في الوقت الذي ينشغل فيه معظمنا بمراقبة حركة المرور على خرائط غوغل، وانتظار أن تخف زحمة شوارع المنامة، ينشغل العالم اليوم بمتابعة تنافس تكنولوجي محموم بين عمالقة الذكاء الاصطناعي. فخلال مطلع الشهر الماضي، أعلن الملياردير إيلون ماسك عن إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي.
«غروك 4»، واصفًا إياه بأنه «أذكى ذكاء اصطناعي في العالم»، قادر على أداء مهام معرفية وعلمية بمستوى باحث دكتوراه، بل وتجاوز نتائج نماذج كبرى مثل Gemini من غوغل، وo3 من OpenAI. الجميل في الأمر أن «غروك 4» لا يكتفي بفهم النصوص فقط، بل يستطيع التعامل مع الصور والصوت، وحتى الغناء! ورغم أن البعض قد يعتبر هذه الخصائص من باب الاستعراض أكثر من كونها أساسية، إلا أنها تفتح الباب لفرص إبداعية هائلة، قد تصل لإنتاج الأفلام، أو حتى اكتشافات علمية جديدة في الفيزياء، كما يتوقع ماسك وفريقه خلال العام القادم.لكن بعيداً عن العروض الدعائية والتصريحات الطموحة، قد تجعل تكلفة الاشتراك الشهري، التي تبدأ من 30 دولاراً وتصل إلى 300 دولار للنموذج الأكثر تطوراً، كثيراً من المستخدمين يعزفون عن الخدمة، خصوصاً مع توفّر بدائل مجانية أخرى قد تلبي احتياجاتهم.
على الجانب الآخر من هذا السباق التكنولوجي، تستعد شركة OpenAI – صاحبة نموذج ChatGPT الشهير – لإطلاق نموذجها الجديد 5-GPT قريباً بحسب ما أشارت إليه بعض التقارير، رغم أن الموعد النهائي للإطلاق ما يزال غير مؤكد بشكل رسمي. بحسب تقارير متواترة. هذا النموذج الجديد يطمح لأن يدمج كافة تقنيات الشركة السابقة في نظام موحد متطور، مما يجعل من استخدام الذكاء الاصطناعي أسهل وأكثر فعالية، وربما يفتح الباب أمام فرص كبيرة للمطورين والطلاب وحتى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ورغم أن التفاصيل حول 5-GPT ما زالت محدودة، إلا أن التوقعات تشير إلى أنه سيكون متعدد القدرات، حيث يدعم النصوص والصور وربما الفيديو أيضاً، مع توفير مستويات متعددة تناسب مختلف احتياجات المستخدمين، سواء على الصعيد الشخصي أو التجاري.
ما يجعل هذه المنافسة العالمية مهمة للقارئ البحريني، هو أن هذه الأدوات والتقنيات الذكية لم تعد بعيدة عنا، بل هي متاحة ومتوفرة أكثر من أي وقت مضى. فبإمكان رواد الأعمال في البحرين اليوم الاستفادة من هذه التكنولوجيا لتعزيز خدمات الزبائن وتطوير منصات التجارة الإلكترونية. كما أن طلبة الجامعات البحرينية يمكنهم الاعتماد على هذه التقنيات الحديثة في الأبحاث، وتطوير مشروعاتهم الأكاديمية، وحتى في رسم مسارات مهنية أكثر وضوحاً ودقة، في مجالات تكنولوجية مثل الأمن السيبراني وتصميم الحلول الرقمية، وغيرها من المجالات التي تتسع بشكل مستمر.
وفي الوقت ذاته، تبرز أهمية استعداد المجتمع المحلي لمثل هذه التقنيات، عبر بناء الوعي وتعزيز ثقافة الابتكار، خصوصاً لدى الجيل الشاب، فالعالم يتغير بسرعة مذهلة، ومن لا يسارع إلى ركوب موجة التحول الرقمي اليوم، قد يجد نفسه غداً على هامش المستقبل.
الخلاصة، التكنولوجيا تتحرك بسرعة غير مسبوقة، والتنافس العالمي لن يتوقف، ويبقى علينا نحن الاستعداد واقتناص الفرص بذكاء، لنكون جزءاً فاعلاً في عالم المستقبل، بدلاً من مجرد متفرجين ينتظرون أن تحلّ التقنيات الجديدة مشاكلهم تلقائياً.
* خبير تقني