في طريقي إلى مدرسة ابنتي الثانوية، وجدت نفسي أمام صورة تعكس واقعاً جديداً لجيلنا الصاعد. خرجتُ بانطباع واحد، نحن اليوم أمام جيل ثانوي أكثر وعياً بما هو «رائج»، وأكثر اطلاعاً على ما يسمونه بلغتهم «الترند».لكن المشكلة أن هذا الوعي لا علاقة له بالثقافة، ولا بالعلم، ولا حتى بالقيم التي ينبغي أن يحملها طالب أو طالبة في هذه المرحلة العمرية الحساسة. هو مجرد تراكم لشوائب ومخلفات العالم الافتراضي الذي يملأ العقول بالصخب ويُفرغها من الجوهر.

وأنا لا أتحدث عن كل الطلبة، وإنما عن جزءٍ منهم، وهو جزء مؤثر في المشهد العام. المظهر الخارجي لا يعكس هوية البلاد، والسلوك لا يوحي بعاداتها وتقاليدها. ترى أشكالاً مستنسخة من شخصيات مشهورة في عالم التفاهة، لا في عالم المعرفة. فتيات بشعر مصبوغ بألوان بين الأخضر والأزرق والوردي، وملابس قصيرة وضيقة كأننا نخلع هويتنا بأيدينا، وأنوف ملفوفة بشاشات طبية بعد عمليات تجميل في عمر الزهور.

وهنا لابد أن أوضح، أنا لا أتحدث فقط عن فتيات الثانوية، بل حتى الأولاد... هل هم بالشكل الذي يرضي الجميع؟ مشهد الفتيات هو موقف شاهدته بنفسي، لكنه ليس بمعزل عن واقع أشمل يشمل بعض الطلبة الذكور أيضاً، حيث لا يختلف كثير منهم في مظاهر التقليد الأعمى، سواء في الملبس أو أسلوب الحديث أو طريقة التصرّف.

والسؤال الذي يفرض نفسه، كيف لولي أمر أن يسمح بهذا؟ أين الرقابة الأسرية؟ وأين انضباط المدرسة؟ أنا أعلم يقيناً أن وزارة التربية والتعليم لم تنسَ موضوع الانضباط والمظهر العام، فهو بند أساسي في توجيهاتها.

ولكن أين إدارات بعض المدارس من تطبيق هذه التوجيهات؟ أليس من واجبها حماية السواد الأعظم من الطلبة والطالبات من هذه السلوكيات التي قد تُغري أو تؤثر على البقية؟ الأصل أن يكون الزي المدرسي والمظهر انعكاساً لهويتنا العربية والإسلامية، لا نسخة مشوّهة من موضة الترند.

ومع ذلك، أجد من الواجب أن أنصف وزارة التربية والتعليم، فهي خلال السنوات الأخيرة سطّرت نجاحات ملحوظة في مختلف المجالات التعليمية. غير أن تهاون بعض الإدارات المدرسية، وظنها أن الانضباط والمظهر أمور بسيطة، إنما يكشف خللاً في فهم جوهر الرسالة العظيمة لهذه المؤسسة، وهي أن التربية تسبق التعليم.