تواجدتُ أنا مع مجموعة من الزملاء الإعلاميين البحرينيين في سلطنة عمان الحبيبة لتغطية فعاليات انتخابات مجلس الشورى العماني، والذي يعتبر في مفهومنا مجلساً مشابهاً لـ«مجلس النواب»، حيث يمثل السلطة التشريعية في سلطنة عمان كلاً من «مجلس الشورى ومجلس الدولة» ويجتمعان في مجلس عمان.
لا تعرف من أين تبدأ حين تتحدث عن سلطنة عمان، هل تتحدث عن شعبها الطيب الخلوق الكريم، أم عن جمال هذا البلد الغني بتراثه وأصالته، أم نظام الانضباط الذي تشاهده في هذا البلد. ولو دخلت من باب الشعب العماني أستطيع أن أقول بأنه شعب تجد فيه من رائحة البحرين القديمة، البساطة والأخلاق والسمو في التعامل، الكل هنا على قدر كبير من الاحترام والبشاشة، ولديه اعتزاز بالتاريخ والهوية الوطنية، تجد كل عماني وعمانية يعتزون بزيهم التقليدي الأصيل ومن مختلف المناطق، الكل ورغم اختلاف المناصب والرتب يتشابهون في كل شيء، شعب لديه أكبر نعمة وهي التلاحم والسلام.
فخلال الانتخابات الحالية والتي انتهت يوم أمس الأحد في 29 من شهر أكتوبر، دشنت سلطنة عمان تجربة جديدة وفريدة في العملية الانتخابية، بأن استخدمت أسلوب «الاقتراع» التصويت الإلكتروني، وهو نظام جديد «انتخب» يمكن لأي مواطن استخدامه عن طريق «الموبايل» والمشاركة في العملية الانتخابية، تجربة اقتصرت على الدولة كثيراً من الجهد والوقت والمال.
حيث استطاعت من خلال هذا النظام الاستغناء عن الأساليب التقليدية والتي تتطلب تكاليف كبيرة لإعداد القوائم والبطاقات والسجلات والمراكز والعدد الكبير من العاملين، فكل ذلك تم اختصاره باستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وعن نفسي، فأنا أكثر الأمور التي انبهرت بها حجم الثقة والتفاؤل لدى الشعب العماني، فنادراً ما تجد إجماعاً وثقة بين المجتمع والدولة في هذه الأمور، فلدى أكثر الدول المتقدمة والمتفاخرة بالديمقراطية هناك أصوات تعلو وتشكك في نزاهة الاقتراع الإلكتروني واحتماليات التلاعب بالأصوات، إلا أن عند المجتمع العماني الوضع مختلف تماماً، فالثقة الكاملة موجودة الشعب والدولة، كما أن الأجواء السائدة بين الناس تدعو للتفاؤل واليقين بأن الجميع في السلطنة سائرون في طريق التقدم والتطور، وأن هناك عاملاً مشتركاً واتفاقاً بين الدولة والشعب في أن مصلحة الوطن هي الأساس وأنه بلد الكلمة الواحدة والجميع في سفينة واحدة في اتجاه واحد نحو عمان مشرق للجميع.