بيروت - بديع قرحاني

أكد رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي أن "تأليف الحكومة بات أكثر من حاجة لأن المؤشرات الاقتصادية، الواحدة تلو الأخرى، تنذر باهتزاز في الاقتصاد، وتكاد مقومات ما تبقى من الاقتصاد تتهاوى"، مشددا على أنه "ليس هناك أزمة نظام، بل هناك أزمة في ممارسة هذا النظام، ويجب العودة إلى الكتاب الأساسي، أي اتفاق الطائف، الذي لا يزال صالحا لحكم البلاد"، مضيفا أننا "متمسكون بالدستور المنبثق عن اتفاق الطائف لمصلحة الوطن وليس الطائفة".

وقال ميقاتي في لقاء حواري مع قطاع المرأة في"تيار العزم" عن "لبنان والتحديات المحلية والإقليمية"، "نسمع عن الجدل البيزنطي ونراه يحصل كلما كانت هناك عملية تشكيل حكومة، وهو يتركز حاليا على عناوين مختلفة مثل حكومة من 30 أو 32 وزيرا، حكومة مصغرة أو محاصصة أو ثلث معطل، في ظل تجاهل مخيف للخطر الأكيد المحدق بالبلد. وقد آن الأوان لصحوة وطنية قبل الندم الذي لا يعود يجدي".

وعن الملف الاقتصادي، قال، "الوضع الاقتصادي صعب جدا، وفي الواقع فهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام، هي، الحركة الاقتصادية، مالية الدولة والوضع النقدي. الوضع الاقتصادي مجمد بشكل كامل، نتيجة تجميد السوق المالي للمحافظة على سعر النقد، ومنع المضاربات، عبر إغراء المودعين بفوائد عالية. وفي كل اقتصاديات العالم، عندما ترتفع الفوائد، فإن ذلك يؤدي إلى شلل في الاقتصاد، بسبب إحجام المستثمرين عن إقامة المؤسسات الجديدة، واكتفائهم بالادخار في البنوك للحصول على عائدات تتجاوز اي مردود استثمار".

وتابع ميقاتي "لذلك اعتقد أن سعر صرف الليرة سيبقى مستقرا، والوضع الاقتصادي سيعود الى طبيعته فور تحسن وضع المال، لكن المالية العامة للدولة تعاني تراكما في العجز، وفي كل يوم تطرأ مصاريف جديدة على الدولة، بالإضافة إلى ما زادته سلسلة الرتب والرواتب من عجز على صعيد مصاريف التقاعد، وتراجع الواردات. كل هذا من شأنه أن يرفع نسبة العجز في الموازنة. لقد دخلنا في وضع صعب، يتجسد في المزيد من البطالة وإغلاق المؤسسات الاقتصادية. من هنا، من الضروري ربط الأحزمة خلال الأشهر المقبلة، والأساس يبدأ في خفض عجز الموازنة، ونأمل أن تحصل خطوات جدية على هذا الصعيد".

وعن مؤتمر"سيدر 1" قال، "الأهم من المبالغ التي تم إقرارها هو البنود الإصلاحية، التي في حال السير بها، فإن المؤتمر يكون قد أدى هدفه، وبالتالي، فإنه من المفيد انتظار الإصلاحات، قبل الاستدانة أو الهبات التي أقرها المؤتمر، لتحريك الاقتصاد".

وعن تمسكه الدائم باتفاق الطائف، قال، "نحن نتمسك بالدستور المنبثق من اتفاق الطائف، من منطلق وطني لا طائفي، وبعيدا عن الشعارات التي نسمعها، والتي تنادي مرة بالمؤتمر التأسيسي، وأخرى بالدولة العلمانية. إن اتفاق الطائف، الذي طبقت أحكامه يوم توليت مسؤولياتي الحكومية والوزارية هو من أهم الدساتير الموجودة في المنطقة، وهو الدستور الأكثر ملاءمة للبنان، لكن المشكلة تكمن في مزاجية وانتقائية تطبيقه. ولا يمكن أن تستقيم الأمور في ظل هذه المزاجية في التطبيق. هناك مواد عديدة في الدستور معلقة ولم يتم تطبيقها حتى الآن في الدستور، لأنها لا تتوافق مع أهواء بعض السياسيين من هذا الفريق او ذاك. فاتفاق الطائف يرضي العلمانيين بانتخاب أعضاء مجلس النواب على أساس غير طائفي، ويراعي التمثيل الطائفي عبر إنشاء مجلس الشيوخ، ولكن ذلك لم يبصر النور، والأمر نفسه ينسحب على التنمية الشاملة، وبما فيها اللامركزية الإدارية. كما أن قانون الانتخابات مجتزأ وغير سليم. السلطة القضائية المستقلة غير موجودة، بالإضافة إلى المداورة على صعيد وظائف الفئة الأولى".

وأضاف ميقاتي "نحن نرى أن كل فئة تستلم أي موقع، تعتبره حقا لها لا تقبل بالتنازل عنه. وعلى الرغم من أن الدستور لا يلحظ أي توزيع طائفي لوظائف الفئات ما دون الأولى، إلا إنه جرى التمسك بالطائفية، وتعطلت البلاد بأسرها، وهناك مباراة لمجلس الخدمة المدنية للفئتين الثانية والثالثة ألغيت بحجة غياب التوازن الطائفي. من هنا، نحن نشدد ونقول ليس هناك أزمة نظام، بل هناك أزمة في ممارسة هذا النظام، ويجب العودة إلى الكتاب الأساسي، أي اتفاق الطائف، الذي لا يزال صالحا لحكم البلاد".

وعما إذا كان هذا الواقع هو الذي أدى إلى التلاقي بينه وبين رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري، قال، "نعم هذا صحيح ، فالاستمرار بالاستنسابية والخروج على المواثيق وأحكام الدستور يحتم علينا أن نتضامن لحماية موقع رئيس الحكومة المكلف، وقد تلاقينا وتوافقنا في هذا الصدد. كما توافقنا على أن يكون على سلم أولويات الحكومة الموعودة على المستوى الطرابلسي والشمالي، تحقيق الإنماء بعيدا عن العرقلة. وبمجرد أن تتألف الحكومة، فإنه يمكن البحث في آلية تحقيق مطالب مدينتنا والشمال ككل، ونأمل ألا تكون هناك عراقيل سياسية كبيرة للتعاون في سبيل إنماء المنطقة".

وعن ملف النزوح السوري، أفاد ميقاتي بأن "استقبال النازحين السوريين كان لأسباب إنسانية بداية، إلا أن الوضع ما لبث أن أصبح صعبا. ونحن مصرون على عودتهم إلى بلادهم، وعلى الدولة التشدد في تطبيق القرارات، لا سيما شروط الإقامة للأجنبي على الأراضي اللبنانية".