يأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان ليجسد لحظة تأمل عالمية نحو صون كرامة الإنسان وتمكينه. وفي البحرين، يكتسب هذا اليوم معنى أعمق، إذ يعكس ما تحقق بفضل الرؤية الراسخة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، ومساندة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد
آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، اللذين رسّخا نهجاً وطنياً يقوم على جعل الإنسان محور التنمية والاستقرار.
إن جوهر هذه الرؤية يقوم على أن الحقوق لا تُبنى بالشعارات، بل بتمكين الإنسان من قدراته، وتوسيع خياراته، وتحويل التنمية إلى حق مكتسب لا ترف تنموي.
لقد سعت البحرين خلال العقدين الأخيرين إلى بناء منظومة حقوقية متكاملة تتوافق مع الاتجاهات الحديثة التي اعتمدها مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، مؤكدة أن حماية الكرامة الإنسانية تبدأ من توفير بيئة عدالة شفافة وتمكين اجتماعي واقتصادي واسع. فجاء تأسيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات، ووحدة التحقيق الخاصة ليشكل بنية مؤسسية راسخة للرقابة والمساءلة، ويعزز ثقة المجتمع بالعدالة وسيادة القانون.
وعلى الصعيد الدولي، واصلت البحرين تعاونها البنّاء مع هيئات الأمم المتحدة، وقدمت تقارير دورية تعكس التقدم التشريعي والمؤسسي الذي حققته في مجالات حماية الطفل والمرأة والعمل والعدالة الجنائية. كما حظيت المملكة بتقدير متنامٍ في المحافل الدولية لالتزامها بنهج التطوير المستمر ومواءمة تشريعاتها مع المعايير العالمية، وهو ما يعزز حضورها في المنظومة الحقوقية الدولية باعتبارها دولة موازنة بين الهوية الوطنية ومتطلبات الانفتاح القانوني الحديث.
وقد شهدت المملكة في السنوات الأخيرة سلسلة من التطورات المهمة، شملت تحديث قوانين العمل، توسيع مظلة الحماية الاجتماعية، تعزيز حقوق المرأة، تطوير بيئة العدالة الإصلاحية، وتوسيع فرص التعليم والرعاية الصحية، إضافة إلى إطلاق مبادرات للتحول الرقمي تضمن حماية الخصوصية والبيانات الشخصية بما ينسجم مع المعايير الأممية الجديدة في حقوق الإنسان الرقمية.
إن هذا الجمع بين التنمية والحق يمثّل إحدى أهم سمات التجربة البحرينية.
ولا يمكن إغفال البعد السياسي، إذ برزت البحرين كفاعل مسؤول في محيطها الخليجي والعربي، معتمدة سياسة خارجية تقوم على تعزيز الأمن الإقليمي، ومواكبة التحديات المتصاعدة في مجالات الطاقة والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، وهي تحديات باتت جزءاً من منظومة حقوق الإنسان في عالم يتغير بسرعة. ولقد أسهمت الإصلاحات الحقوقية الداخلية في تعزيز القوة الناعمة للمملكة وصورتها الدولية باعتبارها دولة تستثمر في الإنسان، وتفتح مسارات جديدة للمشاركة الفاعلة في التنمية.
حجر الزاوية
إن حجر الزاوية في التجربة البحرينية لحقوق الإنسان يكمن في تكريس حق الإنسان في أن يملك الخيارات التي تصنع حياته: أن يتعلم، ويعمل، ويتعالج، ويشارك، ويعيش في كنف الكرامة.
وهو نهج يتجاوز النصوص القانونية إلى سياسات عملية تبني القدرات البشرية وتوسع مساحة الفرص.
وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، تؤكد البحرين استمرارها في نهجها القائم على تعزيز العدالة، وتوسيع الحماية، وتطوير التشريعات، وبناء مستقبل يحفظ للإنسان حقه في الفرصة والأمان والكرامة، انطلاقاً من رؤية ملكية حكيمة ودعم حكومي راسخ يضع الإنسان في قلب معادلة التنمية الوطنية. وبناء منظومة حقوقية تستجيب لتحولات العصر، وتكرس مكانة المملكة كدولة تؤمن بأن التنمية والحقوق وجهان لمعادلة واحدة: كرامة الإنسان.