدين تدان، وضعوا نُصب أعينكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته».



وفي هذا الملف نتطرق لهذه المشكلة بجوانبها الدينية والقانونية، النفسية والتربوية.

وأكدت المحامية نور الشويخ أن البحرين موقعة عام ١٩٩٢ على اتفاقية حقوق الطفل وفي ظل هذه الاتفاقية أي شخص لم يبلغ سن ١٨ فهو طفل ويمتاز بحقوق عدة تختلف عن الشخص الاعتيادي كما أن المملكة أنشأت «مركز حماية الطفل»، الذي يعمل على حماية الأطفال حتى سن 18 عاماً المتعرضين للعنف الأسري أو المجتمعي، ويقدم الخدمات النفسية والاجتماعية والقانونية. وقالت: «هذه القضايا يكون تركيز عليها بشكل أكبر والتدقيق عليها سواء في التحقيقات أو النيابة العامة كما أن النيابة العامة أنشأت نيابة الطفل وهي تختص بنظر قضايا الأطفال فقط وذلك كونه الطرف الأضعف دوماً وغالباً تكون جلسات هذه النوع من القضايا سرية للحفاظ على الطفل ومخافة عليه من المستقبل.

وذكرت أن هناك حالة قامت فيها الطفلة برفع دعوى على والدتها بسبب تعرضها للضرب والتعنيف، لكن بعدها قام الأب بطلب التنازل عن القضية المنظورة أمام المحكمة وبقبول من الطفلة بسحب الدعوى عن الأم.

وأضافت: «بالنسبة للقوانين فهي كافية ولكن الخلل في تطبيق القانون ليس القانون ذاته، فهناك شرح مفصل لحماية الطفل من العنف الأسري لكن نحن بحاجة إلى ندوات ومحاضرات تثقيف فيما يخص كيفية التعامل مع الأطفال فهي موجودة لكن بعدد قليل جداً وبالنسبة للقوانين نحن بحاجة لتطبيق القانون بشكل صحيح ومن أهمها كيفية التعامل مع هذه القضايا التي يكون فيها الطفل هو طرف في القضية وكيفية الحفاظ على سرية القضية وعمل موقع خاص لحصر هذه القضايا وعدم إعطاء أية شخص معلومات عن هذه القضايا أو التشهير بها مخافة على الحالة النفسية للطفل».

وأردفت: «لا يوجد مفهوم قانوني محدد وصريح بعقوق الآباء للأبناء، لكن هناك أمور كثيرة تم ذكرها فيما يخص هذا الأمر ومثال عليها، العدل بين الأطفال وتسمية اسم الطفل يجب أن لايتم تسميته باسم فيه مكروه أو محرم فديننا الإسلامي شرح بالتفصيل هذا الأمر فيما يخص عقوق الآباء للأبناء ونستذكر عدة نقاط منها وأهمها، العدل بين الأطفال، تسمية الطفل بأسماء مكروهة، نشأتهم نشأة صحيحة على دين محدد، الإنفاق على الأبناء.