بيروت - (سكاي نيوز عربية): اعتادت إسرائيل خرق السيادة اللبنانية بشكل يومي، برا وبحرا وجوا، لكن أنشطتها في الآونة الأخيرة آخذة في ازدياد، لاسيما الخروق الجوية بالطائرات الحربية، أو عبر تسيير طائرات استطلاعية، أو تنفيذ ضربات جوية على أهداف في سوريا انطلاقاً من الأجواء اللبنانية.

واعتاد اللبنانيون سماع أصوات الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق في أجواء مناطقهم من العاصمة بيروت، مروراً بالجبل والبقاع والشمال، وصولاً إلى الجنوب اللبناني والمنطقة الحدودية.

لكن الخرق الإسرائيلي الأخير، الذي تمثل في سقوط طائرتي استطلاع إسرائيليتين في الضاحية الجنوبية لبيروت، ليل السبت، بات خبراً لافتاً وأثار قلقاً تجاه تحركات إسرائيل.

ووصفت الحكومة اللبنانية سقوط الطائرتين المسيرتين بالانتهاك الفاضح والمكشوف للسيادة وللقرار الدولي 1701.

ويعد حادث الطائرتين في معقل "حزب الله"، واحداً من أخطر الحوادث التي حصلت منذ نهاية "حرب تموز" في أغسطس 2006، وقرأه متابعون بمثابة خرق لقواعد الاشتباك بين الطرفين.

وأحصى الجيش اللبناني، في بياناته الأخيرة، عشرات الخروق والانتهاكات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية. منها 7 خروقات لطائرات استطلاع، الأحد فقط، أي بعد ساعات من حادثة سقوط طائرتي الاستطلاع الإسرائيلية، ومعظمها سجل في منطقتي الناقورة وكفركلا وبلدات جنوبية إضافة الى بيروت وجبل لبنان.

وحلق الطيران الحربي الإسرائيلي على علو منخفض في أجواء مدينة صيدا جنوب لبنان، الأحد، وتمكن سكان بيروت من الاستماع بوضوح لهدير المقاتلات الحربية تحلق في سماء العاصمة طوال اليوم نفسه، إضافة إلى طائرات الاستطلاع.

وصباح الإثنين، قال الجيش إن طائرة استطلاع إسرائيلية خرقت الأجواء اللبنانية فوق بلدة كفركلا الجنوبية ونفذت طيراناً دائرياً فوق مناطق البقاع الغربي والجنوب لتغادر بعدها الأجواء اللبنانية، لتعود طائرة أخرى بعد نحو ساعة وتخرق مجددا سماء لبنان.

وذكرت تقارير صحفية أن طائرات حربية إسرائيلية حلقت فوق منطقة مرجعيون، وأخرى استطلاعية حلقت فوق منطقة بعلبك شرقي لبنان بعد ساعات من قصف إسرائيلي استهدف مواقع تابعة للجبهة الشعبية القيادة العامة، وهو فصيل فلسطيني قريب من طهران ودمشق.

وشهد ليل الإثنين حركة غير مسبوقة للطائرات الاستطلاعية الإسرائيلية من الشمال وصولا إلى الجنوب والبقاع. حيث تم رصد أكثر من 8 خروق لطائرات استطلاع فوق الهرمل شمال شرقي البلاد وعكار شمالا والقرعون في البقاع الغربي، إضافة إلى طائرات استطلاع في بعلبك ومرجعيون. طائرات لم تغادر سماء لبنان منذ 3 أيام.

والأسبوع الماضي، خرقت زوارق حربية إسرائيلية المياه الإقليمية اللبنانية لمئات الأمتار قبل أن تعود أدراجها بعد الاتصالات التي عادة ما تجريها قوات اليونيفل التابعة للأمم المتحدة العاملة في الجنوب وفي منطقة الخط الأزرق.

إضافة إلى هذه الخروق، تشيد إسرائيل جدارا إسمنتيا على طول الحدود مع لبنان، وحاولت أكثر من مرة استكمال أعمال البناء في منطقة متنازع عليها مع لبنان، الذي يقول إن إسرائيل تسعى للاستيلاء على نفطه في مياهه الاقتصادية، وهو ما فتح الباب أمام مفاوضات بوساطة أمريكية لترسيم الحدود وحسم هذا الصراع قبل تحول منطقة الجنوب إلى صفيح ساخن للأزمات.

وبحسب وزارة الخارجية اللبنانية، فإن الخروق الإسرائيلية زادت وتيرتها في الأشهر الأخيرة، حيث بلغت أكثر من 481 خرقاً في شهرين فقط.

وكان لبنان تقدم عشرات المرات بشكاوى ضد إسرائيل أمام مجلس الأمن الدولي بسبب انتهاكها للقرار 1701 وانتهاكها المستمر والمتواصل للسيادة اللبنانية.

وبلغ عدد الخروق الإسرائيلية، في شهر يناير الماضي، نحو 150 خرقاً برياً وجوياً وبحرياً. فيما سجلت الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2018 خروقاً جوية بمعدل 84 خرقاً يومياً.

وفي جلسة علنية عقدها مجلس الأمن الدولي، أواخر العام الماضي، بشأن الوضع في الشرق الأوسط، قالت مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة، آمال مدللي، إن الخروق الإسرائيلية تصل إلى حد 1800 خرق سنوياً، وهي موثقة لدى قوات "الـ"يونيفل" العاملة في الجنوب.

وأضافت مدللي أن إسرائيل تنتهك شبكة الاتصالات اللبنانية وترسل تهديدات للمواطنين تنشر الخوف والذعر بين السكان. وأشارت إلى أن "انتهاك إسرائيل للمجال الجوي اللبناني وتحليق الطائرات الحربية على علو منخفض، وخرقها لجدار الصوت فوق المناطق المأهولة يشعر السكان بوطأة هذه الانتهاكات.

وبالعودة إلى ليلة سقوط الطائرتين الاستطلاعيتين الإسرائيليتين وتداعياتها المحتملة، يقول متابعون إن المرحلة المقبلة قد تشهد مزيدا من التوتر بين إسرائيل وحزب الله من جهة، وبين إسرائيل والدولة اللبنانية من جهة أخرى، وسط مخاوف من انفجار مفاجئ للأوضاع قد يصل إلى حافة نزاع عسكري على الجبهات.