تشير تقديرات تضمنها تقرير صدر مؤخراً عن مؤسسة “بوز وشركاه” الاستشارية الأمريكية إلى أن حجم قطاع التعليم العام والخاص في دول مجلس التعاون الخليجي سيرتفع من 36 مليار دولار العام 2010 إلى حــــوالي 90 مليــــــــــار دولار بحلول العام 2020، وذلك نظراً لزيادة عدد الطلبة من 6.35 مليون إلى 8.25 مليون طالباً خلال نفس الفترة.
في حين سيرتفع عدد السكان الذين تقل أعمارهم عن 19 سنة في دول مجلس التعاون بنسبة 29% ليصل إلى 16.78 مليون فرد العام 2020.
وكان إجمالي عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية في العالم العربي بلغ 42.4 مليون تلميذ العام 2009، طبقاً لإحصاءات منظمة اليونسكو، ما يعني أنهم زادوا مليونين منذ العام 1999.
وليس هناك شك في أن النمو السكاني سيضع ضغوطاً على المدارس العامة في المنطقة، مما يشير إلى ظهور فرص أمام القطاع الخاص للاستثمار في التعليم.
الإنفاق الحكومي
تنفق حكومات دول مجلس التعاون الكثير من الأموال على قطاع التعليم. وعلى سبيل المثال، يلاحظ أن ميزانية الإمارات للعام 2012 خصصت 8.2 مليار درهم، أي نسبة 19.8% من إجمالي 41.4 مليار درهم، لقطاع التعليم. وعلى الرغم من أن هذه أقل من نسبة 22.5% التي خصصت العام 2010، لايزال المبلغ يمثل حصة كبيرة من إجمالي الإنفاق العام في الإمارات.
وتبلغ ميزانية السعودية 690 مليار ريال للعام 2012، أي بنسبة تراجع قدرها 14.2% عن ميزانية العام 2011 البالغة 804 مليار ريال، إلا أن المبلغ المخصص للتعليم ارتفع بنسبة 13% ليبلغ 168 مليار ريال.
وفي البحرين، تصل ميزانية العامين 2011-2012 إلى 6 مليار دينار (15.9 مليار دولار)، خصص منها 660 مليون دينار لتطوير المشروعات التعليمية، المدرسين، الطلبة والارتقاء بالمعايير، في حين لا يزيد المبلغ المخصص للإنشاءات عن 360 مليون دينار. أما في قطر فقد بلغ معدل الإنفاق العام على الطالب 9.5% من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، طبقاً لتقرير صادر عن اليونسكو العام 2009.
وتتمثل أحد المؤشرات الرئيسة الصالحة لتحديد الاستثمارات المخصصة للمدارس الابتدائية في متوسط نصيب التلاميذ لكل مدرس. فكلما تدنى عدد التلاميذ مقابل كل مدرس كلما دل على استثمارات أكبر في المدرسين، بما في ذلك رفع الأجور لجذب المزيد منهم من الخارج.
وفي هذا الشأن يلاحظ أن المتوسط هو تسعة تلاميذ لكل مدرس في الكويت، و11 تلميذاً إلى مدرس واحد في قطر، و16 تلميذاً إلى مدرس واحد في الإمارات.
وقال المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “مينا” بمؤسسة بريتش تيجرز التعليمية، بول واغستاف: “هناك اهتمام كبير في عموم منطقة مينا بالارتقاء بمعايير التعليم إلا أن خطط الإنفاق تختلف من دولة إلى أخرى اعتماداً على حجم الأموال المتوفرة .. هذا يعكس الوضع الاقتصادي لكل دولة في الوقت الحاضر، فحيث تعتمد الاقتصادات على النفط ستجد المزيد من الاستثمار في التعليم مقارنة بالدول الأخرى”.
المدارس الخاصة
يلاحظ أن الدول الأكثر ربحية للمستثمرين في التعليم الخاص هي تلك التي اجتذبت أعداداً كبيرة من العمال الأجانب. وإذا أخذنا دبي مثلاً فنلاحظ أن أكثر من 80% من سكانها أجانب وأن التقديرات التي وضعتها بورز وشركاه تشير إلى أن قيمة سوق المدارس الأجنبية في هذه الإمارة تبلغ 843 مليون دولار.
وعلى نحو مماثل، 80% من سكان إمارة أبوظبي عبارة عن أجانب، وأن قيمة سوق المدارس الخاصة تساوي 550 مليون دولار في هذه الإمارة. وتستطيع المدارس الخاصة توفير مناهج وأساليب التدريس الدولية بالعديد من اللغات، ما يشجع الجاليات الأجنبية على الحاق أبنائها بهذه المدارس.
إلا أن الأجانب ليسوا الوحيدين الذين يرسلون أبناءهم إلى المدارس الخاصة، إذ إن تغير المواقف لدى مواطني دول المجلس يؤدي إلى زيادة استعداد هؤلاء للإنفاق على التعليم مقارنة بالجيل السابق، على الرغم من بقاء بعض التحفظات والصعوبات الواجب التغلب عليها، والتي منها عدم تقبل المدارس المختلطة.
المبادرة السعودية
دشَّنت السعودية، التي تتميز بوجود عدد كبير جداً من الأطفال في سن المدرسة، نظاماً قادراً على تشجيع المزيد من الاستثمار في التعليم الخاص. وفي هذا الشأن قالت مديرة مؤسسة “ايديوفال” لخدمات التعليم، سونيا بن جعفر: “أعلنت الحكومة السعودية عن عزمها توزيع كوبونات على المواطنين كنوع من الدعم للإقبال على التعليم الخاص”. ويهدف هذا النظام إلى مساعدة المواطنين على دفع رسوم التعليم الخاص لأبنائهم.
يشار إلى أن سوق التعليم الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي تدر في الوقت الحاضر حوالي 5.2 مليار دولار من وراء الرسوم السنوية، وذلك طبقاً لبيانات بوز وشركاه، بل من المتوقع أن يزداد هذا الرقم ارتفاعاً.
وهناك حوالي 4400 مدرسة خاصة تعمل في دول المجلس، ينتظم فيها حوالي 1.36 مليون تلميذ، وهذا ليس إلا جزءاً صغيراً من كامل السوق، إذ إن هناك حوالي 35 ألف مدرسة في دول المجلس، تشكل المدارس الخاصة نسبة 14% منها فقط، مما يعني أن فرص الاستثمار في هذا القطاع وفيرة.