في ثلاثينيات القرن الماضي، نشرت جريدة الغول التي كانت تصدر باللاذقية في سوريا، مقالاً طريفاً ذكرت فيه قصة رجل مسافر سيراً على الأقدام، وبينما هو في طريق السفر نفد طعامه، وبلغ من التعب كل مبلغ، حتى زاد جوعه وضعفت قدرته على المسير، وفي هذه الأثناء تنبه الرجل إلى أنه قريب من إحدى القرى، التي له فيها صديق قديم، فاستجمع قواه وقرر الصبر وتحمل المسير حتى منزل صديقه ليأكل ويرتاح ويتزود بالطعام ويكمل رحلته، وبالفعل وصل إلى بيت صديقه الذي استقبله بحرارة وترحاب، وبعد السلام والسؤال عن الأحوال ترك صاحب المنزل ضيفه ودخل إلى غرف البيت الأخرى، فظن الضيف أن صاحبه غاب ليحضر له الطعام، لكنه عاد بعد قليل حاملاً بيده آلة موسيقية، وبدأ العزف، ثم توقف قليلاً وقال لضيفه: كان هذا نغم الصبا ما رأيك به! وكان الرد: جميل جداً، فقال إذن اسمع هذا نغم الحجاز، وهذا به أنغام عدة أهمها الشاهناز، وبعد أن أنهي العزف قال: ما رأيك؟ فكان الرد: ممتاز، ثم قال للضيف: إذن ركز على نغم النهاوند ومنه يخرج مقام العجم! وبعد أن عزف قليلاً، قال: وهذا نغم «السي كاه» وبعدها قال اسمع هذا نغم الحسيني! ثم قال: اسمع هذا مقام «البنج كاه»، وهذا نغم البيات، وهكذا وفي كل مرة يثني الضيف على الأنغام التي سمعها من مضيفه والجوع أخذ منه كل مأخذ، وبعدها استراح صاحب الدار، قال لضيفه: أخبرني الآن أي نغم تحب أن تسمع؟! فقال له صاحبه: يا سيدي أود سماع نغمة الملاعق!
التطورات الهائلة والمتسارعة في مجال التكنولوجيا والاتصال اليوم، فرضت تحولات كبيرة في قطاعات الحياة المختلفة ومنها قطاع التعليم، وفي الواقع، المتأثر الأول بهذه التطورات السريعة هم طبقة الطلبة، وبدرجة أقل بكثير طبقة المدرسين وأساتذة الجامعات، وذلك بحكم السن والاهتمام، في المقابل ضرورة التحول في التعليم تأتي بوتيرة أقل من سرعة التحولات في مجال الاتصال، الذي يواكبه الطلبة فوراً والمتمثل في نوع وطبيعة المعارف وطريقة تلقيها، لا شك أن محتوى التعليم الذي تقدمه المؤسسات التعليمية ممنهج وموثوق، لكن هل يلبي احتياجات الطلبة اليوم؟ في الواقع ما تقدمه المؤسسات التعليمية يركز بشكل مفرط على الموضوعات الأكاديمية النظرية والاختبارات والتقييمات الموحدة، ومع كل الاحترافية والمهنية التي يتمتع بها مقدمو التعليم، إلا أن تعليمهم قد لا يلبي اليوم الاحتياجات العملية للطلبة، وهذا تحدٍ تواجهه النظم التعليمية المعاصرة في العالم.
الطلبة اليوم كصاحبنا المسافر الجائع، لديهم احتياجات أخرى، تتمثل في فهم أساسيات ومهارات عملية، وكذلك مهارات التفكير النقدي والإبداعي والابتكار، والتركيز على المهارات الحياتية، بدلاً من الاعتماد المفرط على الجانب النظري الذي قد لا تكون صلة مباشرة بتحديات وفرص العالم الحقيقي، في الواقع هم بحاجة لسماع «نغمة الملاعق» الملاعق التي تغرف لهم ما يتزودوا به ليعدهم للحياة العملية والمهنية.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية
التطورات الهائلة والمتسارعة في مجال التكنولوجيا والاتصال اليوم، فرضت تحولات كبيرة في قطاعات الحياة المختلفة ومنها قطاع التعليم، وفي الواقع، المتأثر الأول بهذه التطورات السريعة هم طبقة الطلبة، وبدرجة أقل بكثير طبقة المدرسين وأساتذة الجامعات، وذلك بحكم السن والاهتمام، في المقابل ضرورة التحول في التعليم تأتي بوتيرة أقل من سرعة التحولات في مجال الاتصال، الذي يواكبه الطلبة فوراً والمتمثل في نوع وطبيعة المعارف وطريقة تلقيها، لا شك أن محتوى التعليم الذي تقدمه المؤسسات التعليمية ممنهج وموثوق، لكن هل يلبي احتياجات الطلبة اليوم؟ في الواقع ما تقدمه المؤسسات التعليمية يركز بشكل مفرط على الموضوعات الأكاديمية النظرية والاختبارات والتقييمات الموحدة، ومع كل الاحترافية والمهنية التي يتمتع بها مقدمو التعليم، إلا أن تعليمهم قد لا يلبي اليوم الاحتياجات العملية للطلبة، وهذا تحدٍ تواجهه النظم التعليمية المعاصرة في العالم.
الطلبة اليوم كصاحبنا المسافر الجائع، لديهم احتياجات أخرى، تتمثل في فهم أساسيات ومهارات عملية، وكذلك مهارات التفكير النقدي والإبداعي والابتكار، والتركيز على المهارات الحياتية، بدلاً من الاعتماد المفرط على الجانب النظري الذي قد لا تكون صلة مباشرة بتحديات وفرص العالم الحقيقي، في الواقع هم بحاجة لسماع «نغمة الملاعق» الملاعق التي تغرف لهم ما يتزودوا به ليعدهم للحياة العملية والمهنية.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية