سكاي نيوز
لم تكن ندى النيل، تتوقع أن تخوض هذا الماراثون الطويل مع طفلها بيبرس عبد الله، وهي وحيدة تجوب العالم بحثا عن العلاج والتشخيص المناسب لحالة ابنها الوحيد، خاصة بعد أن بات بيبرس، البالغ من العمر 16 عاما، لا يستطيع النطق سوى باللغة الإنجليزية بعد معاناته من متلازمة أسبرغر (إحدى اضطرابات التوحد).
تقول ندى والدة بيبرسن إن ابنها لم يولد بهذه الإعاقة لكن ما جرى له هو إصابته بفيروسات تسببت بمشاكل في الدوائر العصبية بالدماغ، الأمر الذي عطل بعض النواقل العصبية في رأسه عن عملها، مشيرة إلى أنه كان طفلا طبيعيا حتى بلوغه الشهر التاسع من عمره، قبل أن تكتشف إصابته بمرض الكواساكي الغامض (مرض يسبب الالتهاب في الشرايين التاجية للأطفال والتي تمدُّ عضلة القلب بالدم، كما قد يصيب الغدد اللمفية)، مشيرة إلى أنها وجدت صعوبة في علاج ابنها لأنها كانت تقيم بالإمارات العربية المتحدة وهذا النوع من الأمراض لم يكن منتشرا هناك.
أعراض غريبة عند المشي
وتتابع ندى: "بدأنا معالجة بيبرس باستخدام الأجسام المضادة وبدأ يشعر بتحسن في صحته، لكننا فوجئنا أنه حين بدأ مرحلة المشي كان يمشي في دوائر ولا يشعر بالخطر أو الخوف من أي شيء، وعلمنا أنه أصيب بشيء في الدوائر الكيميائية المسؤولة عن الشعور بالخوف القلق والتركيز والتي توجد في ناصية كل إنسان، التي تعد مركز اتخاذ القرار في الجسم".
تشخيص خاطئ
وأضافت: "المشكلة أنه تم وصف علاج لبيبرس له علاقة باضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه "ADHD" كما تم وصف أدوية لها علاقة بعلاج الشيزوفيرنيا وعلاج الاكتئاب ثنائي القطب واستمر على هذه الأدوية المبنية على تشخيص غير سليم لمدة 8 سنوات وتعددت أنواع العلاجات حتى أنه كان يتناول قرابة 60 نوع دواء في نفس التوقيت، وكتب الطبيب المعالج له تقريرا وصفه بأنه متوحد ولا يجيد أي لغة ولا يمكن دخوله المدرسة أو التعلم أو تكوين أصدقاء، وهو ما مثل صدمة لي جعلتني أقرر السير في طريق علاجه وحيدة، وكان أكثر شيء أعاني منه هو المنظومة المدرسية وكيفية تعامل المدارس المختلفة مع الطفل، الذي كان يتعرض للتنمر باستمرار والضرب أحيانا".
اكتساب اللغة الإنجليزية
وتوضح ندى أن بيبرس كان لا يتكلم أي لغة وكانت تتركه يشاهد قناة تعليمية ناطقة باللغة الإنجليزية، كما أنها كانت تشتري له قصصا باللغة الإنجليزية مدعومة بصور ملونة ووجدته يتفاعل معها وكانت المفاجأة أنه يقوم بتخزين كل ما يسمعه، ثم بدأ النطق بالإنجليزية حيث ألحقته بمدرسة في أبوظبي تعلم فيها القراءة والكتابة باللغة الإنجليزية، لكنه لم يكن قادرا على تعلم اللغة العربية بتاتا وانجذب بشدة للغة الإنجليزية فقط، حيث اكتشفت أنه عنده مشكلة في الجزء الخاص بالمعرفة في الدماغ ما يجعله لا يتحدث سوى بلغة واحدة".
متلازمة أسبرغر
وتؤكد ندى أنها بدأت تعالج ابنها عند طبيب سوري يحمل الجنسية الأميركية والذي أوضح أن حالته هي طيف من أطياف التوحد يسمى متلازمة أسبرغر وهي تؤثر على اللغة وطلب عدم معارضته في تعلم اللغة الإنجليزية، وكان هو أول طبيب يفسر حالة بيبرس ويعطي التشخيص السليم لها".
تخلي الأهل
وتضيف أنه "بعد عودتي إلى مصر في عام 2011 تفاجأت بأن والده قد مل من متابعة حالته وتخلى عنه وذهب للزواج من أخرى وأنجب منها طفلة وترك المنزل دون متابعة حالة ابنه لأكمل الطريق وحدي، وكانت صعوبة الأمر في حب بيبرس لوالده الذي كان وجوده واستقرار الأسرة قد يساهم بشدة في علاج حالته، كما أن الأقارب باتوا لا يحبون التواصل معها كثيرا بسبب خوفهم من وجود نوع من الاندفاع عند بيبرس في التعامل مع أقرانه من أقاربه، كما أنه كان يقوم بنوع من العنف في التعامل معهم".
السفر للسويد ومأساة الأدوية
وتشير ندى إلى أنها قررت السفر مع بيبرس للسويد أملا في العثور على علاج يحسن حالته لكنها تفاجأت بأن المجتمع السويدي انعزالي بدرجة كبيرة، و"الأصعب أن الأطباء هناك كانوا يسحبون من عينات دم للتحاليل بشكل مستمر وفي كل مرة يصفون له علاجا مختلفا حتى شعرت أنه بات فأر تجارب للأدوية، وخشيت عليه فأوقفت جميع الأدوية التي كانوا يعطونها له خاصة بعد اكتشاف وجود نسبة من المخدر فيها، ثم بدأت تشعر بخوف من سحب الشؤون الاجتماعية السويدية لبيبرس منها ووضعه في دور رعاية، وقررت العودة به إلى مصر لا سيما وأنه كان لا يستطيع تعلم اللغة السويدية بسبب حالته الطبية".
وتشير والدة بيبرس إلى أنها استبدلت أدوية ابنها بالأنشطة الرياضية الجميلة مثل الفروسية والإسكواش والتزحلق على الجليد والعزف الموسيقي والسباحة، مضيفة أن لعبة الإسكواش كانت تساعده جدا في التركيز كما أن بيبرس أظهر شجاعة كبيرة في ممارسة الفروسية.
ولفتت ندى إلى أن بيبرس يدرس في مدرسة دولية بمصروفات عالية، مشيرة إلى أنه في الوقت الحالي أظهر ذكاء كبيرا وحبا للعلوم مثل الكيمياء والفيزياء والأحياء، ما جعلها تضمه لدورات تدريبية في صناعة التطبيقات التي تستخدم في الهواتف النقالة وغيرها من التطبيقات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، داعية داعية الدولة المصرية لإلحاق ابنها بجامعة زويل، أو تبني أحد رجال الأعمال لذكائه حتى يمكن الاستثمار فيه".