كتب ـ المثنى لوري:

زادت في الآونة الأخيرة ظاهرة عزوف البحرينيين عن امتهان التمريض، والتي تعد المهنة الأكثر إنسانية في العالم، إذ يطلق على منسوبيها اسم “ملائكة الرحمة”.

الممرضون وطلاب التمريض، وأيضاً، طلاب التخصصات الأخرى أجمعوا على أن ما يجعل البحرينيين يعزفون عن التمريض واختيار تخصصات أخرى، هو أن الضغط الذي يواجهه الممرض في عمله لا يتناسب مع العائد المادي له.

لكن آخرين قالوا: إن الضغط النفسي وصعوبة الدراسة وشح فرصة الحصول على الوظيفة هي أهم أسباب عزوف البحرينيين عن مهنة التمريض والتوجه إلى مهن أخرى مردودها المالي أعلى وضغوطها أقل.

«الوطن” استطلعت آراء عدد من المسؤولين وطلاب التمريض والتخصصات الأخرى لمعرفة أسباب هروب الطلبة من امتهان التمريض والتوجه إلى تخصصات ومهن أخرى.

المسؤولية الكبيرة

وقالت فاطمة أحمد خليل طالبة تمريض (سنة ثالثة) في الكلية الإيرلندية أن سبب عزوف الكثير عن دراسة التمريض المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الممرض، إذ أن مهنة التمريض مسؤولية قبل أن تكون مهنة،

وأضافت أن العمل متعب جداً ويبلغ 8 ساعات يومياً، ونظام المناوبات يزيد الطين بلة.

وأشارت خليل إلى أن الممرض يتشتت اجتماعيا ولا يجد الوقت الكافي للجلوس مع أسرته وممارسة مهامه الأسرية والاجتماعية بنحو كاف.

ولفتت إلى أن الدراسة صعبة جداً وتحتاج إلى مجهود كبير، وأن مردودها المادي أقل من المطلوب بحكم أن الممرض ملتزم بنظام المناوبات ونظام “أون كول” إذ يتم الاتصال بالممرض في أي وقت خارج وقت دوامه للحضور في حالة الطوارئ.

وأضافت أن الطلبة المبتعثين من “تمكين” لا يحصلون على مخصصات مالية خلال مدة التدريب والتي هم بأمس الحاجة إليها.

ضغط العمل

وقالت مسؤولة تمريض، رفضت الكشف عن اسمها: إن الممرضين بين المطرقة والسندان، فالممرض حلقة الوصل بين المريض والطبيب، وهو لا بد أن يرضي الطرفين.

وأضافت أن الممرضين يواجهون مشكلة النقص الشديد في الكادر، مشيرة إلى أن النسبة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية هي مريضين لكل ممرض بينما في الوضع الحالي هناك 10 مرضى لممرضتين.

وأكدت مسؤولة التمريض أن الممرض يواجه بعض الضغوطات فهو ملزم بنظام المناوبات والعمل أثناء الإجازات الرسمية والأعياد، بينما المردود المالي لمهنته لا يكفي.

وأضافت أن الضغوطات النفسية التي يتعرض لها الممرض كثيرة؛ إذ أن أي خطأ صغير وغير مقصود قد يؤدي إلى مضاعفات لا تحمد عقباها.

ولفتت مسؤولة التمريض إلى أن عدد العاطلين الحاليين 167 عاطلاً، وأثناء مراجعة بعضهم أخبروهم أن الشواغر الحالية لحاملي الدبلوم وليست لحاملي البكالوريوس.

تأجيل التوظيف

وقالت نجلاء عبدالمهدي ممرضة متخرجة في كلية العلوم الصحية إنها تخرجت في 15يوليو 2010، وأخبروها أنها ستتعين في أبريل، وتزامن هذا التوقيت مع فترة ولادتها، فأخبروها بالعودة بعد الولادة، وإنها راجعت بعد الولادة فأخبروها بإيقاف التوظيف من دون ذكر الأسباب، مؤكدة أن التوظيف ما زال قائماً حتى الآن.

وأكدت نجلاء إنها لم تتوظف حتى الآن، وأن فرص العمل أثناء الدراسة كانت متوفرة والوزارة أعلنت عن شواغر في الكادر الطبي، ولكن لم يحصل أي شيء إلى الآن، وقالت: إن سبب عدم توجهها إلى القطاع الخاص كان بسبب ساعات عمله الطويلة التي تمتد 10 و11 ساعة وبراتب قليل لا يتعدى الـ450 ديناراً.

صعوبة الدراسة

وقالت الطالبة أمينة كمال إنها فكرت بدراسة التمريض لما فيه من رسالة وخدمة إنسانية للمجتمع ومساعدة للناس لكنها تراجعت عن قرارها بعد أن وجدت أن الدراسة فيها صعوبة وأن الكلية لا تتعاون مع الطلبة.

وأضافت أن الكثير من خريجي التمريض لم يوفقوا في الحصول على عمل إلا بعد مرور 3 سنوات والتعب والإرهاق الجسدي والنفسي المرافقين للمهنة.

انعدام الثقة

وقال الطالب عبدالكريم البلوشي طالب إدارة أعمال في جامعة البحرين إن مجال التمريض صعب وفيه مسؤولية كبيرة ولا يحتمل الأخطاء، مشيراً إلى أن الدراسة في البحرين تحتاج إلى نسبة درجات عالية للحصول على القبول، وأن الدراسة في الخارج تكلف الكثير.

ورأى البلوشي أن الناس لا يثقون بالطبيب البحريني حتى لو كان يحمل أعلى الشهادات وأنهم يفضلون عليه الطبيب الأجنبي.

وأشار إلى أن المجال غير واسع وفرص العمل تحتكرها المستشفيات والمراكز الصحية عكس التخصصات الثانية، كما إن ضغط العمل والإرهاق الناتجين عن مهنة التمريض تؤثران اجتماعياً ونفسياً على الممرض.

الدراسة الطويلة

وقالت الطبيبة عايشة غريب وهي طبيبة امتياز في السلمانية إن من أسباب عزوف البحرينيين عن مهنة التمريض راتبها القليل غير المتناسب مع الجهد المبذول فيها ومسؤوليتها الكبيرة التي تقع على عاتق الممرض، إذ أن أي خطأ صغير قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، ناهيك عن الراتب المتواضع الذي يصل إلى نحو 400 دينار وهو لا يتناسب مع الجهد المبذول في المهنة.

وأضافت غريب أن مهنة التمريض تؤثر أيضاً على الحياة الاجتماعية للممرض فهو لا يجد الوقت الكافي للجلوس في المنزل ومقابلة أهله والاهتمام بشؤونهم.

ومن الناحية الأكاديمية، قالت إن صعوبة الدراسة ومدتها الطويلة هي الهاجس الأكبر للطلاب المتخرجين حديثاً؛ إذ أن الممرض ينهي دراسته بعد 4 سنوات ولا يضمن الحصول على العمل بسهولة على عكس التخصصات الأخرى التي مدة الدراسة فيها 3 أو 4 سنوات للتخرج والبدء في مجال العمل.