حين نتأمل مسيرة المرأة البحرينية خلال العقدين الماضيين، نجد أننا أمام تجربة وطنية رائدة لم تأتِ صدفة، بل صيغت وفق رؤية استراتيجية واضحة المعالم، حمل لواءها المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم
آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، الذي استطاع أن يحوّل طموحات المرأة إلى واقع ملموس.
واليوم، ومع إطلاق الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2025 - 2026، ندخل مرحلة جديدة تحمل عنواناً بليغاً، «من التمكين والتقدم إلى السعي نحو الريادة». هذه العبارة ليست مجرد شعار، بل هي تعبير عن نقلة نوعية في التفكير الاستراتيجي، فالمرأة البحرينية لم تعد فقط شريكاً في التنمية، بل صارت لاعباً رئيساً في صياغة مستقبل الوطن.
الخطة ركّزت على أربعة مجالات رئيسة، استقرار الأسرة، وصنع واتخاذ القرار، والمشاركة الاقتصادية، وجودة الحياة. وهي ليست محاور نظرية، بل أولويات عملية تتقاطع مع احتياجات المجتمع وتحديات المرحلة المقبلة.
ومن اللافت أن المجلس الأعلى للمرأة لم يكتفِ بالحديث عن المبادئ، بل رسم آليات تنفيذية دقيقة تشمل السياسات والموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة، والتدريب، والرقابة، وصولاً إلى المتابعة والتقييم.
إن ما يميز هذه الخطة أنها ليست معزولة عن المحيط الوطني والدولي، بل هي امتداد لثوابت مملكة البحرين الدستورية، ومرتبطة برؤية البحرين 2030 السابقة، ومنسجمة مع أهداف التنمية المستدامة، خصوصاً الهدف الخامس المتعلق بالمساواة بين الجنسين. كما أنها تواكب التحول الوطني نحو إعداد رؤية البحرين 2050، بما يجعلها خارطة طريق تستند إلى الماضي، وتستشرف المستقبل في الوقت ذاته.
لقد أثبتت المرأة البحرينية حضورها في جميع الميادين، من البرلمان والشورى، إلى الحكومة والقضاء، ومن الاقتصاد والطب، إلى التعليم والهندسة والإدارة. وهذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا هذا النهج المؤسسي الذي آمن بقدرة المرأة، ووفر لها التشريعات والسياسات الداعمة.
ولعل أجمل ما في هذه الخطة أنها تؤكد أن مسيرة المرأة لم تعد مجرد رحلة تمكين، بل هي اليوم سباق نحو الريادة. والريادة تعني أن المرأة البحرينية لم تعد تسعى فقط إلى أن تكون جزءاً من المعادلة، بل أن تكون في قلبها، تصنع القرار، وتشارك في التنمية، وتبني أجيالاً جديدة أكثر وعياً وصلابة.
من هنا، فإن الدور الذي يقوم به المجلس الأعلى للمرأة ليس مجرد دور إداري أو تنسيقي، بل هو رؤية استراتيجية تحمل بصمة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، التي آمنت منذ البداية بأن مملكة البحرين لا يمكن أن تنهض إلا بجناحين متكاملين (الرجل والمرأة).
وفي النهاية، يمكن القول إننا أمام مرحلة فاصلة، المرأة البحرينية تدخل زمن الريادة، والمجتمع كله مدعو لأن يكون شريكاً وداعماً لهذه المسيرة، لأن الريادة ليست مكسباً للمرأة وحدها، بل هي مكسب للوطن بأكمله.