ما إن تخطط الدولة لأمر ما أو قرار ما نبقى نحن الشعب ملتزمين بدور المتفرج فقط، ويمكن أن يتطور أمرنا ونصبح نقاداً للحكومة فيما بيننا. والأصل أن الدولة لها أربعة أركان والشعب ركن أول وأساسي فيها، ولا يجب أن يكون أو يظن نفسه بعيداً عن أي أمر وقرار.

كذلك المسؤولية، هي واجب الحكومة ويشترك معها الشعب في التطبيق، خاصة في أمور تمس بشكل مباشر وحساس جميع أفراد الشعب، وفي هذه الحالة يكون دور الشعب أكبر في تطبيق الخطط والأوامر. كحال إجراءات وتوجيهات مواجهة فيروس كورونا، هي قرارات صدرت من الحكومة والجهات السيادية في البلد، ولكن الدور الأكبر في تطبيقها ينصب على الشعب، ففي الأخير هي أمور تتعلق بصحته وحياته.

فئة سلبية وسوداء في المجتمع تجد في أي قرار أو أمر يصدر من الحكومة سبباً للعناد والعمل عكسه، ليس إلا من أجل العناد، هم فئة وإن كانت بسيطة إلا أنها لها أثر في المجتمع، وهذه الفئة ليست جماعة خارجة عن القانون أو فئة إرهابية أو فئة خائنة أو... أو...! فقط هي فئة تريد أن تقول إننا موجودون، وإننا جزء من هذا المجتمع ولا تريد أمراً آخر.

تصرفات بعض أفراد المجتمع والتي لا تمثل ديناً أو مذهباً أو تياراً هي تصرفات تصدر من قدر الإحساس بالمسؤولية لدى الفرد ونضجه الفكري، فمن يخالف أبسط قرارات الدولة في ما يخص الحجر الصحي لا يفعل ذلك من باب المؤامرة وقصد نشر الفيروس في المجتمع بل يجد الأمر ما بين التسلية «بالشقاوة» أو قلة تقديره للموقف، حيث يحس أنه لا يشكل أي خطر على نفسه أو على المجتمع وأنه «بخير» وجميع ما يقال مبالغ فيه.

وكل هذا الأمر أيها المستهتر يسمى «عدم المسؤولية» وهي صفة أدخلت مجتمعات متقدمة وسبقتنا في سنوات بل مئات السنوات من حيث التقدم التقني والمعرفي والعلمي، وأبسط مثال لذلك ما تعرضه لنا شاشة الحياة، مجتمعات كاملة في أوروبا أصبحت تعيش في خوف وعجز من فيروس كورونا، سنوات طويلة من التقدم في مجال الطب لم تشفع للمجتمعات الأوروبية، ليس لأن ما قيل عنها كذب، بل أنها «حكوماتها» وضعت في موقف لا تحسد عليه، فرغم التحذيرات والتوجيهات ظلت المجتمعات الأوروبية الراقية في استهتار وعدم مبالاة، الناس تخرج وتتخالط مع بعض وتتزاحم في كل مكان دون اكتراث، مما جعل من انتشار الفيروس بالشكل المتوحش فيها أمراً حتمياً. كما أن حكومات الدول الأوروبية لم تكن في بداية الأزمة جادة في مواقفها وتأخذ قرارات حازمة تلزم مجتمعاتها للحد من ظواهر الاختلاط.

وهي أمور ولله الحمد سبقت بها مملكتنا من حيث القرارات والإجراءات، رغم أن الدولة تعي تماماً أن لكل قرار ثمناً، وانعكاساً قوياً على الاقتصاد الذي يتعافى بالتدريج، إلا أن الدولة قدمت مصلحة الناس على كل شيء، ولا تزال.

وكل ما نتمناه من أبناء هذا البلد ومن يقيم فيها أن يكونوا على قدر المسؤولية، وأن يكونوا شركاء مع الحكومة في مكافحة هذه المرحلة، بالالتزام والحرص، وهم أهلاً لها. فالفيروس لا تنقله الحكومة ولا الناس بل ينقله شخص عديم المسؤولية.