^ احمد العنزور

أثبتت مباريات كأس الأمم الأوروبية حتى الآن أن عصر رومانسية كرة القدم قد ولى دون رجعة.. حتى أصبحت المباريات عبارة عن جمل تكتيكية بحتة لمدة 90 دقيقة متتالية يديرها المدربون من خارج الملعب بنسبة قد تصل إلى 100%.. والمهم في جميع ذلك هو النتائج! حتى لو قدم الفريق أداءً سيئاً للغاية وحقق نتائج جيدة فهو أفضل بكثير من فريق ممتع يمارس كرة قدم جميلة ويخسر.

المدربون قد توصلوا إلى قناعة تامة بأن اللاعبين من طراز المقاتلين المنفذين للخطط (الكوماندوز) الذين يستطيعون استرداد الكرة من الخصوم بسرعة.. والاحتفاظ بها أكثر وقت ممكن، وتسيير المباريات بأمر المدرب، هم العملة المطلوبة بإلحاح أكبر من اللاعبين المبدعين الذين يصنعون المتعة.

أصبحت الخطط الدفاعية في نصب المتاريس ووضع الخطط لإفشال هجمات الخصوم هي الشغل الشاغل للجميع، وغدت تأتي في مقدمة اهتمامات المدربين على عكس ما كان يحدث في السابق. ففي الماضي والقريب منه كانت الخطط توضع للهجوم ثم الهجوم وتسجيل الأهداف، وحده المنتخب الإيطالي الذي مارس استخدام الطرق الدفاعية وتفنن فيها لسنوات طويلة.

حتى الفريق الألماني الذي عودنا على عزف السمفونيات الكروية الجميلة، قدم مستويات متحفظة وبالغ في الدفاع حتى أمام فرق لا تقارن بإمكانياته. لكنه انتصر في مباراتين متتاليتين، لم يبدع ولم يتألق في لقائه الأول أمام البرتغال.. لكنه أقنع، والإقناع في كرة القدم الحديثة هي النتائج والأرقام، لا أحد يعترف بالمستويات والإبداع، لا أحد يسأل الفائز عن المستوى ولا يحاسبه على الفوز أياً كان وبأي طريقة قد تحقق، وإنما تسأل كل الأسئلة للخاسر مهما كان مستوى الإبداع الذي قدمه.

الفريق الإسباني وحده من قدم مستوى يفوق التكهنات أمام الفريق الأيرلندي ولعب بطريقة “التيك تاك” الإسبانية الشهيرة .. لكنه بالرغم من ذلك لعب بالتزام كروي رفيع المستوى عندما بدأ الدفاع من منطقة خصمه الذي لم يجد طريقة لفك طلاسم الفريق الإسباني القوي.

وجميع تلك المعطيات تقودنا إلى عنصر واحد: وهو أن زمن “بوشكاش - جورج بست - اوزيبيو” قد ولي منذ زمن ولن يعود. يجب علينا جميعاً أن نعترف بأن عهداً جديداً قد بدا هو عهد “ألونسو – بيرلو - بوسكيتس “، هؤلاء اللاعبون الذين يؤدون لقتل كل لعبة جميلة، ويحطمون الخصوم دون رحمه أو تردد .. هؤلاء من يحبهم المدربون .. حتى أصبحنا جميعاً نحبهم ونستمتع بمشاهدتهم، (ومن منا يستطيع أن ينكر ذلك).

[email protected]