عائشة حمد أحمد البوعينين – مدرب تربوي وكوتش أخصائي سعادة ومرشد أسري




كثيراً ما يتردد مفهوم التنافس والخسارة مؤخراً حيث يتزامن هذا الوقت مع عرس البحرين الانتخابي، حيث أصبح هذا الموضوع محور الحديث لكل جلسة أو تجمع عائلي. ومن الطبيعي أن يكون أطفالنا بجوارنا يسمعون أحاديثنا ويتعلمون منا، فالطفل يتعلم من الأفعال والتصرفات. فلا الأقوال ولا الأوامر تؤثر في سلوكه.


ومن هنا تبرز لنا أهمية تعليم أطفالنا هذين المفهومين من خلال ربطهما بالواقع الذي يعيشونه، فلو فكرنا في مشكلة التنافس بين الأطفال سنلاحظ أنها حالة صحية لهم حيث ستحفزهم على بذل أقصى جهد وستساعدهم على اكتشاف قدراتهم، لكن المبالغة والإفراط في الشعور بالتنافس هو المشكلة لأننا سنحرم أطفالنا من اللحظات الجميلة التي تحدث بحياتهم بسبب التركيز على فكرة الفوز دون الشعور بالإنجاز مما سينعكس سلباً على صحتهم النفسية.

وطبعاً الحياة تحمل في طياتها الكثير من التجارب التي تتأرجح بين كفتي الفوز والخسارة، ولهذا يجب أن يكون هدفنا تعليم أطفالنا التنافسية لكن بشكل متوازن من خلال مساعدتهم على الاستمتاع بأفعالهم وليس نتائج الفعل.

فعلى سبيل المثال نحسب معهم عدد مرات اللعب وليس عدد مرات الفوز. أيضاً من المهم أن نعلمهم فكرة الإتقان في العمل وأنه يجب عليهم تقديم أفضل ما لديهم لأنهم يقدمونه بحب ولا ينتظرون رأي الناس بهم. مصداقاً للحديث النبوي «إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ».

ومن الضروري مدح المجهود الذي يقوم به الطفل والسلوكيات التي يقوم بها خلال تسابقه مع الآخرين حتى لو لم يفز فهدفنا الأساسي تطوير مهارات الطفل، ويمكننا استغلال الموقف بتوجيه الملاحظات على نحو إيجابي لكي يتفاداها في المرات التالية. كذلك سلوكياتنا كأولياء أمور لابد من توظيفها بطريقة تخدم تعليم وتنمية مواهب أطفالنا مع الحرص بأننا ننقل كل مشاعرنا لهم على نحو تلقائي.

الرغبة الدائمة بتحويل كل شيء لمنافسة تعد شعوراً طبيعياً لكل طفل، وهنا يأتي دورنا كأولياء أمور في تنظيم هذه الرغبات من خلال تدريب أطفالنا على مفهومي الفوز والخسارة باتباع هذه المجموعة من التوجيهات:

1. كونوا قدوة لأطفالكم حتى في وقت اللعب لا تعودوهم على فكرة أنهم يفوزون دائماً وأنتم الذي يخسر؛ فبسبب هذه الطريقة تبالغون في حمايتهم فينعكس في ذهن الطفل أنه شخص يفوز دائماً مما سيؤثر ذلك عليه خارج البيت.

2. في حال خسارة طفلك في أي مسابقة أو لعبة سانده في شعور الحزن بسبب الخسارة ثم ساعده على تجاوز هذا الحزن من خلال تذكر مراحل اللعبة الممتعة والدروس التي تعلمها منها.

3. احرص على عدم وجود المقارنة لطفلك بأحد آخر في اللعب وابتعد كل البعد عن التعليقات التي تجعل من الطفل يفقد الدافعية والحماس تجاه المسابقات مثل «خسرت لأنك طفل».

4. التجربة والمحاولة من أهم الأمور التي تساعد على بناء ثقة الطفل بنفسه، ففي كل مرة يتقدم خطوة لابد أن يحظى بالتشجيع والتذكير بالتطور الذي يحصل له كل مرة.

همسة أس

في هذه الهمسة أود أن أنقل لكم قصة حصلت لي شخصياً حيث حضرت مسابقة في إحدى المدارس وعند إعلان النتائج شاهدت ردات فعل الطالبات التي لفتت انتباهي، فالطالبة التي فازت بالمركز الأول لم تسعها الأرض من شدة فرحتها، وهذا هو الشعور الطبيعي، أما التي فازت بالمركز الثاني كانت تبكي وغير راضية بالنتيجة على عكس التي حصلت على المركز الثالث كانت صامتة ولم تعلق سوى أن قالت هذه تجربة وتعلمت منها كيف أفوز في المرة التالية. تساءلت في نفسي ما الذي تربت عليه هذه الفتاة ليكون ردها على نتيجة المسابقة بذلك الأسلوب؟