في عالمٍ يتغيّر بإيقاعٍ سريع، تواصل مملكة البحرين ترسيخ موقعها في قلب المشهد الاقتصادي الخليجي والعالمي، لا كمراقِب، بل كشريكٍ فاعلٍ في صياغة مستقبل الاستثمار، وقد تجسّد ذلك بوضوح في النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9)، التي انعقدت بالعاصمة السعودية الرياض خلال الأسبوع المنصرم تحت شعار «The Key to Prosperity: Unlocking New Frontiers of Growth»، بمشاركة نخبةٍ من قادة الحكومات والشركات وصنّاع القرار من مختلف دول العالم.

لقد جاء الوفد البحريني برئاسة سمو الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، وزير ديوان رئيس مجلس الوزراء، بتكليفٍ من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظَّم حفظه الله ورعاه، ليؤكّد أن البحرين تنطلق برؤيةٍ واضحة نحو اقتصاد المستقبل القائم على الشراكات النوعية والفرص المستدامة، بتوجيه ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بروحٍ تستشرف المستقبل وتستثمر في الإنسان والابتكار، وإن قيادة سمو الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة للوفد تمثّل رسالةً استراتيجية بأن البحرين لا تنظر إلى مثل هذه المؤتمرات كمحافلٍ للتصوير والبروتوكول، بل كمنصّات عملٍ تُبنى فيها العلاقات وتُصاغ فيها السياسات.

وفي الميدان الاقتصادي، كان الحضور البحريني لافتاً عبر (GFH Financial Group)، الذي شارك بوفدٍ برئاسة السيد هشام الريّس، الرئيس التنفيذي للمجموعة، كشريكٍ استراتيجي لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار (FII Institute)، في إطار شراكةٍ متجدّدة تهدف إلى دفع الابتكار والنموّ المستدام على مستوى المنطقة والعالم. وقد أكّد الريّس في تصريحاتٍ له بهذه المناسبة أن مشاركة GFH تأتي تأكيداً لدور البحرين كمركزٍ ماليٍّ متطورٍ، يسهم بفاعلية في صياغة توجهات الاستثمار المسؤول والاقتصاد الأخضر، ويواكب التحوّلات الرقمية في أسواق المال العالمية، وتؤكّد هذه المشاركة أن البحرين ليست مجرّد بيئةٍ جاذبةٍ لرؤوس الأموال، بل هي مركزٌ ماليّ ومعرفيّ يُسهم في بناء النماذج الاستثمارية الجديدة ويقود الحوار حول التحوّل الاقتصادي والتقني في المنطقة. لقد أثبتت البحرين من خلال هذا الحضور المزدوج-الرسمي والاقتصادي- أن قوّتها الحقيقية تكمن في تناغم الدولة مع القطاع الخاص، وفي قدرتها على تحويل الحضور إلى تأثير، والمشاركة إلى مبادرة. فهي دولةٌ تعرف أن الاستثمار لم يعد أرقاماً في المصارف فحسب، بل علاقاتٌ وشراكاتٌ ورؤى تشترك في صنع المستقبل.

همسةوفي «دافوس الصحراء»، كما يسمّيه الإعلام العالمي، قدّمت البحرين نموذجاً يُحتذى به دولةٌ صغيرةٌ بمساحتها، كبيرةٌ بأثرها، تحمل فكرَ قيادةٍ تؤمن بأن ازدهار الغد يبدأ من الكوادر البحرينية، ومن الثقة بقدراتها، ومن وضوح رؤيتها في ميادين الاقتصاد العالمي، ففي كلِّ مؤتمرٍ يحمل اسم «المستقبل»، لا تبحث البحرين فيه عن مقعد، بل تصنع لنفسها مكاناً بين الكبار؛ لأن من يملك الرؤية لا ينتظر الدعوة.