في تأكيد جديد على النهج الحضاري الراسخ لمملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، في ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وقيم العدالة والإنسانية، ترأس معالي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير الديوان الملكي، الاجتماع الأول للجنة اختيار أعضاء مجلس مفوضي المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان. ويُمثل القرار بالشروع في هذه العملية خطوة محورية نحو تعزيز الشفافية المؤسسية، والاستقلالية، والمصداقية في مجال الحوكمة الحقوقية. كما يُعد هذا التوجه دليلاً صريحاً على التزام مملكة البحرين بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، لاسيما تلك الواردة في مبادئ باريس التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993.في جوهر مبادئ باريس، يُبرز المبدأ الأول أهمية التعددية في التشكيل والإجراءات الشفافة في تعيين أعضاء المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وتنص المادة الأولى من المبادئ تحت عنوان «التركيبة وضمانات الاستقلال والتعددية» على ما يلي:«يُحدَّد تشكيل المؤسسة الوطنية وتعيين أعضائها... وفقاً لإجراء يضمن كل الضمانات الضرورية لتكريس التعددية داخل المؤسسة، واستقلالية أعضائها».وتأتي خطوة فتح باب الترشيحات لعضوية مجلس مفوضي المؤسسة الوطنية، لتجسّد هذا المبدأ عملياً، من خلال تطبيق معايير واضحة ومُعلنة مسبقاً لآلية التعيين، تشمل وظائف بدوام كامل وجزئي، وتضمن التزام المرشحين بمتطلبات قانونية، ومهنية، وأخلاقية تتماشى مع قانون المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين.كما تؤكد المادة الثانية من مبادئ باريس على أهمية التشاور الفعّال في عملية اختيار الأعضاء:«تحرص المؤسسة الوطنية على التشاور والتعاون مع مختلف الهيئات المسؤولة عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان...».وعبر دعوة واسعة النطاق للترشيحات وإخضاعها لعملية اختيار شفافة قائمة على الكفاءة والاستحقاق، تعزز البحرين نموذجاً للحكم التشاركي يترجم روح المبادئ الدولية إلى ممارسة وطنية حقيقية.ولا تقتصر أهمية هذه الإصلاحات على الجانب الإجرائي، بل تشمل البُعد الجوهري في ترسيخ الثقة العامة في المؤسسة الوطنية كمكوّن محلي الجذور، يرتبط بمنظومة الحماية الحقوقية العالمية. إذ تضمن هذه الآلية أن يعكس تشكيل المجلس توازناً نوعياً، وتنوعاً قطاعياً، وتمثيلاً حقيقياً للخبرات كما أوصت بذلك أفضل الممارسات الدولية، وجهات دولية مثل التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI).حجر الزاويةيُجسّد التزام مملكة البحرين بنهج شفاف، شامل، وقائم على القواعد في اختيار مفوضي المؤسسة الوطنية محطة محورية في مسار ترسيخ مبادئ المساءلة، والمشاركة، والتعددية. إنها رسالة واضحة مفادها أن حماية حقوق الإنسان في البحرين ليست مجرد التزام دستوري، بل هي واقع عملي يتطور باستمرار ضمن إطار القانون الدولي واحترام السيادة الوطنية.وقد حرصت لجنة الاختيار، التي تضمّ نخبةً من الكفاءات الوطنية، على اعتماد آلية واضحة ومعلنة لتلقي طلبات الترشح خلال فترة محددة، وذلك عبر البريد الإلكتروني الرسمي، مرفقة بالسيرة الذاتية المحدّثة والمستندات المطلوبة. وتتماهى هذه الخطوة مع مبادئ باريس والأطر القانونية الوطنية، لتقدم البحرين بذلك نموذجاً يُحتذى به على المستوى الإقليمي، وتؤكد أن الشفافية ليست مجرد مبدأ داعم، بل هي حجر الزاوية في ضمان مصداقية واستدامة الحوكمة الحقوقية.