^ تحت شعار «أمن الأطفال على الإنترنت»، وبالتعاون مع جمعية البحرين للإنترنت ورابطة مزودي خدمات المعلومات والاتصالات البحرينية (بيستا) ورابطة الإنترنت الكويتية، أطلقت وزارة الصناعة والتجارة أسبوع الإنترنت الخليجي 2012، الذي إضافة إلى البرامج الترفيهية التربوية التي سادت فعالياته والتي نجحت في استقطاب عشرات الأطفال وأفراد عائلاتهم، الذين استمتعوا ببرامجه المتنوعة وشاركوا فيها، أفردت اللجنة المنظمة مساء الأربعاء الموافق 18 أبريل لمنتدى حواري حول «أمن الأطفال على الإنترنت»، شارك فيه مدير إدارة السلامة الإلكترونية في هيئة تنظيم الاتصالات أحمد الدوسري، ورئيس شبكة المهنيين العرب للوقاية من العنف ضد الأطفال فضيلة المحروس، وقد ركزا على المخاطر التي يتعرض لها الطفل عند إبحاره على مواقع الإنترنت والتحديات التي تواجه مؤسسات المجتمع من أسرة ومنظمات مجتمع مدني، وإدارات الدولة الراغبة في توفير أفضل الوسائل المطلوبة لحماية ذلك الطفل من المخاطر الخلقية والنفسية والحضارية التي يتعرض لها، دون حرمانه من تلك الفوائد الترفيهية والتربوية والتعليمية التي تمدها به شبكة الإنترنت الغنية بالمعلومات التي بحوزتها والمفيدة بالخدمات المتطورة التي توفرها. توقف المنتدى مطولاً أمام تلك المخاطر والتحديات على حد سواء، واجتهد المتحدثون، ومعهم الحاضرون في تسليط الأضواء على المخاطر التي تهدد تكوين الأطفال، من مستخدمي الإنترنت، الذهني، وسلوكهم الاجتماعي من جانب، وعلى الفوائد التي تنمي مواهبهم وتصقل مهاراتهم من جانب آخر، متفقين على أن العلاقة بين الطفل والإنترنت أصبحت اليوم ظاهرة ثابتة لا يمكن إلغاؤها، وإنما ينبغي العمل على تشذيبها من أجل تقليص سلبياتها، وتعزيز الإيجابيات التي تتمتع بها. وقد اكتظت المطوية التي وزعتها اللجنة المنظمة للمؤتمر بمعلومات غنية حول نسبة انتشار استخدام الإنترنت في صفوف الناشئة، مذيلة بتوجيهات تخاطب المؤسسات ذات العلاقة من أجل ممارسة دورها والقيام بمسؤولياتها التي توفر البيئة الآمنة المطلوبة للحفاظ على سلامة الأطفال عند استخدامهم للإنترنت. في البدء لا بد من التأكيد أن توفير بيئة آمنة مثالية تنظم العلاقة السليمة بين الطفل والإنترنت لم تعد مشكلة المجتمعات العربية وحدها، بل هي ظاهرة عالمية تشكو منها حتى المجتمعات المتقدمة مثل ألمانيا التي تؤكد دراسة قام مجموعة من الباحثين الألمان «أن شبكة الإنترنت لا تؤثر على السلوك الاجتماعي بشكل سلبي بل إنها تشجع النشاط الاجتماعي. ولكن من ناحية أخرى، قد يكون الأشخاص الذين يمتلكون شبكة إنترنت سريعة ذات نطاق توصيل كبير للمعلومات الرقمية أكثر نشاطاً على الشبكة وبالتالي أكثر انغلاقاً وانطواءً على أنفسهم ما يؤدي إلى عزلتهم اجتماعياً». لقد بات أمن الطفل على الإنترنت اليوم من صلب سياسات الشركات العملاقة من أمثال مايكروسوفت التي يؤكد نائب رئيس شركة مايكروسوفت مصر والشرق الأوسط وأفريقيا علي الفرماوي في منتدى «أمن الطفل على الإنترنت» في 29 يونيو 2005 في القاهرة «إن التزامنا تجاه حماية الأطفال على الإنترنت تعززه رغبتنا في العمل مع الجهات المختصة في بلدان المنطقة، فتلك الشراكات مع الحكومات والجهات التنفيذية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام وغيرهم سوف يساعدنا في مهمة تثقيف وتعليم وتوجيه الأطفال حول كيفية استخدام الإنترنت.. ومايكروسوفت بدورها سوف تستمر في استحداث حلول تقنية للمساعدة على حماية الأطفال المستخدمين للإنترنت وزيادة التوعية حول هذه القضية والمشاركة في مجموعات العمل القومية والإقليمية التي تخاطب قضايا أمن الأطفال على الإنترنت فنحن اليوم نتطلع إلى العمل مع كل من هو موجود في هذه القاعة». وهي أيضاً على رأس قائمة أولويات مهام منظمات دولية مثل «اليونيسيف» الذي أصدرت في العام 2011، تقريراً يتناول التحديات والاستراتيجيات التي تواجه الطفل على الإنترنت في العالم بشكل عام، وفي كل دولة مختارة على نحو خاص، ويحمل عنوان Child Safety Online Global challenges» and strategies». تضمن ذلك التقرير الكثير من المعلومات التفصيلية التي تناقش هذه المسألة من جوانبها المختلفة، مدعمة ذلك بالأرقام والإحصاءات المستخرجة من أبحاث ميدانية. و»يدرس التقرير مدى هذه المخاطر وكيف يستخدم الأطفال الإنترنت وكيف يمكن حمايتهم». بشكل عام، تمتلئ محتويات مواقع الإنترنت بالنصائح والإرشادات المفيدة التي تساعد على تقليص المخاطر من نمط « لا تكشف عن الرقم السري للاتصال بالإنترنت لأي شخص بغض النظر عمّن يكون أو يدعي كونه، ولا تبح بأية معلومات شخصية عنك سواء اسمك أو عنوانك أو اسم والديك أو رقم الهاتف أو اسم مدرستك أو أية تفاصيل أخرى، ولا ترسل صوراً لنفسك أو لأي أحد من أفراد عائلتك أبداً عبر الإنترنت، وأخبر والديك دائماً عن أي اتصال يتضمن تهديداً أو ألفاظاً بذيئة».. إلخ، وأخرى غيرها، التي رغم أهميتها، وضرورة الاستفادة منها، لكن تبقى فعالياتها، في نهاية المطاف، محدودة من جهة، وهشة من جهة أخرى، لسبب رئيس واحد هو أنه ولأول مرة في تاريخ تطور المجتمعات البشرية، تسبق معارف وخبرات الأطفال والأجيال الشابة، تلك التي تكبرها سناً، في طرق استخدام تكنولوجيا تمس بعمق سلوك الفرد وقيم المجتمع بهذا العمق، وسعة الانتشار، الأمر الذي يولّد معضلة حقيقة عند محاولة توفير طرق إنترنت آمنة لمن يريد أن يسلكها من الأطفال والناشئة على حد سواء، ذلك لأن هؤلاء يملكون من المهارات، بل وحتى الخبرات، التي تمكّنهم ، وفي أحيان كثيرة بسهولة لا يتوقعها الآباء والمربين، من تجاوز الحواجز التي يقيمها هؤلاء أمامهم. الأسوأ من ذلك هو قدرة الأطفال، أيضاً، على إيهام من يراقبهم، أن وسائلهم فاعلة وتؤدي دورها وتحقق الغاية من وراء استخدامها. أمام انهيار كل الأساليب التقنية لا يبقى بتصرف المربين وأولياء الأمور سوى سبيل واحد يؤمّن لهم سلامة أطفالهم على طرق الإنترنت الملتوية، وبواباتها المغرية وهو بناء علاقة ثقة متبادلة راسخة بينهم وبين من يريدون حمايتهم. هذه الثقة المتبادلة هي التي تضع بيد الأطفال المفتاح الذي يوصد أمامهم أبواب تلك المواقع السيئة ويشرع بدلاً منها تلك المفيدة والمسلية. وهنا ينبغي تحذير الآباء والمربين من ضرورة تحاشي التمييز بين المسلي والمضر، فهناك من يرى في ذلك المسلي الكثير من الضرر، وهو مفهوم خاطئ قد ينزع الثقة المطلوب توفرها بدلاً من زرعها. فالطفل عند إبحاره على مواقع الإنترنت، يحتاج، كما في حياته العادية التقليدية، ليس إلى ما يفيده فحسب بل ما يسليه أيضا، وهو أمر من الجريمة بمكان حرمانه منه. ففي التسلية الكثير من الفوائد التي قد لا يلمسها الآباء والمربون، وبين ثناياها تحتضن عناصر بناء الثقة المطلوبة