صَفَّقَ الكونغرس الأمريكي كثيراً، صَفَّقَ لأكثر من 80 مرة قياماً وقعوداً خلال 50 دقيقة، لمجرم الحرب الصهيوني بنيامين نتنياهو أثناء كلمته التي لم يُرَكِّز فيها أحد من أعضاء الكونغرس. وصل الأمر إلى حد أن طلب منهم المجرم التوقف عن التصفيق والاستماع إليه.هذا المشهد المثير للسخرية لم يكن إلا عرضاً من عروض السيرك السياسي الأمريكي، حيث يُرفع الستار لتكشف لنا أمريكا عن وجهها الحقيقي في دعمها الأعمى لإسرائيل. لم يكن التصفيق مجرد فعل عفوي، بل كان رسالة واضحة أراد أعضاء الكونغرس إيصالها للمجتمع الإسرائيلي والأمريكي والعالم، رسالة مفادها «نحن هنا لندعم الطغاة والمجرمين، ونصفق لهم ببهجة».الكثير ممن يميلون للإنسانية أزعجهم هذا التصفيق، تصفيق العار، وأزعجتهم الرسالة التي أراد الحاضرون من أعضاء الكونغرس إيصالها، أقول لهم: لا بأس «معلش»! فكثيراً ما صفق العالم لعروض السيرك، والتصفيق علامة لنهاية عرض المهرجين، فليست كل صفقة وساماً، وليست كل صفقة دليل إنجاز.لقد رأينا كيف تحوّل التصفيق إلى أداة لتجميل وجه القبح، وكيف بات وسيلة لتبرير الظلم والعدوان، إن هذا التصفيق لم يكن دعماً لخطاب نتنياهو، بل كان موافقة ضمنية على جرائم وإرهاب إسرائيل. وعلينا أن نتذكر أن التاريخ مليء بمواقف مشابهة، حيث صفق الناس للطغاة والمجرمين مثل أدولف هتلر، وكانت النهاية دائماً واحدة، السقوط.وفي نفس السياق، اعتبر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية نتنياهو مجرم حرب، وهو سؤال وجهه أحد الصحفيين للمتحدث باسم البيت الأبيض بمناسبة الزيارة التاريخية السوداء، «ألا تجد تناقضاً بين السلطة الأمريكية والأخلاقيات التي تدعيها»، فرد قائلاً إن الولايات المتحدة لا تعتبر نتنياهو مجرم حرب ولا يتفقون مع المحكمة الجنائية الدولية.ذكرتنا هذه التصريحات بقول فرعون لأعوانه «ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد»، وصفقوا له، وقالتها السياسة الأمريكية للعالم اليوم. هذا الرد يبين بوضوح أن كل الشعارات والكلام المتعلق بالحق والحرية ليس لهما قيمة إذا كانت المصلحة الأمريكية والإسرائيلية تقف أمامهم.لذا، دعونا نكون على وعي، ونميز بين التصفيق الذي يعبر عن دعم حقيقي للقيم الإنسانية، والتصفيق الزائف الذي يخفي وراءه النفاق والتواطؤ، فالعدالة لا تُصفق للظلم، والحرية لا تُصفق للقمع، والإنسانية لا تُصفق للمجرمين.