في أواخر أبريل سنة 1863 خلال الحرب الأهلية الأمريكية، وفي معركة شانسيلورفيل، كان القائد العام لجيش الاتحاد الأمريكي «جيش الشمال» هو الجنرال جوزيف هوكر، وهو أحد أهم القادة العسكريين في التاريخ الأمريكي، انشطر جيش هوكر إلى نصفين وقبل المعركة بفترة قصيرة تزود الجيش بأجهزة التلغراف لترسل الإشارات والرسائل بين فرق الجيش المتباعدة، وكان التلغراف في وقتها اختراعاً جديداً وأجهزته بدون بطاريات لكنها تشحن بواسطة ذراع يدار باليد، وكانت هذه المرة الأولى التي يرى فيها هوكر هذا الاختراع، وفي الواقع ارتاب من الأجهزة ورفض استخدامها، وعندما حاول المساعدون والفنيون إقناعه بأهمية استخدامها رفض العمل بما لم يجربه من قبل فاحتدم النقاش بينهم وانهارت أعصاب هوكر فأصدر أمره بتحطيم الأجهزة، وكسر أهم وسيلة اتصال تكنولوجية بذاك الزمن تؤمن اتصاله بنصف جيشه الآخر، ومع أن هوكر كانت لديه خطة جيدة لكنه في النهاية اضطر للانسحاب والخسارة، وأعفي من الخدمة، بالتأكيد هناك من يضع أسباباً أخرى للهزيمة منها تحركه البطيء وفقدان الثقة بنفسه، ولكن يبقى لرفضه استخدام التكنولوجيا وخوفه من المجهول كلفة باهظة.
نواجه اليوم مرحلة انتقالية مماثلة في قطاع التعليم لاسيما بعد ظهور وانتشار المنصات والتطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي تمس التعليم بشكل مباشر وغير مباشر، بل إن بعضها أصبحت أدوات من أدوات التعليم التي من شأنها أن تغير طرقه، وهنا وجدنا أنفسنا قد أصبحنا فريقين، فريق يعدها فرصة ذهبية لتحسين التعليم ورفع كفاءته وجودته، وآخر يقلق منها ويعدها تهديداً.
علينا ألا ننكر أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم أثبت أنه قادر على تقديم تعليم مخصص، لكل متعلم بمعزل عن الآخر، بناء على نوع ومستوى المتعلم، وتقديم محتوى مناسب له، أي أنه يراعي الفروق الفردية التي يؤكد عليها التربويون، كما أنه يعد مساعداً افتراضياً للطالب جاهزاً للعمل في أي لحظة، يجيب على أسئلته ويقدم له المساعدة، ويجعل المحتوى تفاعلياً، يحفز الطلبة ويكسر الجمود والملل، وفي الوقت نفسه يقدم مساعدته للمدرسين وأساتذة الجامعات ويحلل لهم بيانات الطلبة ويقدم لهم بعض التوجيهات اللازمة.
لكننا أيضاً لا ننكر أن هناك تحديات ترافق استخدامه، منها كيفية التأكد من استخدامه كمساعد لا بديل يفكر ويخطط ويقدم كل شيء، كذلك الموازنة بين العمل التكنولوجي والبشري، ودمج العملية التعليمية التقليدية بالتكنولوجية، كذلك تحدي كلفته، فلكل منصة وتطبيق تكلفة سنوية قد لا يقوى على تحملها أكثر الناس.
ختاماً، التعلم من أخطاء الآخرين والانتفاع منه عبر الماضي أمر لابد منه، والذكاء الاصطناعي في التعليم هو وسيلة رائعة للحصول على تعليم مميز وبكفاءة عالية، ولابد من التعامل معه كوسيلة لا هدف.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية
نواجه اليوم مرحلة انتقالية مماثلة في قطاع التعليم لاسيما بعد ظهور وانتشار المنصات والتطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي تمس التعليم بشكل مباشر وغير مباشر، بل إن بعضها أصبحت أدوات من أدوات التعليم التي من شأنها أن تغير طرقه، وهنا وجدنا أنفسنا قد أصبحنا فريقين، فريق يعدها فرصة ذهبية لتحسين التعليم ورفع كفاءته وجودته، وآخر يقلق منها ويعدها تهديداً.
علينا ألا ننكر أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم أثبت أنه قادر على تقديم تعليم مخصص، لكل متعلم بمعزل عن الآخر، بناء على نوع ومستوى المتعلم، وتقديم محتوى مناسب له، أي أنه يراعي الفروق الفردية التي يؤكد عليها التربويون، كما أنه يعد مساعداً افتراضياً للطالب جاهزاً للعمل في أي لحظة، يجيب على أسئلته ويقدم له المساعدة، ويجعل المحتوى تفاعلياً، يحفز الطلبة ويكسر الجمود والملل، وفي الوقت نفسه يقدم مساعدته للمدرسين وأساتذة الجامعات ويحلل لهم بيانات الطلبة ويقدم لهم بعض التوجيهات اللازمة.
لكننا أيضاً لا ننكر أن هناك تحديات ترافق استخدامه، منها كيفية التأكد من استخدامه كمساعد لا بديل يفكر ويخطط ويقدم كل شيء، كذلك الموازنة بين العمل التكنولوجي والبشري، ودمج العملية التعليمية التقليدية بالتكنولوجية، كذلك تحدي كلفته، فلكل منصة وتطبيق تكلفة سنوية قد لا يقوى على تحملها أكثر الناس.
ختاماً، التعلم من أخطاء الآخرين والانتفاع منه عبر الماضي أمر لابد منه، والذكاء الاصطناعي في التعليم هو وسيلة رائعة للحصول على تعليم مميز وبكفاءة عالية، ولابد من التعامل معه كوسيلة لا هدف.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية