استبعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، غزواً عسكرياً صينياً لتايوان في العقد المقبل، لكنه أقرّ بإمكانية سعى بكين إلى إضعاف مكانة الجزيرة.

وأفادت وكالة "بلومبرغ" بأن اعتبار الصين تايوان إقليماً "انفصالياً" يجب استعادته بالقوة إذا لزم الأمر، شكّل جزءاً مثيراً للجدل في القمة الافتراضية التي جمعت الأسبوع الماضي الرئيسين، الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج.

وأضافت أن قراراً أصدره أخيراً الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، ويعكس رؤية شي لتاريخ بلاده، يحضّ على الضغط من أجل الاتحاد مع تايوان، علماً أنه لم يدرج التوحيد بوصفه هدفاً على المدى القريب.



كيسنجر (98 سنة) الذي كان مستشاراً للأمن القومي ومهّد للزيارة التاريخية التي أجراها الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون للصين في عام 1972، قال لشبكة "سي إن إن": "لا أتوقّع هجوماً شاملاً على تايوان خلال 10 سنين على سبيل المثال، وهذا ما يمكنني رؤيته".

واعتبر أن "الجميع يريد أن يكون صقراً بشأن الصين"، مضيفاً أن "الجميع يفترض أن الصين مصمّمة على الهيمنة على العالم وأن هذا هو هدفها الأساسي". واستدرك بوجوب ألا يكون هناك تنافس تلقائي ومنافسة مع الولايات المتحدة، مرجّحاً أن يكون بايدن "بدأ التحرّك في اتجاه طريق مختلف"، خلال القمة الافتراضية مع شي.

وتابع كيسنجر: "يجب أن يكون لدينا هدف أساسي، يتمثل في تجنّب المواجهة". واستدرك أنه من "المتوقّع" أن تتخذ بكين "إجراءات من شأنها إضعاف قدرة التايوانيين على الظهور بمظهر مستقلّ إلى حد كبير".

"بداية جيدة" لتجنّب نزاع

وكان كيسنجر اعتبر أن قمة بايدن وشي تشكّل "بداية جيدة" لتجنّب نزاع، مضيفاً خلال "منتدى بلومبرغ للاقتصاد الجديد": "يجب الآن أن تتبعها مناقشات ملموسة تقود إلى اتجاه أكد الرئيسان أنهما يريدان متابعته. نحن نعبر ممراً جبلياً، على حافة يمكن من خلالها النظر في كلا الاتجاهين. والآن يعتمد الأمر على الاتجاه الذي يتم اختياره".

ورأى أن على الدولتين التحرّك نحو "نمط يشهد محاولة التخفيف من حدة النزاعات، بحيث تدركان أن النصر ليس ممكناً من دون المجازفة بتدمير البشرية". وأضاف: "على الجانبين قبول فكرة أن صراعاً بين قوى تقنية كبرى ذات قدرات متشابهة، يجب ألا يحدث من أجل الحفاظ على الإنسانية".

وأشار إلى وجوب أن تجد الولايات المتحدة والصين سبلاً للتعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، لتجنّب أن يؤدي "منطق الحرب الإلكترونية" إلى "خطر اندلاع دمار تلقائي".

تصريحات بايدن

وكان شي جين بينج حذر خلال القمة الافتراضية "القوى الانفصالية" في تايوان من أنها ستواجه "إجراءات حاسمة" إذا "تجاوزت الخط الأحمر"، وزاد: "هذا الاتجاه خطر جداً وهو مثل اللعب بالنار، ومَن يلعب بالنار سيحترق".

في المقابل، أعلن بايدن أن "الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بسياسة (صين واحدة)"، مشدداً على أنها "تعارض بشدة جهوداً أحادية لتغيير الوضع القائم أو تقويض السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان".

وبعد ساعات على القمة، أثار الرئيس الأميركي اللغط مجدداً، بشأن نهج إدارته إزاء تايوان، إذ تطرّق إلى "قانون العلاقات مع تايوان" الصادر في عام 1979، ويوجّه العلاقات الأميركية مع الجزيرة، إذ ينصّ على أن الولايات المتحدة تعتبر بكين "الحكومة الشرعية الوحيدة للصين"، من دون توضيح موقفها بشأن سيادة تايوان.

وقال بايدن: "أوضحنا (خلال القمة) أننا نؤيّد قانون تايوان وهذا كلّ شيء. إنها مستقلة وتتخذ قراراتها الخاصة". وبعد ساعات، أوضح الرئيس الأميركي تصريحه بشأن تايوان "المستقلة"، قائلاً: "نحن لا نشجّع على الاستقلال. لن نغيّر سياستنا إطلاقاً. نشجّع (التايوانيين) على أن يفعلوا بالضبط ما ينصّ عليه قانون تايوان. هذا ما نفعله. دعهم يتخذون قراراتهم. قلت إن عليهم أن يتخذوا بأنفسهم القرارات المتعلّقة بتايوان، وليس نحن".

وكان حديث بايدن عن الجزيرة بوصفها "مستقلة"، سيشكّل خروجاً عن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الصين على تايوان.