الرأي

أتفق وأؤيد!

الدعم والتأييد والموافقة في الاجتماعات والنقاشات فن يتقنه بعض «محترفي الاجتماعات» يبعد عنهم الإجهاد والتوتر، ويتخلصون به من مواقف قد تسجل ضدهم.. إنها لعبة من يمتلك سرها ومهارتها ينطلق بها نحو النجومية في أماكن العمل والنقاش.

.

لكن قبل أن تعرف متى وكيف يطلق هؤلاء المحترفون تأييدهم، عليك أن تعرف أن المؤيدين والموافقين أنواع، فكثير منهم يؤيدون بغير احترافية.. نعم، فهناك المؤيد شارد الذهن والكسول، الذي حضر الاجتماع أو النقاش واتخذ موضعاً بعيداً أو شبه محجوب، وهو مثقل بهموم ومشاكل أخرى، أو يعيش في حالة صفاء ذهني محلقاً به خارج الاجتماع، وليس لديه الاستعداد لاستيعاب ما يدور، وينتظر بفارغ الصبر نهاية الاجتماع، هذا عادة لا يرهق نفسه ويجيب على أي شيء بأوافق وأؤيد، وهناك نوع آخر وهو المؤيد المتذبذب، وهذا في العادة شخص فريد من نوعه، ينخرط في النقاش وكأنه يذيع البيان رقم (1) ويطرح رأيه بحدة، وما أن يحاول بعض المجتمعين إقناعه أو يواجهه بقوة، إلا ونطق بالموافقة والتأييد، ولا تدري هل اقتنع بالفعل أم أنه أراد إنهاء النقاش، في الواقع هذا النوع لا تشغل نفسك به، فقط اتركه وسيوافق من تلقاء نفسه، أما النوع الآخر فهو المحترف، إنه المؤيد الاستراتيجي الذي لا يقدم التأييد إلا إذا تأكد من رد الفعل والفائدة المتحققة من الرد أياً كانت، هذا النوع عادة ما يجلس بهدوء بانتظار اقتناص اللحظة المناسبة ليطلق تأييده وموافقته، وبعدها يقدم مبرراته وكأنه في جولة مناظرة، وعادة ما تكون موافقته دعماً لشخص أو مجموعة بإمكانهم مكافأته على تأييده ودعمه، هذا النوع غالباً ما يكون مجهزاً لموقف وخطة انسحاب وتغيير الموافقة إذا ما تغيّر اتجاه الريح.

.

بقي أن نعرف كيف يعمل محترفو التأييد، في الواقع الأمر يبدأ منذ لحظة دخول الاجتماع، فأحدهم يدخل وكأنه قائد عسكري، يجلس ويركز على النقاش، ويتفاعل بهزّ الرأس ثم بعد قليل يبعث بأول رسالة عندما يقول بصوت واضح: «أؤيد هذا الرأي» هذه الرسالة لمن يحتاج إلى الدعم، يقول فيها إنه داعم يمكن الاعتماد عليه، وعادة عندما ينتقل النقاش إلى عبارات ومصطلحات قد لا يفهمها، يبتسم بهدوء، ويبدي تأييده بهز رأسه وكأنه مدرك تماماً لما يقال، في حين هو بأمسّ الحاجة لمعرفة عن أي شيء يتكلمون، ثم يحتد النقاش وهو لا يعرف ماذا يجري ولكنه يتصرّف كالحكيم الذي يعمل على الحفاظ على التوازن والسلام، فيقدم ردة فعل الذي يفكر بعمق ويتأمل، ثم يدعم ويؤيد لحفظ جو السلام، وحتى لا يدخل في نقاش التفاصيل التي لا يعلمها يؤيد بعبارات بديلة لموافق وأؤيد، مثل عبارة فكرة ممتازة، هذا ما نحتاج إليه بالضبط، أؤيد وبشدة، مع نظرة جادة، يتبعها تكرار كلام من قدم له التأييد ولكن بإعادة صياغته، وبهذه الطريقة يبقى بعيداً عن المشاكل قريباً ممن أيدهم، فالناس لا يحبون المعارضين ويميلون للمؤيدين ويشعرون بالارتياح لمن يوافقونهم.

.

أتفق وأؤيد، شعار لدى بعض الأشخاص، يرفعونه وهم يشاهدون غيرهم وهم يجهدون أنفسهم بالتفكير والتحليل والتعمق، بينما يكتفون هم بالتأييد.

* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية