كتبت - زهراء حبيب:
حسمت محكمة الاستئناف العليا الجدل القائم بخصوص سرية جلسات محاكمة محمد حبيب المقداد وسماع الشهود بغرف المشورة، وقالت إن للمحكمة الجنائية حق نظر الدعاوى بجلسة سرية مراعاة للنظام والآداب العامة.
وكان المقداد قد اعترض على سماع الشهود في غرفة المشورة في القضايا المحالة من محكمة السلامة الوطنية المتهم فيها المقداد وآخرون، مطالباً بعلنية الجلسة، فيما أصدرت “الاستئناف” عدداً من النصوص القانونية تسمح لـ«الجنائية” عقد الجلسة بغرفة المشورة مراعاة للنظام العام والآداب.
وألح المقداد في جلسة سماع شهود النفي في قضية الخلية الإرهابية المدان فيها بالسجن المؤبد أمس الأول، وفي جلسة اختطاف شرطيين المتهم فيها أيضاً، بالسماح للصحافين بدخول الغرفة أثناء سماع أقوال الشهود.
واستجابت المحكمة لطلبه وأدخلت الصحافة وممثلي السفارة الفرنسية لحضور الجلسة، إلا أن المقداد استمر برفضه بذريعة عدم وجود ممثلين السفارة السويدية التي يحمل جنسيتها، رغم عدم حضور ممثليها لقاعة المحكمة أصلاً، وأصر على عقد الجلسة بقاعة المحكمة لتحقيق العلانية.
وقالت المحكمة حسماً للجدل، إن قانون محكمة التمييز في بابه الخاص بالأحكام بين المقصود بعلانية المحاكمة ومظاهرها، وهي أن الأصل في القانون أن تكون جلسات المحاكمة علنية، غير أن المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمحكمة أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية مراعاة للنظام العام أو حفظاً للآداب ولا استثناء لهذا الأصل إلا ما نصت عليه المادة 352 من القانون ذاته بوجوب انعقاد محاكم الأحداث -دون سواها من المحاكم- في غرفة مشورة.
وأوضحت المحكمة أنه وفقاً لمحكمة التمييز أن الأصل للدستوري المقرر هو علانية جلسات المحاكمة التي يشهدها المواطنون دون تمييز، ليتاح للرأي العام متابعة ما يجري في قضايا تهمه وإغفالها يؤدي إلى بطلان إجراءات المحاكمة ويبطل الحكم الذي يصدر تبعاً لذلك، ما لم تقررالمحكمة سرية بعض المحاكمات مراعاة للنظام العام، أو يقرر القانون سرية المحاكمة لاعتبارات معينة، مثل محاكمة الطفل على النحو الوارد بالفقرة الأولى من المادة 126 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996.
وأكد البند 4055 في باب الأحكام من قانون محكمة التمييز، أن من حق المحكمة أن تأمر بجعل الجلسة سرية حفظاً للنظام العام، فيما يوضح البند الذي يليه ما تعنيه كلمة “الآداب” الواردة في المادة 235 من قانون تحقيق الجنايات في مقام سرية الجلسات عامة مطلقة ذات مدلول واسع جامع لقواعد حسن السلوك المقررة بموجب القانون أو العرف فكل الاعتبارات الخاصة بالنظام العام تدخل في مدلولها.
وسواء أكان الشارع ذكر في هذا المقام عبارتي “الآداب” و«حفظ النظام العام” كما في المادة 25 من قانون نظام القضاء والمادة 129 من الدستور أو ذكر هاتين العباراتين و«حرمة الأسرة” كما في المادة 121 من قانون المرافعات، أم كان اقتصر عن لفظ “الآداب” كما في المادة 235 من قانون تحقيق الجنايات فإنه يجوز للمحكمة الجنائية أن تجعل الجلسة سرية للحفاظ على النظام العام.
وللمحكمة أن تجري التحقيق الذي تراه لتعرف الحقيقة ولها في سبيل ذلك أن تحظر غشيان قاعة الجلسة أومبارحتها متى كانت طبيعة التحقيق تقتضي هذا الحظر. ولفتت المحكمة إلى أن البند 4059 من ذات القانون، أشار إلى أن حضور المدعي مع محاميه جلسة المحاكمة السرية لا يبطل الإجراءات لأنه خصم في الدعوى ومن حقه ألا يكتفي بحضور محاميه عنه وأن يشهد دعواه بنفسه، على أن العلانية هي الأصل في المحاكمات السرية تبطلها قانوناً، وتجويز القانون لها مراعاة للنظام أو الآداب وارد على خلاف الأصل، وهو من حق القاضي وحده لا من حق خصوم الدعوى، وما كان لخصم أن يتظلم من قصور يزعم لحقوقه بتنفيذ حق من حقوق القاضي لا من حقوقه هو.