حذرت الإدارة العامة لسدود الفرات شمالي سوريا، من الآثار السلبية الخطيرة المترتبة على التجاوزات الحاصلة على الحصة المائية من قبل تركيا، وإنقاصها الحصة السورية من مياه نهر الفرات بشكل أكبر.

وقالت الإدارة العامة لسدود الفرات في بيان، إن الحكومة التركية لم تطلق الحصة المقررة لسوريا من المياه، وقلصت كميات الوارد المائي الذي يمر في مجرى الفرات منذ يناير من العام الجاري، إلى أقل من ربع الكمية المتفق عليها بموجب الاتفاقية المبرمة بين الدول الثلاث المشاركة.

وبحسب البيان، فإن الوارد المائي المنخفض يعجز عن تلبية متطلبات الاستثمار وري الحقول والأراضي الزراعية على طول ضفاف النهر، مع حلول مواسم الري التي تحتاج إلى السقاية، لاسيما مع شح الأمطار هذه السنة وانخفاض مناسيب البحيرات الثلاث إلى أدنى مستوياتها، بالمقارنة مع الأعوام الماضية.

ونوهت الإدارة العامة لسدود الفرات إلى خطورة نقص المخزون المائي على البيئة، وارتفاع نسب التلوث وازدياد تركيز النفايات الصناعية والصرف الصحي للمدن الواقعة على ممر النهر في بحيرات الفرات.

وأوضحت أن ذلك يهدد حياة 9 ملايين مدني يقطنون على ضفاف بحيرات الفرات، ويعتمدون على مياهها للشرب والزراعة والثروة السمكية التي يقتاتون منها كمصدر للرزق، مما ينذر بـ"كارثة مباشرة" تهدد الاقتصاد المجتمعي والأمن الغذائي العام للسكان، وتؤثر على جهود مكافحة وباء كورونا.

القطاع الزراعي في خطر

ويشكل تراجع مستوى المياه في الفرات تهديدا بيئيا على الثروة الزراعية والحيوانية، وينذر بانهيار الاقتصاد المحلي وارتفاع نسبة البطالة وهجرة سكان القرى، بعد جفاف أراضيهم الزراعية في مواسم شح الأمطار وقطع مياه الري.

ويقول المزارع كاظم السهدان، المقيم في قرية "الحصيوة" بريف الرقة، إنه خسر مواسم القمح التي زرعها على مساحة 200 دونم (الدونم يعادل ألف متر) على الضفة اليسرى من نهر الفرات، بعد أن أصابها البوار".

ويضيف السهدان لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "المزارعين تظاهروا مؤخرا في الرقة، وطالبوا الأمم المتحدة التدخل لحل مسألة المياه مع تركيا، وإيجاد حلول لشحها الذي سيقضي على أراضينا الزراعي التي كانت في الماضي عامرة، ويحولها إلى حقول جرداء".

تهديد الثروة السمكية

وعلى الأطراف الغربية لمدينتي الرقة ودير الزور، يعتاش الأهالي على مهنة صيد الأسماك التي توارثوها من الآباء والأجداد، لكن يكاد يُقضى على هذه المهنة، نتيجة شح المياه الذي يهدد الثروة السمكية، بعد جفاف النهر وانحساره بشكل كبير.

ودفع ذلك العديد من الصيادين، من بينهم جاسم عواد وإخوانه وجيرانه الصيادين في حي الدرعية بالرقة، إلى "ترك المهنة".

ويقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "قبل أزمة البلاد كانت أسواق السمك عامرة بمختلف الأنواع، وكنا نعتمد عليها في معيشتنا، والعديد من الصيادين افتتحوا مشاريع لتوريد الأسماك الطازجة إلى الأسواق المحلية في الحسكة وحلب وغيرها".

وأوضح أن نسبة البطالة ارتفعت بين الشرائح الشبابية بشكل كبير، فالمنطقة تعتمد في مواردها الاقتصادية على الزراعة وتربية المواشي وصيد الأسماك، مستطردا: "أما الآن بِتنا عاطلين عن العمل بعد أن فقدنا موارد رزقنا، مما يهدد مستقبل المنطقة الاقتصادي، دون وجود حلول لتفاقم أزمة المعيشة لدينا، لاسيما مع ارتفاع صرف الدولار وانهيار الليرة السورية. لقد أصبحنا على أعتاب المجاعة".

انقطاع الكهرباء

ويتسبب عدم ضخ الكميات الكافية من المياه إلى نهر الفرات وملء بحيراته، بانقطاع التيار الكهربائي وعدم توفره لسكان المنطقة، مما يؤثر، كما يوضح المهندس الكهربائي جوان شمدين، على محطات الري التي تحتاج لتوفر الكهرباء بكميات جيدة لتشغيلها.

وحذر شمدين في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، من أن انخفاض منسوب نهر الفرات "سيُخرج محطات الري عن الخدمة، وسيقضي على الحياة الزراعية للمنطقة التي تعتمد عليها بنسبة 80 بالمئة، مما يفاقم الأزمة المعيشية".

حلول "إسعافية"

من جانبه، أوضح مسؤول مكتب دائرة الري، شيخ نبي الخليل، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الدولة التركية تضخ 200 متر مكعب من المياه باتجاه الأراضي السورية، وهي أقل بكثير من الحصة المتفق عليها، وفق الاتفاقيات الدولية التي حدت 500 متر مكعب بالثانية".

وحول الحلول الإسعافية اللازمة لمنع وصول البحيرات لعتبة "المنسوب الميت"، وهو المنسوب الذي لا يمكن معه تشغيل السد لتوليد الطاقة الكهربائية، قال الخليل: "سنعتمد على برنامج تغذية كهربائية، بحيث لا تتجاوز الست ساعات، مع نظام مراقبة دائمة لانخفاض مناسيب مياه البحيرات".

وتابع: "لمنع وصول البحيرات إلى عتبة المنسوب الميت، سيتم اعتماد برنامج جديد حتى لا يحصل كما في بحيرة سد تشرين، التي أصبحت على عتبة المنسوب الميت، وهو 320.01 متر مكعب".

ودعت الإدارة العامة لسدود الفرات، كلا من الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومنظمة الصحة العالمية، والمجتمع الدولي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى "التدخل والضغط على تركيا للالتزام بالقانون الدولي، والتوقف عن الاستحواذ على الحصة السورية من المياه والتلاعب بمنسوبها".