- مواقف عروبية مشرّفة للملك- القمة العربية فرصة تاريخية لاستلهام التجربة التنموية الرائدة للبحرين - نعوّل على "قمة البحرين" بتبنّي موقف موحّد قوى لدعم القضية الفلسطينية - ضرورة التوصل لاستراتيجية عربية للحفاظ على القيم والهوية العربية - أبناء البحرين هم أغلى ثرواتها بما يملكونه من إرث حضاري عريقمحمد نصرالدينأكد المفكر العربي والكاتب الصحفي السيد البابلي أن الشعوب العربية لديها تفاؤل كبير إزاء رئاسة مملكة البحرين للقمة العربية المقبلة، وتُعلّق آمالاً عظيمة على نتائج هذه القمة في ظل ما تحظى به مملكة البحرين من مكانة كبيرة وعلاقات طيبة مع كافة الدول العربية، وفي ظلّ المواقف العروبية المشرّفة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم.وقال البابلي في حوار مع "الوطن": "نحن أمام فرصة تاريخية حينما تُعقد القمة العربية في مملكة البحرين هذا البلد المتحضّر الذي صنع معجزة في كيفية التوظيف الجيد للموارد، معتمداً على تنمية الإنسان البحريني المتحضر، فالبحرين أغلى ثرواتها هم أبناؤها الذين يفخرون برصيدهم الحضاري، وهي تجربة ملهمة للدول العربية".وأضاف: "نعوّل على القمة العربية بتبنّي موقف عربي موحّد يتوافق مع آمال وطموحات العالم العربي تجاه قضية العرب الأساسية القضية الفلسطينية التي كانت ولاتزال هي قضيتنا الأولى"، مشدداً كذلك على أهمية تبني استراتيجية عربية للحفاظ على القيم والهوية والأصالة والتقاليد والعادات العربية.وفيما يأتي نص الحوار:ما هي التطلعات المنشودة لدى المواطن العربي من القمة العربية المقبلة في البحرين؟فيما يتعلّق باستضافة مملكة البحرين للقمة العربية المقبلة، هناك آمالٌ كبيرة تُعقد على هذه القمة في أن تستعيد بريقها ورونقها لدى المواطن العربي، خاصة وأن مملكة البحرين لها علاقات جيدة للغاية مع كافة الدول العربية، كما أن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم له مواقفه العروبية المشرّفة التي تحفّز وتشجّع كافة الملوك والرؤساء والقادة العرب على حضور القمة العربية، وأرى أن الشعوب العربية لديها تفاؤل كبير إزاء رئاسة مملكة البحرين للقمة العربية المقبلة، وتُعلّق آمالاً عظيمة على نتائج هذه القمة، وأتوقع أن يكون حجم المشاركة والتمثيل في القمة العربية بمملكة البحرين من أكثر القمم حضوراً على مستوى القادة والزعماء العرب، وذلك نظراً للعلاقات الطيبة التي تربط مملكة البحرين مع كافة الدول العربية، ونظراً أيضاً لأهمية المرحلة التي نمرّ بها والتي تستدعي أن يكون هناك موقفٌ عربي واضح وصوت مسموع للعرب في القضايا المتعلّقة بالوجود العربي والمستقبل العربي ومشاكل العرب.ما مدى أهمية استضافة البحرين للقمة العربية القادمة، ومقوّمات نجاحها؟نحن أمام فرصة تاريخية حينما تُعقد القمة العربية في مملكة البحرين هذا البلد المتحضّر، وهذه الجزيرة التي استطاعت أن تصنع معجزة في كيفية التوظيف الجيّد للموارد، واعتمدت في ذلك على تجربة هامة وهي تنمية الإنسان، الإنسان البحريني المتحضّر، القادر على التجاوب والتفاعل والتعامل مع كل الثقافات والأجناس، فالبحرين أغلى ثرواتها هو الإنسان البحريني الذي يفخر برصيده الحضاري من الإرث الكبير الأصيل لحضارة دلمون الممتدة، هذه الحضارة العريقة التي صنعت إنساناً اعتاد ركوب البحر والأمواج لكي يبحث عن لقمة العيش وعن الرزق الحلال، واعتادت التجارة مع الغير لكي يتم التبادل والتعاون التجاري، وخلقت إنساناً قادراً على التفاعل مع الجميع، إنساناً متواضعاً، بسيطاً، مؤمناً بحق الجميع في العيش وفي المساواة، وهذا النموذج البحريني هو الذي يدعو إلى الفخر في كيفية التكامل والتعاون وانصهار كافة الثقافات والأديان. في بوتقة واحدة في مجتمع واحد، ولذلك عندما نتحدّث عن القمة العربية المقبلة التي تستضيفها مملكة البحرين، فإننا نتحدث عن قمة في بلد يتميز بأهم مقومات القمة، وهو التنمية البشرية.كيف يمكن للقمة أن تسهم بتفعيل أدوار وآليات جامعة الدول العربية؟نتطلّع أن تسهم القمة العربية بدور كبير وحيوي في هذا الموضوع المهم، وأن تعطي دفعة إلى آليات جامعة الدول العربية ومؤسساتها، فقد حان الوقت أن ندعم وأن نفعّل جامعة الدول العربية لكي تكون بيتاً للعرب يتمّ داخله الحوار العربي الجامع، ويتمّ من خلال آلياته المختلفة التوصّل إلى حلول للقضايا العربية الهامة التي تهمّ الشعوب وتحقق تطلعاتها، وذلك لكي يشعر المواطن العربي أنه ينتمي فعلاً وقولاً لوطن عربي كبير من المحيط إلى الخليج، وطن عربي يقوم على إعلاء المصلحة المشتركة والتعاون الوثيق للارتقاء بمستوى المواطن العربي، وإزالة ما تبقي من بؤر الفقر والأميّة التي ما زالت موجودة في بعض البقاع العربية، وتحسين البنية التحتية في كافة البلدان العربية وتحقيق الوفرة والرخاء لجميع دول المنطقة العربية، ومساعدة الدول غير القادرة على القفز بمعدلات التنمية إلى مستويات تلبّي طموحات وتطلّعات شعوبها وأن يكون هناك مشروع تنموي عربي قابل للتطبيق، ونموذج للتكامل في مختلف أنحاء العالم العربي، وكل هذا لن يتحقق إلا من خلال الترابط وتقوية آليات ومؤسسات الجامعة العربية، وقد آن الوقت كذلك أن يكون هناك تفعيل لكل قرارات القمم العربية السابقة التي تهدف إلى تعزيز وتقوية التضامن العربي، ولابد أن تكون هناك سياسات عربية موحّدة إزاء القضايا المصيرية والتحديات المحيطة بالمنطقة العربية التي لا يمكن للدول العربية مواجهتها بسياسات منفردة وإنما لابد من استراتيجية موحّدة إزاء هذه التحديات.برأيكم.. ما هي التحديات التنموية التي تواجه المنطقة العربية، وما السبيل إلى مواجهتها؟عندما نتحدث عن التحديات التي تواجه المنطقة العربية، نجد أنها تحديات تبدأ وتنتهي بالإنسان، فأساس أي نهضة، وأساس أي تقدّم هو تنمية الإنسان، ولذلك فإن التنمية في العالم العربي يجب أن تكون محور كل اهتماماتنا، التنمية تعني استثمار المال العربي في الدول العربية على تنمية الشعوب لكي يكونوا جزءاً من أرضية قوية صلبة اسمها قاعدة العالم العربي، قاعدة التنمية، قاعدة الرخاء. يجب أن نفكّر جيداً في المشروعات العربية المتكاملة، ونحن كعرب نملك كل مقوّمات القوة، نملك العقول البشرية، والكوادر والخبرات الكافية للنهوض بالدول العربية، نملك المال أساس الاستثمار وأساس البناء، وأساس القوة، ونملك ما هو أهم من ذلك كله، نملك الكيان العربي القائم على الدين واللغة والمصير الواحد، فلا يوجد تكتل في العالم يحظى بنفس المقوّمات التي نحظى بها في عالمنا العربي، وكل ما نحتاجه كعرب أن نصوغ وأن نفرض رؤية عربية موحّدة بشكل واضح وقوي للتأثير في الحضارة الكونية، فنحن مازلنا متلقّين لنتاج هذه الحضارة ولسنا شركاء في صناعتها، نحن زبائن ومستهلكون، مع أن لدينا كل -كما قلت- المقوّمات لكي نكون شركاء في التنمية والابتكار وفي صنع الحضارة.كيف ترون أهمية القمة العربية في صياغة موقف عربي موحّد إزاء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة؟إسرائيل لديها مخطّط واضح لتفريغ قطاع غزة من أهله، لأن قطاع غزة يُعتبر أساس القضية الفلسطينية، وهذا ما يفسّر مضيّ إسرائيل بحربها على غزة وعملها على تهجير سكان غزة من أجل تصفية والقضاء على القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وحالياً هي في المرحلة الأهم من هذا المخطط وهو تهجير أهل رفح، سواء إلى الأراضي المصرية أو أي مكان في العالم، المهم لديها أن يتم تهجير 2 مليون مواطن فلسطيني من غزة، وإزاء هذا المخطط الإسرائيلي يجب أن يكون هناك موقف عربي جاد وقوي وحازم إزاء ما يحدث في غزة وإزاء محاولات إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية.القمة العربية تُعقد في أكثر الظروف والتحدّيات التي تواجه الأمة العربية، وهي مُطالَبة أن توصل رسالتها بوضوح إلى العالم، وما يريده العرب واضح ومعروف، ولابد أن نعيد التذكير عليه، نحن مع السلام، نحن أمة سلام، لا ندعو للحرب، ولا ندعو للنزاعات والحروب، أو نسعى إلى تفجير المنطقة بأي شكل من أشكال الصراع، ولكن السلام الذي ندعو إليه يجب أن يكون سلاماً قائماً على الحق والعدل والشرعية، من خلال حلّ الدولتين، والذي يُتيح إقامة دولة فلسطينية مستقلة، نحن نقبل بحلّ الدولتين لتحقيق السلام الآمن والدائم والمستمر في العالم العربي، إسرائيل أمام خيار هام إما السلام، وهو ما يعني الموافقة على حلّ الدولتين وحقّ الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإما فقدان فرص السلام مع العالم العربي، وعلى العرب أن يوحّدوا أيضاً موقفهم لدعم قضية الشعب الفلسطيني العادلة، ومواقفنا واضحة بحق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه، وعودة النازحين، وإعادة إعمار الأراضي الفلسطينية، ونعول على القمة العربية بتبنّي موقف عربي موحّد يتوافق مع آمال وطموحات العالم العربي تجاه قضية العرب الأساسية القضية الفلسطينية التي كانت ولاتزال هي قضيتنا الأولى.الحفاظ على الهوية العربية قضية هامة، برأيكم ما أهمية التعاون العربي في هذه القضية؟نحن دول عربية أصيلة، لها تاريخ، ولها حضارتها، ولها مقوماتها، وأهم ما يجب أن نهتم به في هذه المرحلة القادمة هو الحفاظ على الهوية العربية، والحفاظ على الأصالة العربية، والحفاظ على التقاليد والعادات العربية، والحفاظ على الأخلاق العربية، والحفاظ على الصورة الذهنية للعالم والمواطن العربي، يجب أن نفخر بتاريخنا. وأجيالنا الجديدة يجب أن يتم تعريفها بهذا التاريخ ولا نتركها تنجذب إلى العولمة بكل أبعادها السلبية وقيمها التي لا تتوافق مع قيمنا، حضارتنا العربية قوية، وجذورنا قوية، يمكننا أن نستفيد من المعاصرة، أن نستفيد من التقدم التكنولوجي الهائل في عالم المعلومات، أن نستفيد من التعاون مع الغرب، ومع كل الدول المتقدمة، ولكن في الوقت نفسه يجب ألا نفقد هويتنا العربية والإسلامية، يجب أن نظلّ محافظين على مظهرنا العربي ورصيدنا العربي من الأخلاق والقيم والعادات.كيف تقيّمون جهود مملكة البحرين لإنجاح القمة العربية القادمة؟إن الآمال معقودة بشكل كبير على مملكة البحرين في استضافتها لهذه القمة المهمة، فالبحرين دولة مؤثرة في محيطها العربي، وهي منفتحة على كل العالم العربي، ولديها علاقات طيبة بكل أشقائها العرب، ولذلك أنا متفائل بأن القمة العربية في البحرين، والتي سيطّلع فيها العالم العربي على البحرين التي حققت التنمية الرشيدة المستدامة بمعدلات مرتفعة، ستكون نموذجاً يُحتذى به في الاهتمام بالإنسان الذي هو أساس ومعيار التقدم والرخاء، وجميع الشعوب العربية تعوّل على القمة العربية المقبلة والتي نتمنّى أن تستعيد وهجها وبريقها من مملكة البحرين.