يعتبر الأمريكيون الرئيس الأسبق رونالد ريغان، شخصية استثنائية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، بل ويكنون له الود على مختلف توجهاتهم السياسية والحزبية، ويغفرون له زلاته، ويكاد يتفق أكثرهم على أنه الشخص الذي أعاد للأمريكيين الثقة بأنفسهم، ولاشك أن للحرب الباردة ونهاية الاتحاد السوفيتي أثراً كبيراً على موقفهم منه، ومع ذلك هذا لا يكفي ليتفق عليه الأمريكيون.ريغان كان ماهراً في اقتناص الحكايات والقصص الشعبية وسردها في خطاباته، وهذه كانت تعد جزءاً من استراتيجيته السياسية، ومع أنه لم يستخدمها بالمعنى التقليدي للفلكلور، لكنه كان يعزز رسائله السياسية بالقصص الشعبية ذات الطابع الأمريكي، كما أنه استخدم قصصه وتجاربه الشخصية في إيصال الرسائل السياسية لجمهوره، حتى لقب بالمتواصل العظيم، هذه الحكايات عزز فيها ريغان قضايا كبيرة مثل الاقتصاد الحر وغيره، فساعدته على تقديم أفكاره ورسائله في قالب بسيط جاذب للجمهور، كما أنه استخدم القصص الشعبية لإحياء الروح الوطنية والتفاؤل في نفوس الأمريكيين، لا سيما بعد فترات من أزمات الاقتصاد، ولم يستخدم الحكايات الشعبية للتأثير على الجمهور فقط إنما هذه الحكايات أثرت عليه شخصياً قبل جمهوره، وجزء من سياسته مستمد من هذه الحكايات، منها على سبيل المثال فكرة «المدينة المشرقة على التل» التي استخدمها لتعزيز فكرة التفوق الأمريكي ودورها الريادي والقيادي في العالم، وخلاصة الأمر أن ريغان تمكن بواسطة استخدامه للحكايات الشعبية من التأثير بفعالية على الرأي العام، وتمكن من إيجاد الداعمين لسياساته، فجعله ذلك الأمر أحد أكثر الرؤساء تأثيراً في التاريخ الأمريكي.ومن واقع التجربة فإن استخدام الحكايات الشعبية والقصص الواقعية لا سيما الغريب منها والطريف أو المؤثر، يعد أداة رائعة لا تنافسها أداة في التأثير على الجمهور، سواء كان مستخدم الأداة سياسياً يخاطب جمهوره أو إعلامياً أو أستاذاً مع طلبة، فأغلب البشر ميالون للاستماع إلى القصص والتأثر بها أكثر من سماعهم للفكرة والرسالة بطريقة مباشرة، مهما كان مستوى تعلم هؤلاء البشر، والحكايات والقصص الشعبية مدخلاً رائعاً للتواصل الفعال وسبباً لنجاح أي مرسل مع المستقبلين.* عميد كلية القانون بالجامعة الخليجية