سامح بدوي




انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح «القيادة التربوية الرشيقة» وتناولته الدراسات التربوية والإدارية في العديد من المؤسسات والمراكز البحثية، وهو في الواقع يعد مصطلح إداري في غاية الأهمية، لأنه يصف المعني الحقيقي للإدارة الفاعلة القادرة على تسيير العمل وفق مضامين وطرائق علمية تستند لنظريات إدارة جيدة، كما أنه يعني وجود قائد تربوي متمكن من أداء مهامه الإدارية معتمداً على تمكين المرؤوسين من الإدارة وفق آليات وقواعد منظومة العمل، بحيث نقلل من الممارسات الإدارية الخاطئة التي تستنزف الكثير من الإمكانات المادية والبشرية، ونصل إلى أقصي جودة في مخرجات العمل الإداري، وبأقل قدر من المدخلات.


وتُعني القيادة التربوية الرشيقة في المقام الأول بتأثيرات القائد على المرؤوسين وقدرته على التأثير عليهم وتحقيق استجابات فاعلة تمكنهم من التكيف مع بيئات العمل بما فيها من متغيرات وتحديات مختلفة، وتأصيل مبدأ الاحترام المتبادل بين أطراف العمل التربوي داخل المؤسسات، ودعم القيادة الوسطى والعمل على تحقيق التطور المهني الحقيقي، ومنح كافة المرؤوسين فرص التطور وفق الإمكانات المتاحة داخل المؤسسة، وعدم إصدار أحكام سريعة وعشوائية على العاملين.

كما أن القيادة الرشيقة قادرة على مواجهة وحل المشكلات وتطبيق الأساليب الإبداعية في استخلاص وتقديم أفضل البدائل والحلول لمواجهة الأزمات، وتتبع سلوكيات العاملين الإدارية والتعامل مع التكنولوجيا وتوظيفها داخل المدارس والمؤسسات التربوية.

ويعد مصطلح القيادة الرشيقة، نتاجاً طبيعياً للتطورات السريعة والمتتابعة في مجالات القيادة والإدارة في السنوات القليلة الماضية، حيث أصبح لزاماً على المؤسسات التي تطمح نحو تحقيق مستويات متقدمة في جودة التعليم تطبيق أنموذج القيادة المرنة أو الرشيقة في أنظمتها الإدارية وتطويع القيادة الديناميكية القادرة على التصدي للتغيرات والمستجدات المتلاحقة داخل بيئات العمل، فتلك القيادة قادرة على تحقيق التنافسية والاستمرارية للمؤسسات والمدارس، لكونها ترسخ إيجابيات العمل الإداري وتحقق الدعم الإنساني والأخلاقي في التعامل مع العاملين، ما ينعكس بدوره على تعزيز روح التعاون والإنجاز داخل بيئات العمل.

وهناك ثلاثة مبادئ أساسية للقيادة التربوية الرشيقة أولها: مدى تفهم وقدرة القائد على قراءة التطورات والاحتمالات المستقبلية للمؤسسة، وهذا ليس بمعزل على القيادة الإنسانية التي تسهم وبفاعلية في التأثير على العاملين وتوجيههم نحو الإيجابية والتشاركية. ثانيها: القدرة على تكوين قدرات ديناميكية تؤثر تأثيراً حقيقياً في بناء وصنع وتطبيق القرار. ثالثها: التخلص من البيروقراطية العقيمة واستئصالها من منظومة العمل.

وبهذه المبادئ تتمكن المؤسسات من فرص النجاح والريادة، ومواءمة التطورات وتوجيه الرقابة الإدارية التي تضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية المخطط لها.

وفي الأخير يمكننا الاتفاق على أن القيادة الرشيقة نمط إداري مرن يعمل على بناء مجتمع إنساني داخل المؤسسة، ويحقق التحكم والسيطرة الإدارية المتميزة، ما ينعكس على أداء العاملين نحو التجويد والإبداع، كما أن هذا النمط يسهم في بناء مجتمعات مهنية ذات كفاءة عالية، وهذا ما نطمح إليه داخل مؤسساتنا التربوية التي تعد مصنع رأس المال البشري لمجتمعاتنا.