الرأي

الركود الذهني

في مراحل تقدم العمر للإنسان الطبيعي، يحتاج وبشدة لمعرفة طريقة الوصول إلى المرحلة الملكية كي يتمتع بمراحل الحياة المتبقية لديه، ونادراً منا ما يعرف تلك المرحلة المذكورة، فهي من أهم المراحل الأساسية للانفصال عن متاعب ومصاعب الحياة، التي من الطبيعي المرور بها بإيجابياتها وسلبياتها، ولكن يبقى الأمر المهم هنا! بأنه من هو الشخص الذي يمكنه التربع فوق عرش المرحلة الملكية، لأن الانفصال عن بعض أمور الحياة أمر ليس سهلاً على الجميع، فسوف يتصف الشخص باللامبالاة، وأنه عديم الإحساس، ولا توجد لديه أي بوادر للتواصل مع الجميع، ذلك هو الانفصال الذهني والبدني والنفسي عن الآخرين.
ويمكن للأشخاص الذين يرون بأنهم في حاجة ماسة للتمتع بتلك المرحلة، فيختارون فقط المرحلة الملكية في جوانب معينة في الحياة واستخدام أسس تلك المرحلة مع الآخرين، وذلك للابتعاد عن سلبيات أغلب الأشخاص، بل للوصول للأهداف بسهولة ومرونة دون عواقب أو صعاب، فلا تقتصر المرحلة الملكية على الحياة بأكملها، بأيدينا أن نسيطر على أنفسنا في جوانب معينة، ونستخدم تلك النظرية في أمور أخرى قد نعاني منها في ممارستنا لها يومياً، وخصوصاً في تنوع أساليب الحياة التي قد لا تتناسب مع مبادئنا أو سلوكنا.
فالمرحلة الملكية مرحلة مليئة بالنضج والوعي التام والاهتمام بالراحة النفسية، وأيضاً تجعلك تتسابق في فتح آفاق عدّة من الطموح، والتي قد أهملتها سابقاً بسبب انشغالات الحياة والجدالات التي لا نهاية لها مع الآخرين، هي مرحلة خاصة بك وتعتبر حياتك فيها شبه مملكة خاصة برئاستك الشخصية، وهنا تبدأ الحياة التي قد تنتظرها قبل ذلك، فلا تجعل الفجوة كبيرة ما بينك وبين الاهتمام بنفسك والحرص على كيانك والتأقلم بأقصى سرعة للوصول إلى العرش الملكي في تلك المرحلة، لا أحد سيستجيب لك في حال حاجتك له مهما تطرق الأمر، ومهما كان الأمر بسيطاً، لأنه لولا اختلاف العقول لأصبحت الحياة دون جدوى بالنسبة لمن حولنا.
ثق تماماً بأن الجميع يحتاجون الانفصال عن العالم من حولهم، ولكنْ يفتقرون طرق الوصول لتلك الخطوات للتمركز في المرحلة الملكية، وإن استطعت ذلك، فستكون شخصاً استثنائياً في مجتمعك، فتطبيق المرحلة الملكية أهم بكثير من الوصول إليها، فربما تكون شخصاً عديم المسؤولية في من حولك وعديم الإحساس في شعور الآخرين، ولكن لن يفهم تلك الممارسات التي تقوم بها إلا من تقلد تلك المرحلة مثلما تقلدتها، والتجربة خير برهان، وخصوصاً في تلك الأمور الحياتية، يحتاج الشخص قوة قبل القناعة، ويحتاج للصبر قبل الإحساس بمعايير هذه المرحلة، وأيضاً يجب عليه أن يكون على يقين بأنه محارَب من الجميع؛ بسبب انفصاله التام عن جميع الجوانب الخاصة بمن حوله.
ومن وجهة نظري الشخصية، فإن المرحلة الملكية ستضيف في حياتك قوانين عدة، أهمها البحث عن الحلول البديلة لأي مشكلة كانت، ومنها ستتعلم الصبر في الأزمات الصعبة والمحن الكبيرة، وسيُصنع بداخلك شخص جديد يختزن العديد من الحِكم المفيدة التي من الممكن أن تفيدك شخصياً، ثم تفيد الآخرين، بينما ستكون شخصاً مرموقاً في المجتمع، وبدون أي مبالغة ستصبح خير مستشار كونك تخطيت جميع تلك الأسس، وتمكّنت من تطبيق هذه المرحلة، فيبقى الأمر هنا أن تُطور من الكيان الملكي الذي تمكّنت منه بفن وطلاقة، والتطوير لن يقتصر فقط على شخصك، بينما تجب مشاركة هذه التجربة مع من ترى بأنه في أمسّ الحاجة للنضوج العقلي والالتزام بالوعي الفكري.
جميعنا نحتاج إلى وحدة الدعم والمساندة النفسية، والوقاية من كل أمر سلبي يصيبنا ويدهور ما بنيناه في السابق، ومن المفترض بأن نضع حدوداً وخطوطاً حمراء لتلك المملكة التي من خلالها سيصدر الدستور ونصوص القوانين الخاصة بها للحفاظ على كيانها، فتخيل بأنك قد بنيت وطناً بداخلك وأنت من يرأسه بالسياسة المناسبة لك، وبالاشتراطات التي ستحوّل هذا الوطن إلى حياة خالية من الصعاب والجدالات والأقاويل السلبية التي لا نتيجة لها، لابد من هذا المنطلق بأن نبحث عن طرق الوصول إلى المرحلة الملكية، كي تستمر الحياة ونحن جميعاً في سلام وتسامح تامّ، من دون ضرر، ومن دون أي ضرار.