الخرطوم - عبدالناصر الحاج

كشف بنك الخرطوم، عن عودة التحويلات الفورية المالية بين السودان والمملكة العربية السعودية.

ونشر بنك الخرطوم بيانًا عبر صفحتة الرسمية على "فيسبوك"، أعلن فيه عن "استئناف التحويلات الفورية المالية بين السودان والمملكة العربية السعودية عبر بنك الجزيرة السعودي".

وقال البنك إن "عودة التحويلات الفورية المالية بين السودان والمملكة العربية السعودية تأتي ضمن مساعي المصرف المستمرة لتوسيع وتعزيز شبكة المراسلين".

وكان بنك السودان المركزي تلقى إخطاراً رسمياً بعام 2014 بإيقاف كافة التحويلات والمقاصات من وإلى المصارف السعودية.

وتعد مسألة شح السيولة النقدية في المصارف السودانية، هو العنوان الأبرز الذي تحكيه "طوابير" الوقوف عند منافذ الصرافات الآلية في العاصمة الخرطوم وبقية مدن السودان. ولا تخلو أحاديث السودانيين على مدار ساعات اليوم من صعوبة الحصول على نقودهم المُودعة في خزائن البنوك، بيد أن السلطات الحكومية في السودان سلكت كل الطرق الممكنة لجعل العملاء السودانيين يستعيدون الثقة في المصارف، ومن ثم يقومون بتغذية حساباتهم البنكية بالنقود، لتنجلي أزمة الشح في النقد وتعود للبنوك حيويتها وشبابها. إلا أن كثيرا من السودانيين باغتوا الحكومة بإمتناعهم عن الإيداع في البنوك. وكانت الحكومة السودانية، قد نفذت مطلع فبراير من العام المنصرم، إجراءات غير معلنة بتحجيم السيولة لدى المواطنين، تجنباً لإيقاف تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار، شملت تحديد سقوف لسحب الودائع المصرفية وتجفيف أجهزة الصرافة الآلية، الأمر الذي ارتفعت معه مخاوف العملاء بأن لا يحصلوا على مدخراتهم إن لم يسحبوها من البنوك ويبقوها إلى جوارهم في منازلهم أو متاجرهم أو يحيلوها إلى عملات أجنبية أو ذهب.

وفي عام 2014 تلقى بنك السودان المركزي إخطاراً من نظيره السعودي بإيقاف التحويلات المصرفية بين الخرطوم والرياض. ووقتها لم يتم تفسير صريح أو معلن من قبل الحكومة السودانية. إلا أن مقربون من الدوائر المالية السودانية، حينها فسروا الأمر بأنه في إطار العقوبات اﻻقتصادية المفروضة عليه من قبل الإدارة الأمريكية، منذ تسعينيات القرن الماضي. وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان في أكتوبر 2017، إلا أن التحويلات المصرفية لم تنساب بين المصارف السودانية ونظيراتها العربية والغربية. مراقبون من ذوي الخبرات الإقتصادية، أرجعوا الأمر إلى استمرار وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وهو ما يحول دون انسياب التحويلات، رغماً عن الجهود التي بذلتها الحكومة السودانية لتحقيق هذا الهدف الذي كان سيشكل علامة فارقة في تاريخ الاقتصاد السوداني. وقد ساهم إحجام البنوك السعودية عن التحويلات البنكية مع السودان، في تأثر القطاع المصرفي السوداني بشكل ملحوظ طيلة السنوات الخمس الماضية، لما تمثله التحويلات المالية القادمة من السعودية من تعزيز للكتلة النقدية بشكل كبير، خصوصاً في ظل وجود أعداد كبيرة من العمالة السودانية في المملكة العربية السعودية ، وكلهم يؤدون دور الكفيل الذي يقوم بدعم أسرته في السودان عبر تحويل الأموال لمساعدتهم في تسيير أمورهم الحياتية.

بنك الخرطوم، هو أول وأقدم بنك في السودان ويعتبر رائد الصناعة المصرفية في السودان وعضو رئيسي في اتحاد المصارف السودانية، ويطلق عليه السودانيون "شيخ البنوك السودانية" نسبةً لقدم نشأته في العام 1913، ومنذ أن كانت الدولة السودانية تحت وطأة المستعمر الانجليزي. وظل بنك الخرطوم في طليعة البنوك في الإقليم العربي والأفريقي، ووضعت كوادره نواة العمل المصرفي في الخليج العربي وأفريقيا، فكان السودان هو المؤسس لبنك التنمية الأفريقي. بنك الخرطوم، وعلى صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، أعلن عودة التحويلات المالية الفورية في المصارف بين السودان والسعودية، واعتبر شيخ البنوك السودانية أن "ذلك بمثابة إنجاز كبير يستحق الاحتفاء بإعلانه سريعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، دون حتى انتظار طباعة الصحف السيارة في الخرطوم لليوم التالي. وأوضح البنك إنه" استأنف التحويلات مع السعودية عبر بنك الجزيرة السعودي"، مشيراً إلى أن "الخطوة تأتي في إطار مساعي المصرف المستمرة لتوسيع وتعزيز شبكة مراسليه حول العالم".

وما هي إلا بضع ثواني، بعد أن قام بنك الخرطوم بنشر منشوره بعودة التحويلات البنكية بين الخرطوم والرياض، إلا وانهالت مداخلات المتابعين. بدوره، كان قطاع المصدرين السودانيين هو الأكثر إنتشاءاً بمنشور بنك الخرطوم، لأن قطاع المصدرين السودانيين ربما تضرر كثيراً من توقف التحويلات البنكية بين الخرطوم والرياض. الأمين العام لشعبة مصدري الصمغ العربي بالسودان، نادر الهلالي، أكد أن "استئناف التحويلات المصرفية بين الخرطوم والرياض سيعمل على تسهيل عمليات الصادر". وأوضح الهلالي في مداخلته التي تم تداولها في مجموعات "واتساب" السودانية، أن "أغلب المغتربين السودانيين يعملون بالمملكة العربية السعودية"، لافتاً إلى أنه "قبل استئناف التحويلات كان يتم تحويل مدخرات المغتربين إلى درهم إماراتي ومن ثم تحويلها إلى دبي وبعدها إلى أي مكان في العالم". وأشار إلى أن "هذه العملية المعقدة ظلت تستنزف الوقت والجهد بجانب كونها تعمل على زيادة التكلفة". وقال انه "بلا شك فان القرار سيقضى على هذا التعقيد عبر إمكانية التحويل المباشر بين البلدين".