محرر الشؤون الدولية
تقام في مصر الانتخابات البرلمانية لاختيار أعضاء مجلس النواب على مرحلتين، الأولى، أقيمت يوم السبت الماضي في 14 محافظة بينها الجيزة والإسكندرية، فيما تشمل المرحلة الثانية 13 محافظة، بينها العاصمة القاهرة، وتبدأ في 7 و8 نوفمبر المقبل. وفي هذا الاقتراع، يختار المصريون 568 نائباً من أصل 596 عضواً في المجلس، على أن يقوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعيين النواب الباقين.
ومن المقرر أن تجرى جولات الإعادة للمرحلة الأولى في نوفمبر، وسيتم الإعلان عن النتائج النهائية في ديسمبر.
ويعيد العديد من أعضاء البرلمان المنتهية ولايته ترشيح أنفسهم في الانتخابات التي تشارك فيها أحزاب سياسية عدة.
ودعي 63 مليون ناخب من أصل مائة مليون نسمة، وهو عدد سكان مصر، إلى التصويت في الانتخابات.
وفي مارس 2018، أعيد انتخاب الرئيس السيسي لولاية ثانية بأكثر من 97 % من الأصوات.
ويتنافس أكثر من 4 آلاف مرشح في الانتخابات على 284 مقعداً من أصل 568 بالنظام الفردي. كما تتنافس 8 قوائم على 284 مقعداً بنظام القوائم الحزبية.
ومن بين القوائم المرشحة "القائمة الوطنية من أجل مصر" التي تمثل ائتلافاً سياسياً بقيادة حزب "مستقبل وطن".
وهذا الاقتراع التشريعي هو الثاني بعد انتخابات مجلس الشيوخ ويجري في ظل جائحة (كوفيد19).
وانتخب المصريون في أغسطس الماضي مائتين من أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 300، إذ يعين رئيس الجمهورية مائة عضو. وتجري الانتخابات في مصر على وقع نجاحات اقتصادية كبيرة وغير مسبوقة للحكومة المصرية.
وقد شهدت مصر على مدار تاريخها العديد من التحديات والصراعات التي أسهمت بدرجة أو بأخرى في عرقلة مسيرة التنمية، وحرصت على التغلب عليها لمواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية، مستثمراً في ذلك تفردها بالموقع الجغرافي الأكثر تميزاً في العالم، والذي لعب الدور الحيوي في عملية التنمية، ولعل ما مرت به مصر منذ عام 2011 إلى الآن خير دليل على ذلك، فبعد أن تراكمت العديد من المشاكل الاقتصادية في مصر، ومع بزوغ رؤية جديدة لحسم تلك المشاكل بدايةً من عام 2013 وبرامج إصلاح اقتصادية تختلف جهورياً عما سبقها، حيث تركزت على معالجة أصول المشاكل والتهديدات إلى جانب العمل على إدراك المستقبل بكل أدواته.
ففي عهد الرئيس السيسي نجحت مصر بإرادة وتضحيات شعبها العظيم لأول مرة في تاريخها في تحويل الإنفاق من إنفاق استهلاكي بالدرجة الأولى إلى إنفاق إنتاجي لصالح بناء وتطوير البنية التحتية للدولة بالكامل "الطرق والكباري – يستصلاح وزراعة مئات الآلاف من الأفدنة – توفير إسكان للفقراء ومتوسطي الدخل – إنشاء عاصمة إدارية جديدة – تطوير المصانع – تطوير العشوائيات.."، ومواصلة افتتاح مشاريع إنتاجية عملاقة بمختلف المحافظات، ومواصلة برامج التحول إلى الحكومة الإلكترونية، وبما يشير إلى وجود مخطط علمي مدروس لإقامة دولة عصرية بكافة المقاييس لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وحرصاً على النهوض بالاقتصاد الوطني، والارتقاء بالظروف المعيشية للمواطنين، قامت مصر بتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي بدءاً من عام 2017، حيث استهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وتوجيه الدعم لمستحقيه من الفئات الأكثر احتياجاً، وقد أشارت تقارير صندوق النقد الدولي لتحسن الأوضاع الاقتصادية بمصر بشكل ملحوظ منذ بدء برنامج الإصلاح الذي ساعد على تحرير سعر الصرف، وتسارع معدلات النمو، وتقليص العجز الخارجي والمالي، وارتفاع الاحتياطي النقدي، في مقابل انخفاض معدلات البطالة لـ"8.3"% والتضخم، والذي يتوقع وصوله لأقل مستوياته نهاية العام المالي 2020-2021 وذلك مقارنة بمعدلات عام 2011، والاسترشاد بالمؤسسات الدولية المعنية بالشأن.
ورغم المؤشرات الإيجابية التي عكسها تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، إلا أنه على المدى القصير ظهرت بعض الأعباء المعيشية المترتبة على قرارات الدولة لرفع الدعم، ولكنها لم تؤثر على استقرار الوضع في الداخل في ضوء ثقة الشعب المصري في سياسات الحكومة الذي يعي أنها عنصر أساسي في عملية الإصلاح الاقتصادي والتي أوصى بها البنك الدولي، ويتم تنفيذها بالتعاون مع صندوق النقد، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن ارتفاع أسعار وسائل المواصلات في مصر، إلا أنها مازالت تعد ضمن أرخص دول العالم "0.5$ لتذكرة المترو على سبيل المثال"، رغم تكاليف التشغيل المرتفعة.
ومما لا شك فيه، فقد أثر تفشى جائحة "كورونا" المستجد على اقتصاديات العالم أجمع، إلا أنه ورغم الضغوط المترتبة على كافة المشروعات القومية على موارد الدولة، إلا أن المؤسسات الاقتصادية الدولية قد أجمعت على نجاح مصر - ضمن عدد محدود من دول العالم – في تحقيق معدل نمو إيجابي خلال الأزمة، كما أن التحدي الذي واجه الحكومة هو كيفية الموازنة بين استمرار عملية التنمية، وامتصاص التحديات التي ظهرت على خلفية تلك الأزمة، حيث خصصت الحكومة المصرية مبالغ مالية كبيرة من الموازنة العامة لتطوير قطاعات الصحة، والتعليم، بجانب الإعانات المالية لمساعدة العمالة اليومية والأسر الأشد تأثراً بأزمة فيروس "كورونا"، كما أشاد تقرير لمؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني صادر في سبتمبر 2020 بمؤشرات الجدارة الائتمانية لمصر، مانحاً الاقتصاد المصرى تقييم "B2"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيراً إلى أن رفع درجة التصنيف ترتبط بقدرة الدولة على تحمل الديون، وتقليل الاحتياجات التمويلية الإجمالية، والحفاظ على مستويات مرتفعة من احتياطي النقد الأجنبي، وأكد بنك "جولدمان ساكس" قدرة الاقتصاد المصري على تحمل التداعيات الاقتصادية لفيروس "كورونا"، مدللاً على ذلك بعودة نحو "50%" من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة "حوالى "10" مليارات دولار"التي خرجت مع بداية أزمة فيروس "كورونا"، مبدياً توقعات إيجابية حتى نهاية العام الجاري بشأن معدلات التضخم، وقوة الجنيه، فضلاً عن تحقيق بعض التدفقات السياحية رغم أزمة "كورونا"، حيث أعلنت شركة "وايز إير" والتي تعد ثالث أكبر شركة طيران منخفضة التكاليف في أوروبا عن إعادة تسيير "3" رحلات أسبوعية بين "ميلانو" و"الإسكندرية"، إلى جانب استئناف شركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية رحلاتها إلى "القاهرة" بعد توقف دام "3" سنوات، كذا عودة الرحلات الجوية من روسيا وكازاخستان إلى مصر، مع تطبيق الحكومة الإجراءات الاحترازية المتفق عليها لاستقبال السائحين.
ركزت الحكومة المصرية خلال السنوات السابقة على معالجة أوجه القصور في مؤشرات الاقتصاد المصري، كذا المشاكل الاجتماعية الناتجة عنه، حيث نجحت في تحقيق تراجع بمعدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية عن شهر أغسطس 2020 ليصبح "3.4%" مقابل "4.6%" في يوليو 2020، ونحو "6.7%" لنفس الشهر من العام الماضي، وذلك على خلفية استمرار انخفاض أسعار مجموعة الطعام والشراب والحبوب ومنتجات غذائية أخرى.
كما تحاول الحكومة لأول مرة في تاريخ مصر توفير تسجيل رقمي دقيق للعقارات، والأراضي الزراعية، بما يساعد في حل مشكلة تآكل الرقعة الزراعية، وتخفيف أزمة المرافق التي ترتبت على استغلال أحداث ثورة 2011 في التوسع العشوائي في البناء على الأراضي الزراعية.
وفى سياق آخر فقد أعلنت الدولة المصرية استهدافها في القريب العاجل زيادة الاستثمارات الحكومية في العام المالي الحالي 2020-2021 بنحو "55%" عن العام المالي السابق، ليصبح إجماليها حوالى "280" مليار جنيه ""225" مليار جنيه ممولة من الموازنة العامة للدولة"، وتوجيه نحو "10%" منها إلى مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي.
ولعل أحد أبرز النجاحات هو بزوغ منتدى غاز شرق المتوسط ككيان إقليمي للغاز الطبيعي ضم في عضويته دول الجوار والانطلاق به ليصبح كياناً دولياً يعزز من طموحات الشعوب والدول.
ولذلك فقد وضحت أهمية العمل على الاستثمار في مشروعات البنية التحتية الحكومية العملاقة، خاصةً المرتبط منها بقطاع التشييد والبناء، والتي تعد قاطرة النمو للاقتصاد المصري خلال فترة أزمة "كورونا"، حيث ساهمت بشكل رئيس في تحقيق معدل نمو موجب بالعام المالي 2019/2020 بلغ "3.5%"، كما ساعدت في الحد من تسارع البطالة المصاحبة لتعطل استثمارات القطاع الخاص على خلفية الأزمة، حيث ارتفع معدل البطالة بنسبة طفيفة في الربع الثاني من عام 2020 "9.6% مقارنة بنحو 7.7% في الربع الأول من العام نفسه، وبزيادة "2.1%" عن الفترة المُناظرة من العام الماضي"، فضلاً عن أن الإنفاق على تلك المشروعات ساهم في توفير سيولة نقدية داخل الأسواق لدفع حركة الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
أما على الصعيد الاجتماعى فيشار أيضاً لتركيز الرئيس "السيسي" أجندة عمله على الاستثمار في الإنسان المصري منذ إعادة انتخابه عام 2018، وهو ما تمت ترجمته على أرض الواقع باستثمار مقدرات الدولة خاصة لصالح قطاعي الصحة والتعليم، حيث ارتكز البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية في فترته الحالية على هذين القطاعين، إضافة إلى استثمار إمكانات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لتنفيذ المشروعات القومية بالنظر لتمتعها بخبرات كبيرة لاسيما الالتزام بالانتهاء من تلك المشروعات في التوقيتات المحددة، وبأقل تكاليف ممكنة، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص وبشكل يضيف فرص عمل وخبرات للشباب المصري.
ولا يمكن إغفال الهجوم من بعض الدول التيارات المناهضة للدولة المصرية حول دور المؤسسة العسكرية في الحياة المدنية، وهو أمر يراد به باطل، نظراً لكون المؤسسة العسكرية في الأساس مؤسسة وطنية تتصف بالانضباط والقدرة على الإنجاز دون معوقات بيروقراطية، وفى هذا الصدد لابد من الإشارة إلى نجاح العديد من الدول في استثمار قدرات مؤسساتها العسكرية للنهوض الاقتصادي ولعل النموذج الصيني هو خير دليل على ذلك، إلى جانب عمل المؤسسات كشركات خاصة تحكمها القوانين والقواعد المنظمة لعمل السوق.
وقولاً أخيراً، فقد أثبت التاريخ المصري القديم والحديث أنه دائماً ما يتم استهداف قوة الدولة المصرية الشاملة "اقتصادياً، وعسكرياً، واجتماعياً" لمحاولة إنهاكها، وتشتيت الجهود الرامية لإعادة النفوذ المصري على الساحتين الإقليمية والدولية، حيث يتم خلال المرحلة الحالية "القرن الـ"21" "الترصد لمصر من خلال حملات انتقامية ولكنها غير عسكرية، فقد اعتادت مصر في الحقبة الحالية منذ عام 2011 على انتهاج الدول المناوئة حملات إعلامية مسعورة ضد تقدمها وازدهارها والتفاف الشعب حول القيادة المصرية، سواء في وسائل الإعلام الأجنبية، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت إحدى أدوات التأثير على الرأي العام، ذات الميول والتوجهات السياسية الموجهة لصالح طرف على حساب الآخر لتمرير صورة ذهنية سلبية عن مصر لدى المواطن المصري والمجتمع الدولي، ومن ثم تكبيل الحكومة المصرية وإرهاقها في محاولات لتصحيح أية ادعاءات من شأنها التأثير على حقيقة الأوضاع في الداخل المصري.
ورغم كافة التحديات والصعوبات، ومحاولات الهدم والتخريب والتحريض التي تقوم بها عناصر، وحكومات، وتنظيمات وقوى إرهابية لمحاولة عرقلة مضى الدولة المصرية قدماً في مسار البناء والتعمير، والارتقاء بحياة المواطنين، إلا أن عناية الله التي حفظت أرض مصر عبر الزمان عهداً من الخالق التي تنص عليها اسماً في كتبه السماوية، وحكمة القيادة السياسية، ووعي الشعب المصري تمثل جميعاً حائط صد منيع أمام قوى الشر والظلام، وستحيا مصر، وشعبها دائماً دولة شامخة.. مستقرة.. رغم كيد الكائدين.
تقام في مصر الانتخابات البرلمانية لاختيار أعضاء مجلس النواب على مرحلتين، الأولى، أقيمت يوم السبت الماضي في 14 محافظة بينها الجيزة والإسكندرية، فيما تشمل المرحلة الثانية 13 محافظة، بينها العاصمة القاهرة، وتبدأ في 7 و8 نوفمبر المقبل. وفي هذا الاقتراع، يختار المصريون 568 نائباً من أصل 596 عضواً في المجلس، على أن يقوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعيين النواب الباقين.
ومن المقرر أن تجرى جولات الإعادة للمرحلة الأولى في نوفمبر، وسيتم الإعلان عن النتائج النهائية في ديسمبر.
ويعيد العديد من أعضاء البرلمان المنتهية ولايته ترشيح أنفسهم في الانتخابات التي تشارك فيها أحزاب سياسية عدة.
ودعي 63 مليون ناخب من أصل مائة مليون نسمة، وهو عدد سكان مصر، إلى التصويت في الانتخابات.
وفي مارس 2018، أعيد انتخاب الرئيس السيسي لولاية ثانية بأكثر من 97 % من الأصوات.
ويتنافس أكثر من 4 آلاف مرشح في الانتخابات على 284 مقعداً من أصل 568 بالنظام الفردي. كما تتنافس 8 قوائم على 284 مقعداً بنظام القوائم الحزبية.
ومن بين القوائم المرشحة "القائمة الوطنية من أجل مصر" التي تمثل ائتلافاً سياسياً بقيادة حزب "مستقبل وطن".
وهذا الاقتراع التشريعي هو الثاني بعد انتخابات مجلس الشيوخ ويجري في ظل جائحة (كوفيد19).
وانتخب المصريون في أغسطس الماضي مائتين من أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 300، إذ يعين رئيس الجمهورية مائة عضو. وتجري الانتخابات في مصر على وقع نجاحات اقتصادية كبيرة وغير مسبوقة للحكومة المصرية.
وقد شهدت مصر على مدار تاريخها العديد من التحديات والصراعات التي أسهمت بدرجة أو بأخرى في عرقلة مسيرة التنمية، وحرصت على التغلب عليها لمواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية، مستثمراً في ذلك تفردها بالموقع الجغرافي الأكثر تميزاً في العالم، والذي لعب الدور الحيوي في عملية التنمية، ولعل ما مرت به مصر منذ عام 2011 إلى الآن خير دليل على ذلك، فبعد أن تراكمت العديد من المشاكل الاقتصادية في مصر، ومع بزوغ رؤية جديدة لحسم تلك المشاكل بدايةً من عام 2013 وبرامج إصلاح اقتصادية تختلف جهورياً عما سبقها، حيث تركزت على معالجة أصول المشاكل والتهديدات إلى جانب العمل على إدراك المستقبل بكل أدواته.
ففي عهد الرئيس السيسي نجحت مصر بإرادة وتضحيات شعبها العظيم لأول مرة في تاريخها في تحويل الإنفاق من إنفاق استهلاكي بالدرجة الأولى إلى إنفاق إنتاجي لصالح بناء وتطوير البنية التحتية للدولة بالكامل "الطرق والكباري – يستصلاح وزراعة مئات الآلاف من الأفدنة – توفير إسكان للفقراء ومتوسطي الدخل – إنشاء عاصمة إدارية جديدة – تطوير المصانع – تطوير العشوائيات.."، ومواصلة افتتاح مشاريع إنتاجية عملاقة بمختلف المحافظات، ومواصلة برامج التحول إلى الحكومة الإلكترونية، وبما يشير إلى وجود مخطط علمي مدروس لإقامة دولة عصرية بكافة المقاييس لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وحرصاً على النهوض بالاقتصاد الوطني، والارتقاء بالظروف المعيشية للمواطنين، قامت مصر بتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي بدءاً من عام 2017، حيث استهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وتوجيه الدعم لمستحقيه من الفئات الأكثر احتياجاً، وقد أشارت تقارير صندوق النقد الدولي لتحسن الأوضاع الاقتصادية بمصر بشكل ملحوظ منذ بدء برنامج الإصلاح الذي ساعد على تحرير سعر الصرف، وتسارع معدلات النمو، وتقليص العجز الخارجي والمالي، وارتفاع الاحتياطي النقدي، في مقابل انخفاض معدلات البطالة لـ"8.3"% والتضخم، والذي يتوقع وصوله لأقل مستوياته نهاية العام المالي 2020-2021 وذلك مقارنة بمعدلات عام 2011، والاسترشاد بالمؤسسات الدولية المعنية بالشأن.
ورغم المؤشرات الإيجابية التي عكسها تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، إلا أنه على المدى القصير ظهرت بعض الأعباء المعيشية المترتبة على قرارات الدولة لرفع الدعم، ولكنها لم تؤثر على استقرار الوضع في الداخل في ضوء ثقة الشعب المصري في سياسات الحكومة الذي يعي أنها عنصر أساسي في عملية الإصلاح الاقتصادي والتي أوصى بها البنك الدولي، ويتم تنفيذها بالتعاون مع صندوق النقد، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن ارتفاع أسعار وسائل المواصلات في مصر، إلا أنها مازالت تعد ضمن أرخص دول العالم "0.5$ لتذكرة المترو على سبيل المثال"، رغم تكاليف التشغيل المرتفعة.
ومما لا شك فيه، فقد أثر تفشى جائحة "كورونا" المستجد على اقتصاديات العالم أجمع، إلا أنه ورغم الضغوط المترتبة على كافة المشروعات القومية على موارد الدولة، إلا أن المؤسسات الاقتصادية الدولية قد أجمعت على نجاح مصر - ضمن عدد محدود من دول العالم – في تحقيق معدل نمو إيجابي خلال الأزمة، كما أن التحدي الذي واجه الحكومة هو كيفية الموازنة بين استمرار عملية التنمية، وامتصاص التحديات التي ظهرت على خلفية تلك الأزمة، حيث خصصت الحكومة المصرية مبالغ مالية كبيرة من الموازنة العامة لتطوير قطاعات الصحة، والتعليم، بجانب الإعانات المالية لمساعدة العمالة اليومية والأسر الأشد تأثراً بأزمة فيروس "كورونا"، كما أشاد تقرير لمؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني صادر في سبتمبر 2020 بمؤشرات الجدارة الائتمانية لمصر، مانحاً الاقتصاد المصرى تقييم "B2"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيراً إلى أن رفع درجة التصنيف ترتبط بقدرة الدولة على تحمل الديون، وتقليل الاحتياجات التمويلية الإجمالية، والحفاظ على مستويات مرتفعة من احتياطي النقد الأجنبي، وأكد بنك "جولدمان ساكس" قدرة الاقتصاد المصري على تحمل التداعيات الاقتصادية لفيروس "كورونا"، مدللاً على ذلك بعودة نحو "50%" من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة "حوالى "10" مليارات دولار"التي خرجت مع بداية أزمة فيروس "كورونا"، مبدياً توقعات إيجابية حتى نهاية العام الجاري بشأن معدلات التضخم، وقوة الجنيه، فضلاً عن تحقيق بعض التدفقات السياحية رغم أزمة "كورونا"، حيث أعلنت شركة "وايز إير" والتي تعد ثالث أكبر شركة طيران منخفضة التكاليف في أوروبا عن إعادة تسيير "3" رحلات أسبوعية بين "ميلانو" و"الإسكندرية"، إلى جانب استئناف شركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية رحلاتها إلى "القاهرة" بعد توقف دام "3" سنوات، كذا عودة الرحلات الجوية من روسيا وكازاخستان إلى مصر، مع تطبيق الحكومة الإجراءات الاحترازية المتفق عليها لاستقبال السائحين.
ركزت الحكومة المصرية خلال السنوات السابقة على معالجة أوجه القصور في مؤشرات الاقتصاد المصري، كذا المشاكل الاجتماعية الناتجة عنه، حيث نجحت في تحقيق تراجع بمعدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية عن شهر أغسطس 2020 ليصبح "3.4%" مقابل "4.6%" في يوليو 2020، ونحو "6.7%" لنفس الشهر من العام الماضي، وذلك على خلفية استمرار انخفاض أسعار مجموعة الطعام والشراب والحبوب ومنتجات غذائية أخرى.
كما تحاول الحكومة لأول مرة في تاريخ مصر توفير تسجيل رقمي دقيق للعقارات، والأراضي الزراعية، بما يساعد في حل مشكلة تآكل الرقعة الزراعية، وتخفيف أزمة المرافق التي ترتبت على استغلال أحداث ثورة 2011 في التوسع العشوائي في البناء على الأراضي الزراعية.
وفى سياق آخر فقد أعلنت الدولة المصرية استهدافها في القريب العاجل زيادة الاستثمارات الحكومية في العام المالي الحالي 2020-2021 بنحو "55%" عن العام المالي السابق، ليصبح إجماليها حوالى "280" مليار جنيه ""225" مليار جنيه ممولة من الموازنة العامة للدولة"، وتوجيه نحو "10%" منها إلى مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي.
ولعل أحد أبرز النجاحات هو بزوغ منتدى غاز شرق المتوسط ككيان إقليمي للغاز الطبيعي ضم في عضويته دول الجوار والانطلاق به ليصبح كياناً دولياً يعزز من طموحات الشعوب والدول.
ولذلك فقد وضحت أهمية العمل على الاستثمار في مشروعات البنية التحتية الحكومية العملاقة، خاصةً المرتبط منها بقطاع التشييد والبناء، والتي تعد قاطرة النمو للاقتصاد المصري خلال فترة أزمة "كورونا"، حيث ساهمت بشكل رئيس في تحقيق معدل نمو موجب بالعام المالي 2019/2020 بلغ "3.5%"، كما ساعدت في الحد من تسارع البطالة المصاحبة لتعطل استثمارات القطاع الخاص على خلفية الأزمة، حيث ارتفع معدل البطالة بنسبة طفيفة في الربع الثاني من عام 2020 "9.6% مقارنة بنحو 7.7% في الربع الأول من العام نفسه، وبزيادة "2.1%" عن الفترة المُناظرة من العام الماضي"، فضلاً عن أن الإنفاق على تلك المشروعات ساهم في توفير سيولة نقدية داخل الأسواق لدفع حركة الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
أما على الصعيد الاجتماعى فيشار أيضاً لتركيز الرئيس "السيسي" أجندة عمله على الاستثمار في الإنسان المصري منذ إعادة انتخابه عام 2018، وهو ما تمت ترجمته على أرض الواقع باستثمار مقدرات الدولة خاصة لصالح قطاعي الصحة والتعليم، حيث ارتكز البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية في فترته الحالية على هذين القطاعين، إضافة إلى استثمار إمكانات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لتنفيذ المشروعات القومية بالنظر لتمتعها بخبرات كبيرة لاسيما الالتزام بالانتهاء من تلك المشروعات في التوقيتات المحددة، وبأقل تكاليف ممكنة، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص وبشكل يضيف فرص عمل وخبرات للشباب المصري.
ولا يمكن إغفال الهجوم من بعض الدول التيارات المناهضة للدولة المصرية حول دور المؤسسة العسكرية في الحياة المدنية، وهو أمر يراد به باطل، نظراً لكون المؤسسة العسكرية في الأساس مؤسسة وطنية تتصف بالانضباط والقدرة على الإنجاز دون معوقات بيروقراطية، وفى هذا الصدد لابد من الإشارة إلى نجاح العديد من الدول في استثمار قدرات مؤسساتها العسكرية للنهوض الاقتصادي ولعل النموذج الصيني هو خير دليل على ذلك، إلى جانب عمل المؤسسات كشركات خاصة تحكمها القوانين والقواعد المنظمة لعمل السوق.
وقولاً أخيراً، فقد أثبت التاريخ المصري القديم والحديث أنه دائماً ما يتم استهداف قوة الدولة المصرية الشاملة "اقتصادياً، وعسكرياً، واجتماعياً" لمحاولة إنهاكها، وتشتيت الجهود الرامية لإعادة النفوذ المصري على الساحتين الإقليمية والدولية، حيث يتم خلال المرحلة الحالية "القرن الـ"21" "الترصد لمصر من خلال حملات انتقامية ولكنها غير عسكرية، فقد اعتادت مصر في الحقبة الحالية منذ عام 2011 على انتهاج الدول المناوئة حملات إعلامية مسعورة ضد تقدمها وازدهارها والتفاف الشعب حول القيادة المصرية، سواء في وسائل الإعلام الأجنبية، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت إحدى أدوات التأثير على الرأي العام، ذات الميول والتوجهات السياسية الموجهة لصالح طرف على حساب الآخر لتمرير صورة ذهنية سلبية عن مصر لدى المواطن المصري والمجتمع الدولي، ومن ثم تكبيل الحكومة المصرية وإرهاقها في محاولات لتصحيح أية ادعاءات من شأنها التأثير على حقيقة الأوضاع في الداخل المصري.
ورغم كافة التحديات والصعوبات، ومحاولات الهدم والتخريب والتحريض التي تقوم بها عناصر، وحكومات، وتنظيمات وقوى إرهابية لمحاولة عرقلة مضى الدولة المصرية قدماً في مسار البناء والتعمير، والارتقاء بحياة المواطنين، إلا أن عناية الله التي حفظت أرض مصر عبر الزمان عهداً من الخالق التي تنص عليها اسماً في كتبه السماوية، وحكمة القيادة السياسية، ووعي الشعب المصري تمثل جميعاً حائط صد منيع أمام قوى الشر والظلام، وستحيا مصر، وشعبها دائماً دولة شامخة.. مستقرة.. رغم كيد الكائدين.