وليد صبري




* 432 مليون متر مكعب إجمالي استهلاك المياه بالبحرين في العام


* القطاع البلدي يستهلك 258.4 مليون متر مكعب من المياه بنسبة 60%

* 143 مليون متر مكعب من المياه استهلاك القطاع الزراعي بنسبة 33%

* 30.6 مليون متر مكعب بنسبة 7% استهلاك القطاع الصناعي من المياه

* حرق 0.7 متر مكعب من الغاز الطبيعي لإنتاج متر مكعب ماء في البحرين

* توسعة محطة توبلي توفر 180 مليون متر مكعب مياه سنوياً

* البحرين تستطيع رفع حصة الفرد باستغلال مياه الصرف الصحي المعالجة

* القطاع الصناعي لا يمثل عبئاً كبيراً على الموارد المائية في دول مجلس التعاون الخليجي


كشف أستاذ إدارة الموارد المائية، ومنسق برنامج إدارة الموارد المائية بكلية الدراسات العليا، في جامعة الخليج العربي، د.وليد زباري، أن البحرين استطاعت أن ترفع حصة الفرد من المياه في المملكة لتصل إلى 240 متراً مكعباً في العام، موضحاً أن إجمالي استهلاك المياه في المملكة في العام يصل إلى 432 مليون متر مكعب.

وأضاف د.زباري في حوار خصّ به "الوطن" أن القطاع البلدي يستهلك 258.4 مليون متر مكعب من المياه بنسبة 60%، بينما يبلغ معدل استهلاك القطاع الزراعي من المياه، 143 مليون متر مكعب بنسبة 33%، في حين يبلغ استهلاك القطاع الصناعي من المياه 30.6 مليون متر مكعب بنسبة 7%. ونصح بوقف تدفق الماء عند عدم الحاجة له في تصرفاتنا اليومية، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال وضع أجهزة الترشيد مثل الهوائيات على الحنفيات، والموقتات لري الحديقة، وتقليل حجم المياه المستخدمة في السيفونات وغيرها، مشيراً إلى أن البحرين تحتاج إلى حرق 0.7 متر مكعب من الغاز الطبيعي لإنتاج متر مكعب ماء. وأكد د.زباري أن البحرين تستطيع رفع حصة الفرد من المياه باستغلال مياه الصرف الصحي المعالجة، حيث تمثل المصدر الوحيد المتجدد لمملكة البحرين، متوقعاً أن تقفز كمية مياه الصرف الصحي المعالجة في المملكة قفزة كبيرة مع الانتهاء من توسعة محطة توبلي، حيث سوف يتم توفير 180 مليون متر مكعب سنوياً. وإلى نص الحوار:

هل بالإمكان التعرّف على إحصائيات استهلاك البحرين من المياه الصالحة بالشرب في 2021 سواء على خلال شهر أو خلال عام؟

- بشكل عام، إحصائيات المياه تتمثل في أوجه الاستخدام ومصادرها، وفي مملكة البحرين لدينا ثلاثة قطاعات رئيسة مستهلكة للمياه وهي القطاع البلدي ويعني المياه المزودة بواسطة شبكة المياه ويشمل المنازل والفنادق والمباني التجارية والمباني الحكومية والمستشفيات وغيرها، والقطاع الزراعي ويشمل المزارع والتشجير، والقطاع الصناعي، وكذلك لدينا ثلاثة مصادر مائية رئيسة تلبي احتياجات هذه القطاعات وهي المياه المحلاة، والمياه الجوفية، ومياه الصرف الصحي المعالجة.

وبحسب آخر البيانات المتاحة فإن إجمالي استخدام المياه في المملكة يصل إلى حوالي 432 مليون متر مكعب في العام، يستهلك القطاع البلدي منها حوالي 60% "258.4 مليون متر مكعب"، والقطاع الزراعي حوالي 33% منها "143 مليون متر مكعب"، والقطاع الصناعي حوالي 7% "30.6 مليون متر مكعب".

ويتم الاعتماد على المياه المحلاة بشكل شبه كلي في إمداد القطاع البلدي بمتطلباته، بينما يتم الاعتماد على المياه الجوفية ومياه الصرف الصحي المعالجة في تزويد إمدادات القطاع الزراعي بنسب 73% و27%، على التوالي، بينما يعتمد القطاع الصناعي بشكل عام على المياه الجوفية، ولكن تعتمد الصناعات الثقيلة في البحرين على محطات تحلية خاصة بها.

بشكل عام تبلغ حصة الفرد من المياه الطبيعية المتجددة "أساساً المياه الجوفية المتدفقة من المملكة العربية السعودية" في مملكة البحرين حوالي 70 متراً مكعباً سنوياً، وهو أقل بكثير من خط الفقر المائي الحاد البالغ 500 متر مكعب / فرد/ سنة، وبحسب هذا المؤشر تعتبر المملكة من أكثر دول العالم فقراً في المياه، إلا أنه وبفضل اللجوء إلى التحلية وساعد في ذلك توافر موارد الطاقة والموارد المالية نسبياً، استطاعت المملكة أن ترفع من هذا المعدل إلى حوالي 240 متراً مكعباً للفرد في العام، وهو معدل مازال تحت خط الفقر الحاد ولكنه يوفر أحد أهم عناصر الإمداد وهو مياه الشرب. وأمام المملكة فرصة كبيرة في أن ترفع من حصة الفرد بشكل أكبر إذا ما استغلت مياه الصرف الصحي بشكل كامل.

كيف يمكن المحافظة على المياه في البحرين؟

- للمحافظة على المياه في المملكة يجب أولاً التعرف على معدلات الاستهلاك المعقولة وتحديد مواقع الهدر والفواقد ليتم العمل على خفضها بالأدوات المناسبة. ففي القطاع البلدي هناك نوعان من الفواقد، فواقد الإمداد، وتحدث بسبب التسربات من الشبكة، وفواقد الاستخدام وتعتمد على معدلات استهلاك الفرد والتعرفة المائية والوعي المائي. ولقد قامت المملكة بجهود كبيرة في خفض التسربات من الشبكة وهي مستمرة، أما بالنسبة لفواقد الاستخدام، تستخدم المملكة نظام التعرفة المائية المبني على الشرائح المتصاعدة، وفي اعتقادي أن هناك حاجة للقيام بتحليل الشرائح الحالية ومراجعتها لتحقق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية.

وفي القطاع الزراعي نحتاج بشكل عام إلى رفع كفاءة الري، وكفاءة استخدام الماء، وحالياً هناك توجه عام نحو طرق الري الحديثة الموفرة للمياه والبيوت المحمية، وكذلك هناك توجه ملحوظ لطرق الزراعة الحديثة، مثل الزراعة بدون تربة التي تؤدي إلى رفع إنتاجية المتر المكعب من الماء، ولكن مازالت العديد من المزارع في المملكة تستخدم طرق الزراعة التقليدية وهي الغمر والتي تصاحبها فواقد عديدة، ويجب حث هذه المزارع إلى تطوير أنظمة الزراعة لديها.

بشكل عام لدينا ثلاث أدوات للمحافظة على المياه، الأولى هي الأدوات الاجتماعية-السياسية وتشمل التعليم والحملات التوعوية التي تعمل على تغيير سلوك المستهلك طوعيا، والثانية هي الأدوات التركيبية-التشغيلية مثل الأجهزة المرشدة للمياه وتشريعات المباني، وغيرها من الأدوات التي تستخدم لفرض المحافظة على المياه على المستهلك وخصوصاً في المواقع التي لا يدفع فيها المستهلك الفاتورة مثل الأماكن العامة، والثالثة هي الأدوات الاقتصادية بشقيها المحفزات والمحبطات، ويتم تطبيقها فقط بعد ضمان حصول الإنسان على حقه من المياه وبسعر مدعوم أو مجاناً، وذلك لإعطاء المستهلك الشعور بقيمة المياه وكذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية، فمستهلك المياه الأقل يدفع مبالغ أقل، بينما يدفع المستهلك الأعلى يدفع مبالغ أكثر.

كيف يمكن إدارة ملف المياه بكفاءة عالية في المنطقة؟

- برأيي أنه بالرغم من شدة التحديات المائية، إلا أن دول مجلس التعاون قد قطعت أشواطاً كبيرة في إدارة ملف المياه وخصوصاً في جانب إدارة العرض وإنشاء البنى التحتية لخدمات قطاع المياه، وتمثل ذلك في إنشاء إمدادات مياه آمنة وبأسعار معقولة ومستقرة في كل دولة من دول المجلس. وحالياً حققت جميع دول مجلس التعاون هدف التنمية المستدامة المتمثل في إمكانية الوصول إلى مياه الشرب الآمنة والميسورة التكلفة بنسبة 100% تقريباً. إلا أن ذلك مصحوب بتكاليف عالية بسبب اعتماد هذه المياه بدرجة كبيرة على مياه التحلية كثيفة الاستهلاك للطاقة وترتبط بتكاليف مالية عالية نسبياً، مما يؤثر على اقتصادات دول مجلس التعاون وخصوصاً أن تقنية التحلية مازالت مستوردة وليس لها قيمة مضافة لاقتصاديات دول المجلس ولم يتم توطينها بعد في المنطقة. كذلك لها تأثيرات بيئية تتمثل في صرف الرجيع وهو عالي الحرارة والملوحة إلى البيئة البحرية، والانبعاثات الغازية الملوثة للبيئة الهوائية بسبب الاعتماد على الوقود الأحفوري. علاوة على ذلك، تتعرض أنظمة إمدادات المياه البلدية لخطر العديد من التهديدات التي قد تحدث في مياه الخليج العربي كالانسكابات لنفطية والتلوث الكيميائي والنووي، التي تجعلها معرضة بشدة لصدمات الانقطاع.

من جهة أخرى، وللوفاء بمتطلبات المياه الزراعية، اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير على موارد المياه الجوفية مما أدى إلى هبوط مناسيبها بشكل سريع وتدهور نوعيتها بسبب غزو المياه المالحة لها. ومصدر القلق الرئيس هنا هو أن غالبية موارد المياه الجوفية في المنطقة غير متجدد "تسمى أيضاً المياه الجوفية الأحفورية"، ويتم تعدينها على نطاق واسع ومعرضة للنضوب، في حين يتم استغلال موارد المياه الجوفية المتجددة، وهي محدودة في وموجودة في غرب المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، بشكل مفرط بما يتجاوز معدلات تجديدها، مما يؤدي إلى تدهور جودتها بسبب تسرب المياه المالحة. وسيكون لفقدان موارد المياه الجوفية عواقب وخيمة على دول مجلس التعاون من حيث فقدان إمدادات المياه الاستراتيجية طويلة الأجل وكلفة البديل لهذه المياه.

وأخيراً، في حين نجد أن دول المجلس قد وفرت خدمات صرف صحي جديرة بالثناء، حيث يتم تغطية نسبة عالية جداً من السكان بهذه الخدمات تصل إلى أعلى من 95% وسطياً، فإن كمية المياه المتدفقة تتجاوز في كثير من المناطق والأوقات طاقة المعالجة، مما يؤدي إلى تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئياً في البحر أو الأودية، مما يؤدي إلى تلوث البيئة. وكذلك نجد أنه على الرغم من تشغيل مرافق معالجة حديثة بقدرات معالجة ثلاثية ومتقدمة، فإن إعادة استخدام المياه المعالجة مازالت قليلة ولا تزيد عن 35% من الكميات المعالجة، ما يمثل فرصة اقتصادية كبيرة ضائعة في ظل ظروف الندرة المائية في دول المجلس.

ولذا، لإدارة ملف المياه بكفاءة عالية في دول المجلس فإنه يجب التصدي لهذه التحديات، وبرأيي أنه ينبغي على دول المجلس تحويل محور تركيزها من ضمان "استدامة الإمداد"، أي توفير المصادر للإمداد من خلال نهج إدارة العرض، إلى ضمان "استدامة الاستهلاك والكفاءة". وهذا يمكن تحقيقه من خلال التوجه نحو نهج إدارة الطلب والكفاءة والمحافظة" وأدواته التي تم ذكرها أعلاه.

ماذا عن تأثيرات التوسع الصناعي على الموارد المائية في دول مجلس التعاون الخليجي؟

- حالياً لا يمثل القطاع الصناعي عبئاً كبيراً على الموارد المائية في دول المجلس كما هو الحال بالنسبة للقطاع الزراعي والبلدي، حيث يمثل حوالي 3% من الاستهلاك الإجمالي للمياه في دول المجلس، إلا أن المراقب لتطور هذا القطاع والطلب على المياه فيه يجد أن القطاع الصناعي في دول المجلس يتوسع بسرعة بسبب سياسات تنويع مصادر الدخل الحكومية في الصناعات غير النفطية، والتي من المتوقع أن تزيد من استهلاك المياه في هذا القطاع.

البحرين من أكثر الدول المتضررة من "ظاهرة تغير المناخ" بسبب انبعاثات غازات الدفيئة العالمية؟ ما رأيكم في ذلك؟ وكيف يمكن للمملكة أن تعالج هذا الأمر؟

- صحيح، وذلك نظراً لأن البحرين هي دولة جزيرية محدودة المساحة ومنخفضة الارتفاع وتقع في منطقة جافة وهشة، بالرغم من أن انبعاثاتها الغازية المسببة لظاهرة تغير المناخ، وكذلك انبعاثات دول المجلس تعتبر شبه معدومة. وكما تعلمون فإن الكرة الأرضية تمر حالياً بفترة دفيئة متسارعة منذ بدء الثورة الصناعية في نهاية القرن التاسع عشر وحتى الآن، وبأنه بسبب ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى، حدثت ظاهرة الاحتباس الحراري مؤدية إلى ارتفاع درجات الحرارة بحوالي درجة واحدة منذ ذلك الحين وارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 20 سنتيميتر بسبب ذوبان الثلوج وتمدد البحار. وتشير نماذج المناخ الرياضية إلى استمرار هذا في المستقبل.

وإذا نظرنا إلى توقعات درجات الحرارة بحسب السيناريو الأسوأ ويمثل التسارع وعدم القدرة على تخفيف الانبعاثات، فمن الممكن أن تزداد درجة الحرارة من 0.5 إلى 0.7 درجة مئوية بحلول عام 2035 وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع في معدل الاستهلاك للإنسان والحيوان والنبات ومعنى ذلك زيادة التكاليف المالية والاقتصادية والبيئية على المملكة بسبب اعتمادها على التحلية والمياه الجوفية فيها مستنزفة. ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع مستوى سطح البحر، وهو بالإضافة إلى مشكلة غمر وخسارة السواحل في مملكة البحرين سيؤدي إلى غزو المياه المالحة للمياه الجوفية المتدهورة أصلاً.

وتحت هذه الظروف غير متاح للمملكة غير التكيف مع هذه الظاهرة والتخفيف من آثارها المتوقعة. وفي هذا المجال قامت مملكة البحرين ومنذ عام 2000 بدراسة تأثيرات ظاهرة تغير المناخ على العديد من القطاعات، ومنها قطاع المياه، وتقييم قابليتها للتأثر واقتراح أساليب التكيف، وتمثل ذلك في ثلاثة بلاغات وطنية قمتها مملكة البحرين في الأعوام 2005، 2012، و2020، ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بتغير المناخ، واحتل قطاع المياه جزءاً كبيراً منها، وتم تتويج هذه الدراسات بالاستراتيجية الوطنية للمياه التي أصدرها مجلس الموارد المائية بمملكة البحرين برئاسة معالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الموارد المائية، ووافق عليها مجلس الوزراء الموقر في الأول من فبراير 2021 والتي أخذت تكيف قطاع المياه مع تغير المناخ ضمن برامجها الاستراتيجية.

ومن أهم الاستراتيجيات المتعلقة بالتكيف في جانب الطلب هي رفع كفاءة الاستخدام على مستوى الفرد "خفض معدل استهلاك الفرد" وفواقد الإمداد "خفض معدل التسربات" والمزرعة "رفع كفاءة الري" إلى المستويات المعقولة والمقبولة، وبحسب نتائج النماذج الرياضية سينتج عن ذلك بحلول العام 2035 خفض كبير في التكاليف المالية تصل إلى 2 مليار دولار أمريكي، و7.5 مليار متر مكعب غاز، وخفض انبعاثات تصل إلى 27 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، علاوة على توفير حوالي مليار دولار من المعالجة لمياه الصرف الصحي. ومن جهة أخرى سيساعد ذلك في تأهيل المياه الجوفية من حيث المستويات المائية ونوعيتها بحيث يمكن استخدامها بشكل مباشر لبعض الاستخدامات غير الشرب بالإضافة إلى جاهزيتها لتكون مخزوناً استراتيجي يمكن الاعتماد عليه في أوقات الطوارئ. أما من جانب العرض، فتمثل التغذية الصناعية للمياه الجوفية بمياه الصرف الصحي الفائضة عن الحاجة أو غير المستخدمة أهم استراتيجيات التكيف المكملة لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لتلبية متطلبات القطاع الزراعي والتشجير.

هل لنا أن نتطرق إلى مسألة الأمن المائي في دول مجلس التعاون الخليجي؟

- في دول المجلس يتم طرح مصطلح "الأمن المائي" في كثير من الأحيان ليعني به هو توفير مياه الشرب أثناء حالات الطوارئ أو الكوارث في حال توقف محطات التحلية في إنتاج المياه المزودة لمياه الشرب أو انقطاع الكهرباء عن منظومة إمداد المياه. ويتم التصدي لهذه المسألة بزيادة المخزون المائي ويقاس بالأيام، بمعنى عدد الأيام التي يمكن للمخزون الاستراتيجي إمدادها للسكان عند توقف محطات التحلية، فيقال أن هذه الدولة لديها مخزون استراتيجي مدته ثلاثة أيام.

إلا أن مفهوم الأمن المائي قد تطور بشكل كبير وأصبح أكثر شمولية من ضمان إمداد المياه في أوقات الطوارئ، وأصبح ينظر إليه من أبعاد إضافية تتمثل في البعد الاقتصادي، أي كفاءة إدارة المياه، والبعد البيئي، أي استدامة المنظومات البيئية المعتمدة على المياه، والبعد الاجتماعي، أي نسب التغطية للخدمات المائية وتيسرها ومستوى وعي المجتمع ومشاركته. بمعنى أن الدول التي تدار فيها المياه بكفاءة عالية في جميع مناحي الدورة المائية من الإنتاج إلى الاستهلاك هي الدول التي ستكون لديها قدرة عالية في تجاوز الأزمات المائية أثناء الطوارئ والكوارث، بينما تلك التي تدار فيها المياه بشكل غير كفء ستكون أكثر عرضة لهذه الحوادث والمخاطر. فمثلاً في مجتمع واعي يستخدم المياه بكفاءة يمكن للمخزون المائي المقاس بالأيام أن يمتد ليصل إلى أسابيع وأشهر متى ما كان المجتمع واعياً ومشاركاً.

في رأيكم.. كيف يمكن الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة في الاستخدامات الأساسية؟

- حاليا تمثل مياه الصرف الصحي المعالجة المصدر الوحيد المتجدد لمملكة البحرين، وكذلك دول المجلس، ولذا يجب الاستفادة من هذه المياه بأقصى طريقة ممكنة. وبسبب طبيعة هذه المياه فإن توظيفها سيكون محدوداً في قطاعات معينة، مثل الزراعة والصناعة. ومن المتوقع أن تقفز كمية المياه الصرف الصحي المعالجة في المملكة قفزة كبيرة مع الانتهاء من توسعة محطة توبلي، وسيتوفر للمملكة حوالي نصف مليون متر مكعب يومياً من المياه المعالجة ثلاثياً، أي حوالي 180 مليون متر مكعب سنوياً وهذا يزيد عن احتياج القطاع الزراعي حالياً بكثير. ولذا هناك ضرورة للنظر في إمكانية استخدام هذه المياه في القطاع الصناعي وإذا زادت الكمية عن ذلك خزنها في المياه الجوفية لمكافحة غزو مياه البحر.

وكما تعلمون فإن البحرين قد وضعت هدف تحقيق الحياد الصفري للكربون بحلول العام 2060 ضمن الجهود العالمية لتخفيض الانبعاثات الغازية، وللقيام بذلك لديها أسلوبان، الأول تقليل الانبعاثات في المصدر من خلال إجراءات تتعلق بكفاءة الطاقة واستخدام الطاقات المتجددة، والثاني عن طريق اصطياد الكربون وزيادة المصارف الكربونية التي من أهمها الغطاء النباتي، وفي هذا المجال تقوم مملكة البحرين حالياً بحملة تشجير متسارعة لتحقيق هذا، وستحتاج لكميات عالية من المياه يمكن توفيرها بواسطة مياه الصرف الصحي المعالجة.

كيف يمكن خفض التكاليف المتعلقة بتزويد المياه المنزلية؟

- للإجابة على هذا السؤال علينا أن نشرح ونحلل التكاليف الحقيقية لدورة المياه البلدية، وسنجد أنه لكل متر مكعب يتم إنتاجه وتوصيله إلى المنزل نحتاج إلى حوالي 750 فلساً للتشغيل والصيانة بحسب أرقام هيئة الكهرباء والماء، وهي مبالغ تؤثر بلاشك على الميزانية العامة بسبب دعم المياه بنسب من 97% للشريحة الأولى إلى 83% للشريحة الأخيرة، ويتم حرق حوالي 0.7 متر مكعب من الغاز الطبيعي لإنتاج هذا المتر المكعب مما يقلل من مخزون الغاز الطبيعي المحدود للمملكة؛ وينتج عن ذلك انبعاث حوالي 13 كجم من ثاني أكسيد الكربون يؤثر على البيئة الهوائية ويتعارض مع التزامات المملكة في خفض انبعاثاتها الغازية؛ كما ينتج عن ذلك صرف حوالي 4 أمتار مكعبة على الأقل من مياه رجيع التحلية المالحة والحارة تؤثر على البيئة البحرية والثروة السمكية؛ وبعد أن يستهلك هذا المتر المكعب من المياه المنزلية يتم تجميع حوالي نصف متر مكعب منه على هيئة مياه صرف صحي يتم تجميعها ومعالجتها معالجة ثلاثية بكلفة تصل إلى حوالي 100 فلس. وإذا قام كل منزل / وحدة سكنية في المملكة، وهي بحسب علمي تتجاوز الـ200 ألف وحدة سكنية، بالمحافظة على هذا المتر المكعب من المياه البلدية في الشهر، فلك أن تتخيل مقدار التوفير في التكاليف المالية والاقتصادية والبيئية الذي يمكن تحقيقه للمملكة. وهذا الأمر لا يتطلب أكثر من وقف تدفق الماء عند عدم الحاجة له في تصرفاتنا اليومية. ويمكن كذلك تحقيق ذلك من خلال وضع أجهزة الترشيد مثل الهوائيات على الحنفيات، والموقتات لري الحديقة، وتقليل حجم المياه المستخدمة في السيفونات وغيرها من الأمور البسيطة جداً، ولا تتطلب سوى الوعي والرغبة بتوفير المياه.