الرأي

من خارج الصندوق

نأمل في يوم من الأيام بأن يكون تفكيرنا خارجاً عن المألوف سواء على الصعيد الشخصي أو العام. فعندما تحتم علينا أفكارنا بأن نرتكز داخل المحيط الشخصي، لن تكون لدينا الجرأة في الخروج عن الإطار بسبب عدم تمكننا من التفكير الواسع واللامحدود. قد يكون التفكير من خارج الصندوق له الأثر الإيجابي والمضمون، ولكن أغلبنا ليس لديه روح المغامرة بالخروج عن المألوف، فيصبح الأغلب -كما يُسمّون- من محدودي الإمكانيات أو التفكير، وذلك يُقاس على توقفنا في منتصف الطرق التي نسعى لها لتخطيط كافة المشاريع التي من الممكن تدشينها بنجاح بفضل الخروج عن المألوف.ومن هذا المنطلق، نستذكر أنموذجات البشرية الذين تطرقوا نحو التفكير الخارج عن المألوف، حيث قاموا بالمغامرة في فكرهم من داخل الصندوق وخارجه، حتى أصبحوا مخترعين عظماء امتدت نجاحات اختراعاتهم منذ تأسيسها حتى الآن، المخترع الأول هو «ألكسندر غراهام بل» الذي اخترع الهاتف وأنشأ شركة الهاتف والتلغراف الأمريكية، والمخترع الثاني «توماس ألفا إديسون» الذي اخترع الضوء الكهربائي، والمخترع الثالث «ويليس هافيلاند كارير» الذي اخترع أول وحدة تكييف كهربائية، والعديد من المخترعين لا يسعني ذكرهم في مقال بل تحتاج إنجازاتهم إلى كتب، كل هؤلاء خرجوا عن المألوف من حيث التفكير حتى أصبحوا مخترعين لأفضل الاختراعات التي امتدت لقرون عدة.في القرون الماضية لا توجد سُبُل التسهيلات التي نغتنمها اليوم، ومع ذلك نرى بأن أكبر وأفضل المخترعين من العصور القديمة كانوا يفتقرون التطور والتكنولوجيا المتوفرة لدينا في العصر الحالي، ومع ذلك بفكرهم واستطاعتهم وبجهدهم قاموا باختراع العديد من الابتكارات التي تواكب عصرنا الحالي ولا يمكننا الاستغناء عنها، فما هو عذرنا في حين أننا نملك جميع الإمكانيات ولدينا الوعي في تسخير الأفكار لتطبيقها على الواقع مقارنةً بالمخترعين من العصور القديمة؟ فلا توجد لدينا أعذار لعدم الاجتهاد أو السعي.نحن اليوم قد لا نريد أن نصبح مخترعين أو مفكرين أو علماء، ولكن نريد أن نرتقي بفكرنا ونطور من أنفسنا حتى نواكب العصور الحالية. وكي نصنع جيلاً واعداً ومتقدّماً لابد من الخروج عن المألوف، وأن يصبح تفكيرنا من خارج الصندوق وليس من داخله، لأنه كل المحيطات محدودة، والتفكير يريد منا التوسّع به كي يأخذنا إلى عام آخر، ومن هنا يبدأ التغيير في أساليب التفكير عموماً، وأيضاً سنصبح مبدعين في أمور كثيرة، كل شخص وميوله الفكري وحسب رغبته واختصاصه، وسيزدهر العالم بنا وشعوبه أكثر مما نتوقع، يكفي بأننا سنطور من فكرنا الشخصي وسنفخر دائماً بنقل تلك الإنجازات على العموم من حولنا.التفكير خارج الصندوق مهم جداً في الممارسات اليومية لجميع أفراد المجتمع، مثال: إذا كان رب الأسرة من ذوي الفكر المحدود سيؤثر سلباً على أبنائه بذلك التفكير، ولا يمكنه إبراز أحد منهم حتى في نجاحه، وكذلك أي مسؤول يدير مجموعة موظفين وليس لديه القدرة على الخروج عن إطار الصندوق في التفكير، سيكون عمله فاشلاً بل ستصبح بيئة العمل دون تقدّم، وإن كان الشخص صاحب مشروع وكان من ذوي الفكر المحدود سيبقى على نفس هامش الربح بينما سيكون المشروع على قوائم الخسارة العلنية، الأشخاص في كل هذه الأمثلة بيدهم أن يصبحوا مثاليين في الاستغناء عن الحدود التي تقيّد فكرهم.نرى بأن المجتمعات تتطلّب منا النهوض بها نحو مستقبل أفضل، ولكن الجهد والسعي خارج الصندوق عامل رئيس في النقلة النوعية، وبعد ذلك تأسيس نقطة البداية وعدم الرجوع إلى الخلف بحيث أن نكون داخل الصندوق دون إرادتنا. علينا أن نؤمن دائماً بأن التفكير كلما كان محدوداً فنحن داخل إطار محدود ومقيّد، وإن تقدّمنا بالفكر وقمنا بنتائج إيجابية حتماً سنعرف بأننا غير مقيّدين بالفكر، وأننا في مُطلق الحرية لنحوم في سماء الإنجازات العظيمة. هذا ما ينبغي فعله للنهوض بالمجتمعات الحالية، نكتفي بدايةً بفرد أو فردين أو حتى بمجموعة من الأفراد للقيام بتلك المهمات، كي يعكسوا الأثر الإيجابي لذلك التطور المطلوب، وسيصبح حينها التشجيع بسيطاً مع وجود تلك الإنجازات.لن نطمح لمواكبة الغرب في اختراعاتهم ونجاحاتهم، بل نريد أن نصبح أفضل منهم في شتى المجالات، ونريد أيضاً أن نصبح متقدّمين عليهم بكثير، كي يقتبسوا نجاحاتنا ويقوموا بتطبيقها بطابعنا الخاص. لا يمكن أن تكون هناك منافسة دون تسابق، ولا يمكن أن يكون هناك نجاح دون فشل، فالمغامرة مطلوبة وتطبيقها على واقع الحياة أمر أساسي، ومعنى المغامرة هنا بأن نضع أنفسنا خارج الصندوق، لكي ننطلق بأفكارنا التي من الممكن تطبيقها على أرض الواقع. جميعنا نمتلك إمكانيات موحّدة كوننا بشراً طبيعيين، ولكن ليس الجميع لديه الجُرأة في الخروج من داخل الصندوق نحو التفكير.يجب علينا أن نغيّر اعتقاداتنا من جانب التفكير سواء الشخصي أو التفكير العام، لكسب الجرأة في الخروج من داخل الصندوق، ولكي نرتقي بأفكارنا ونطور من أنفسنا ونعكس تلك الإيجابيات على مجتمعاتنا، وهذا الأمر لا يحتاج تشجيعاً من الآخرين، بل لابد من اغتنام جميع الفرص والقيام بإبراز ما نتمكّنه من أفكار تنتج عن نجاحات لها الأثر الكبير على من حولنا، سواء أكان الفرد رب منزل أو كان مسؤولاً أو كان صاحب مشروع، ننهض بأنفسنا كي ننهض بمن حولنا، وثق تماماً بأنك ستكون المفتاح الذي يحتاجه أغلب أفراد المجتمع من ذوي الفكر المحدود والذين لم يتمكّنوا من الخروج من داخل الصندوق.